متابعات-
تؤكد المراصد المتخصصة باستمرارٍ حصول هزات أرضية داخل المملكة العربية السعودية، وتشير الإحصاءات إلى أن هذه الهزات أخذت تسجل زيادات كبيرة في العدد منذ سنوات، ووفق مختصين فإن الهزات أخذت تقع على نحو شبه يومي.
حصول هزتين أرضيتين خلال أسبوع واحد بمنطقة واحدة هي الباحة التي تقع جنوب غربي المملكة، تثير عديداً من التساؤلات حول سبب هذه الهزات، ومدى خطورتها.
كانت الهزة الأولى التي ضربت الباحة وقعت يوم 31 أغسطس 2022، بقوة 3.62 درجات على مقياس ريختر، بحسب ما أعلنته هيئة المساحة الجيولوجية السعودية. ثم ضربت هزة أرضيةٌ الباحة، شعر بها بعض السكان.
الباحث في الطقس والمناخ، عبد العزيز الحصيني، قال في تغريدة على حسابه بمنصة "تويتر"، إن سبب زلزال الباحة والهزة الأرضية الأخرى التي وقعت يعود إلى للإجهاد الناتج عن قوة الشد، بسبب اتساع قاع البحر الأحمر.
أما الهزة الأخيرة التي وقعت يوم 4 سبتمبر 2022، فوفق متحدث هيئة المساحة الجيولوجية طارق أبا الخيل، فهي "صغيرة جداً"، موضحاً: "نحن لا نتناول هذه الهزات في العادة؛ إلا أن قربها من سطح الأرض وشعور بعض السكان بها فرضا التحدث عنها".
لكن حديث "أبا الخيل"، على الرغم من كونه مطمئناً فهو من جانب آخر يكشف أن هناك هزات عديدة لا تهتم بحدوثها الجهات المختصة، لكونها بعيدة عن سطح الأرض وغير ذات تأثير.
وهو ما يكشف عنه أبا الخيل في تصريح سابق، إذ يؤكد أن المملكة العربية السعودية تتعرض وبشكلٍ يومي لهزاتٍ أرضية وزلازل خفيفة في مناطق مختلفة، تكون غير محسوسة في معظمها ولا تُثير أي نوعٍ من القلق؛ فعلى سبيل المثال سجلت محطات الشبكة الوطنية للرصد الزلزالي التابعة لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية 7172 هزة أرضية لعام 2018 داخل الصفيحة العربية وما حولها.
لكن هذه الهزات لم تكن ذات تأثير؛ لكونها بعيدة عن سطح الأرض وضعيفة.
وفقاً لصحيفة "اليوم" المحلية يقول الخبير في الطقس زهير نواب، حول الهزات الأرضية بالسعودية، إن سبب هذه الهزات هو وجود صدع خليج العقبة التحولي ذي الإزاحة الجانبية اليسارية، وهو أحد ثلاثة محاور حركية مهمة تلتقي في شمال البحر الأحمر مع صدع خليج السويس وصدع محور منتصف البحر الأحمر الانفتاحي.
وبيّن أنه من المعروف علمياً حدوث حركة نسبية سنوية على امتداد صدع خليج العقبة بين شبه جزيرة سيناء والجزيرة العربية، يتراوح مقدارها بين 4 و6 مليمترات سنوياً.
وبحسب تصريح للخبير الجيولوجي حمد آل هتيلة، فإن المناطق الأكثر عرضة للزلازل بالمملكة هي بالترتيب المنطقة الغربية، فالمنطقة الشرقية، مبيناً أن المنطقة الغربية من أكثر المناطق المعرضة للنشاط الزلزالي في شبه الجزيرة العربية.
وأوضح أن الرياض أقل المناطق عرضة لحدوث زلازل، بسبب أرضيتها الصلبة وتعدد طبقاتها الصخرية.
خطورة زلازل المملكة
مخاطر الزلازل في المملكة العربية السعودية تصنف بالمعتدلة، وفقاً لمعلومات النمذجة المتوافرة حالياً، حسبما يذكر "مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث".
هذا يعني أن هناك فرصة بنسبة 10% لحدوث زلزال يحتمل أن يتسبب في أضرار خلال الأعوام الخمسين المقبلة.
بناءً على هذه المعلومات، الحكومة السعودية مثل باقي الحكومات الخليجية، مدعوة لمراعاة تهديدات الأنشطة الزلزالية في جميع مراحل الإنشاءات والتصميم.
