متابعات-
قال تقرير نشره "منتدى الخليج الدولي" إن مراهنة قطر على تعزيز قوتها الناعمة عبر تنظيم كأس العالم 2022 يبدو شبه مضمون، لكنه ينطوي على مخاطر قد تسبب أيضا "ضعفا ناعما"، إذا تزايدت مساحة الانتقادات لملفات حول البطولة، مثل ملف حقوق العمال الذين شيدوا المنشآت التي ستستضيف المونديال، وبعض الانتقادات التنظيمية التي يتوقع أن تندلع خلال الأسابيع المقبلة.
وضرب التقرير، الذي كتبته الأكاديمية "ديانا جاليفا" بجامعة أوكسفورد، وترجمته "الخليج الجديد"، مثالا على الانتقادات التي تزايدت عقب استضافة ملعب لوسيل، الذي سيشهد المباراة النهائية لكأس العالم، للمباراة الاستعراضية التي جمعت الهلال السعودي والزمالك المصري، حيث تلقى الملعب مراجعات سيئة، بما في ذلك شكاوى حول سوء تكييف الهواء، ونقص الماء والحمامات، والطوابير الطويلة أمام وسائل النقل العام.
وفي حين اعتبرت معظم التحليلات أن استضافة كأس العالم هي مثال على نجاح القوة الناعمة لقطر وزيادة نفوذها دوليا، يجادل "توماس بوني جيمس"، من جامعة قطر، في مدى تأثير الاعتماد المفرط على القوة الناعمة على تأثير الدولة على المدى الطويل.
في المقابل، يرى "بول براناجان" و"ريتشارد جوليانوتي" بأن جهود قطر لإبراز القوة الناعمة من خلال استضافة كأس العالم 2022 قد تتحول بدلا من ذلك إلى "إضعاف ناعم" بسبب الانتقادات التي تلقتها.
وتلفت الكاتبة إلى أنه منذ عام 1995، مع تولي الشيخ "حمد بن خليفة آل ثاني"، توسعت قطر في استخدام ما يمكن اعتبارها "القوة المستأجرة"، عبر نسج علاقات مع الجهات الفاعلة غير الحكومية، مثل مجموعات الإسلام السياسي، والقبائل، والكيانات الإعلامية، والمنظمات الرياضية، لـ"تأجير" تأثير تلك الجهات واستخدامه لصالح الدوحة.
وتعتبر الكاتبة أن قطر استخدمت خزائنها التي لا نهاية لها لاستئجار البريق والهيبة التي يوفرها كأس العالم، حيث أنفقت مبالغ كبيرة في جذب نجوم الرياضة العالميين كسفراء، بمن فيهم الفرنسي الفائز بكأس العالم "زين الدين زيدان"، ولاعب برشلونة الأسطوري ومديره "بيب جوارديولا".
وقد تعاملت قطر مع الجهات الرياضية غير الحكومية بطريقتين رئيسيتين: أولاً، الاستفادة من تأثيرهم من خلال استضافة الأحداث الضخمة وشراء أندية كرة القدم البارزة (مثل شراء باريس سان جيرمان).
ثانيًا، بيع العلامة التجارية القطرية من خلال رعاية القمصان مع الأندية الشهيرة (مثل نادي برشلونة ، بايرن ميونخ ، روما).
واستضافت قطر أيضا العديد من المسابقات الرياضية العالمية إلى جانب كأس العالم، بما في ذلك دورة الألعاب الآسيوية في الدوحة 2006، وكأس كرة القدم الآسيوية 2011، وبطولة قطر المفتوحة للتنس السنوية.
ومن خلال القيام بذلك، تعاونت قطر بشكل فعال مع الهيئات الحاكمة العابرة للحدود غير الحكومية التي تنظم هذه البطولات، مثل المجلس الأولمبي الآسيوي (OCA)، والاتحاد الآسيوي لكرة القدم (AFC)، والاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA).
وبالنظر إلى الأهمية السياسية لهذه الجهات الفاعلة غير الحكومية، خاصة FIFA، فإن استضافة قطر لكأس العالم 2022 لها أهمية خاصة. وباستضافة المونديال، يقول التقرير، ستنقل قطر قوتها (المستأجرة) إلى آفاق أرحب حول العالم.
ويخلص التقرير إلى أن الأمر سيكون له تكلفة، أبرزها الانتقادات وعزوف الجماهير بسبب أعياد الميلاد واستمرار بعض تداعيات جائحة كورونا وغيرها، وقطر تعلم هذا، لكنها تراهن على أن التنظيم الاستثنائي للمناسبة الأبرز عالميا والتغطية الإعلامية الاحترافية قد يقلل تلك التكلفة.
وسيكون النجاح في هذا من قطر أو الفشل، درسا للحكومات التي تستخدم "القوة المستأجرة" لسنوات مقبلة.