صحيفة "وول ستريت جورنال"-
سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء، الأربعاء، على وضع قطر اللمسات الأخيرة لاحتضان منافسات كأس العالم لكرة القدم، ابتداء من يوم الأحد المقبل، مشيرة إلى تحديات تنظيمية ضخمة ستواجه هذه النسخة من البطولة، على رأسها الاختلافات الثقافية لجماهير المونديال واستيعاب استضافتهم في توقيت واحد، إضافة إلى حقوق العمال والتحديات الأمنية والتنظيمية إزاء تكدس أعداد الجماهير في مساحة صغيرة.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقرير لها، أن قطر تنتظر أن تستقبل إجمالي سياح وجماهير يعادل ثلثي تعداد سكانها، خلال الفترة من 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري حتى 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل، كأول دولة عربية وإسلامية تنال شرف تنظيم هذه الدورة، لافتة إلى أن تنظيم كأس العالم كلف الدوحة مليارات الدولارات كأغلى مونديال في التاريخ.
وأضافت أن قطر أعادت "بناء البلد" من أجل احتضان المونديال، من خلال تشييد ملاعب ضخمة ومنتزهات وفنادق كبرى، وتأهيل سفن ومقطورات لإيواء الزوار الذين يفوق عددهم، عدد غرف الفنادق المتوفرة.
وتعد الاختلافات الثقافية لجمهور المونديال عن القطريين، وحقوق العمال المشاركين في إنشاءات المونديال من التحديات الصعبة أمام تنظيم المونديال، إذ هاجم مسؤولون ولاعبون الحظر الذي تفرضه الدولة الخليجية على ممارسات الشذوذ الجنسي؛ وأعلنت اتحادات كروية أوروبية عن خطط للاحتجاج على هذا التضييق من خلال ارتداء قادة منتخباتها لشارة "One Love"، بألوان قوس قزح لدعم الشواذ جنسيا.
وفيما يخص حقوق العمال، تقول اللجنة المنظمة لكأس العالم في قطر، إنها حسنت قوانين العمل الخاصة بها، ورفعت من معايير وحقوق العمال منذ منحها شرف تنظيم المونديال.
كما أشاد الاتحاد الدولي لنقابات العمال، الذي كان أكبر مطالب بتحسين شروط عمل المهاجرين في قطر، بـ"التحول" الذي قامت به الإمارة في هذا المجال.
أما ما يخص الاختلافات الثقافية للجماهير، فتقول قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إن الجميع مرحب بهم في البطولة بغض النظر عن أصلهم، أو خلفيتهم أو جنسهم أو توجههم الجنسي أو دينهم أو جنسيتهم.
لكن مراقبين يتوقعون أن تتعرض قطر لـ"ضغوط" أخرى على خلفية قدوم مئات الآلاف من الزوار لتشجيع منتخبات بلدانهم، خاصة بعد بيع 2.9 مليون تذكرة من أصل 3.1 مليون تذكرة متاحة.
فمن المتوقع أن يصل عدد جماهير المونديال إلى 2 مليون، في حيز جغرافي صغير، حيث تعد هذه المرة الأولى التي ينظم فيها المونديال في مدينة وحيدة، ما يثير قلقا بخصوص التحديات اللوجيستية والأمنية التي سترافق تنظيم هذه التظاهرة الرياضية.
ويؤكد المسؤولون القطريون أن باستطاعتهم مواجهة التحديات المتعلقة بالتنظيم، من خلال تتبع ومراقبة حركة المرور والنقل وتدفق الأشخاص في جميع أنحاء العاصمة، بما في ذلك داخل الملاعب حيث يمكن لآلاف الكاميرات التكبير لالتقاط وجه واحد.
وفي السياق، يقول "نياس عبدالرحمن"، كبير مسؤولي التكنولوجيا في مركز القيادة القطري لكأس العالم: "لا يوجد ركن في الملعب ليس تحت المراقبة"، مضيفا: "الكاميرات في كل مكان، في كل زاوية وركن، كل ممر، كل غرفة، وكل موقف سيارات".
وسيبعث المركز إشعارات مباشرة إلى حضور المونديال على الهواتف لإعلامهم بخصوص الاختناقات المرورية أو مختلف الأخطار المحتملة في الملاعب وباقي الفضاءات.
وضمن استعداداتها لتنظيم هذه التظاهرة الكروية، سبق أن أرسلت قطر عناصر من شرطتها لحضور أحداث رياضية مثل الأولمبياد ومباريات كرة القدم، وأبرمت اتفاقيات مع 13 دولة للحصول على مساعدة أمنية في التنظيم.
ولتخفيف الازدحام المروري، طلبت الحكومة من المكاتب والمؤسسات العامة فتح أبوابها لمدة 4 ساعات في اليوم وإبقاء 80% من موظفيها في المنزل، كما تمت مواءمة إجازة نهاية السنة الدراسية مع توقيت البطولة.
وهنا تشير "وول ستريت جورنال" إلى مشاكل تنظيمية أخرى تواجه مونديال قطر، تتعلق بإيواء المشجعين، حيث توجد 45 ألف غرفة فندقية في مقابل احتمال وصول مستفيدي ليالي المبيت اليومية إلى 500 ألف شخص.
ولذا فإن "العديد من الزوار يفضلون البقاء في دبي والرياض ومسقط والسفر إلى قطر عبر رحلات يومية مكوكية" بحسب الصحيفة الأمريكية، التي أشارت، في الوقت ذاته، إلى أنه "سيُسمح للمشجعين القادمين في هذه الرحلات التي تستغرق 60 إلى 90 دقيقة البقاء في البلاد لمدة تصل إلى 24 ساعة قبل أن يضطروا للعودة".
وسيكون بمقدور المشجعين التنقل بسهولة بين بلدان المنطقة وقطر، إذ ستسير الخطوط السعودية والكويتية وشركة "فلاي دبي" والطيران العماني أكثر من 160 رحلة يومية اعتبارا من 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، موعد انطلاق المونديال، للذهاب والعودة خلال 24 ساعة.
وفي هذا الإطار، تعمل الخطوط الجوية القطرية على زيادة قوتها العاملة بنحو 10 آلاف إلى أكثر من 55 ألفا، وألغت رحلات جوية لإفساح المجال لمشجعي كأس العالم.
ورغم ذلك، قد تواجه قطر عقبات في استيعاب جميع مشجعي المونديال، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي نوهت إلى أن تحدي تلبية الطلب الإضافي على الفنادق والمساكن دفع الحكومة لاستئجار 3 سفن سياحية من سفينة MSC Cruises الإيطالية، مع آلاف الغرف، للرسو قبالة الساحل.
كما قامت الحكومة القطرية ببناء قرى مؤقتة وخيام صحراوية لآلاف المشجعين، وتعاقدت مع شركة الفنادق الفرنسية "أكور" لإدارة 80 ألف غرفة في المنازل والشقق.