وسجلت السعودية هزتين أرضيتين خلال العام الماضي، وهي متأثرة بالنشاط الزلزالي في منطقة بوشهر الإيرانية.
وقد يُعزى حدوث الزلازل المفاجئة أو النادرة، خاصة في الدرع العربية بالمملكة العربية السعودية، إلى تراكم إجهاد الصفائح التكتونية الإقليمية واسعة النطاق التي تضغط على تصدع البحر الأحمر.
ولا تؤثر الهزات الأرضية التي تقع في مصر والعراق وتركيا وإيران على السعودية، خاصة مع بعد المسافة، إلا إذا كانت زلازل قوية ووقعت في مناطق قريبة من حدود المملكة، مثل وقوعها بمناطق سيناء، أو في أقصى جنوبي العراق وجنوب غربي إيران.
أقوى زلازل المملكة
وعلى الرغم من استمرار وقوع الزلازل في السعودية، فإن قليلاً منها اعتُبرت مؤثرة، خلال الأعوام الثلاثمائة الماضية.
ويعتبر الزلزال الأقوى في تاريخ المملكة هو الذي وقع في عام 1710م، وأدى إلى انهيار الركن اليماني في الكعبة المشرفة.
ثم الزلزال الذي وقع في عام 1994 وقد بلغت قوته 4.1 درجات على مقياس ريختر، أي إنه كان من النوع المتوسط، فيما ألحق زلزال العقبة الأردنية الذي وقع في عام 1995 وبلغت شدته 7.1 درجات، الضرر بمنطقة تبوك ومركز البدع.
وفي عام 2009 تعرضت منطقة حرة الشاقة شمال شرقي مدينة ينبع، لزلزال بلغت قوته نحو 5.4 درجات، وقد أحدث بعض النتائج المدمرة من انهيارات للمباني في منطقة العيص التي تبعد عن منطقة حدوث الزلزال بنحو 40 كم.
وتعرضت جازان لزلزال في عام 2014، بلغت قوته 5.1 درجات على مقياس ريختر. كما تعرضت تبوك لزلزال وقع في عام 2015، بلغت قوته 4 درجات على مقياس ريختر، ولم تنتج أي آثار مدمرة نتيجة له.
وتعرضت تبوك أيضاً لزلزال في عام 2016 بلغت قوته 4.5 درجة على مقياس ريختر، شعر به سكان منطقة حقل والبدع، ومركز بئر بن هرماس ومنطقة خليج العقبة.
أسباب بشرية
عدة دراسات أمريكية سابقة ربطت بين الزلازل وعمليات حقن المياه المنتجة، التي تنتج بشكل ثانوي إلى جانب النفط والغاز في أثناء عمليات التنقيب بالآبار النفطية، وهو ما يعني أن أسباباً بشرية وراء ارتفاع الهزات الأرضية.
ذلك أيضاً ما أكده في تصريحات صحفية سابقة، رئيس الجمعية السعودية لعلوم الأرض المشرف على مركز الدراسات الزلزالية في جامعة الملك سعود د. عبد الله محمد العمري، إذ يلفت إلى أن عمليات حقن الآبار تؤثر على طبقات الأرض وتتسبب بوقوع هزات أرضية.
العمري -وفق صحيفة "عكاظ" المحلية- يرجع أيضاً الهزات الأرضية التي تعرضت لها مناطق في السعودية ومنها الباحة، إلى صدوع تستعيد نشاطها بين آونة وأخرى بسبب الأنشطة البشرية للإنسان، ومنها شق الطرق وحفر الأنفاق.
العمري عد الدرع العربية من أقوى وآمن الدروع؛ لكونها لم تتعرض للزلازل منذ 2000 عام، خصوصاً أن سُمكه يبلغ 35 كم.
وكشف أن عُمر الصدوع في البحر الأحمر يعود إلى ملايين الأعوام، محملاً استعادتها لنشاطها إلى مياه السدود، لكون المياه تمتد لمئات الأمتار، وتُحدث خلخلة في قشرة الأرض.
وأوضح العمري أن "الجزيرة العربية محاطة بـ5 أحزمة زلزالية، الأول يبدأ من مضيق باب المندب ويمتد إلى شرم الشيخ، ويتفرع عنه 7 صدوع مستعرضة (شمال شرق، وجنوب غرب) وتضعف كلما اتجهنا شمالاً، ويزيد نشاطها باتجاه فرسان (تقع في البحر الأحمر في منطقة جازان) بحكم البؤر البركانية".