من هنا وهناك » من هنا وهناك

مجلة بريطانية تدافع عن حق قطر في تنظيم كأس العالم وتنتقد التحيزات الغربية ضدها

في 2022/11/18

متابعات-

نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا بعنوان “دفاعا عن قطر واستضافتها لكأس العالم“، وذكرت أنها مكان أفضل لعقد مناسبات كبرى من غيرها. وبدأت بالقول إن العمال الوافدين في قطر يعاملون بطريقة سيئة وهناك قليل من الحرية الجنسية وهي ليست ديمقراطية. وكل هذا صحيح عن قطر التي ستبدأ فيها مباريات على مدى شهر في نهاية الأسبوع. لكن الاتهامات تصح على روسيا التي عقدت المونديال السابق والصين التي عقدت الألعاب الشتوية العام الماضي.

و”في الحقيقة، قطر بلد مناسب لاستضافة مناسبات كبرى وأفضل منهما”. و”في أفضل الحالات يفشل النقد الغربي لقرار منح قطر حق تنظيم المباريات التفريق بين الأنظمة المقززة وتلك التي تعاني من عيوب. وفي أسوأ الحالات فهو نقد ينم عن التحيز الأعمى. ويبدو الكثير من المعلقين الغاضبين وكأنهم لا يحبون المسلمين أو الناس الأغنياء”. و”ربما لم تكن قطر ديمقراطية ولكنها ليست دولة استبدادية مقززة تظهر في الافتتاحيات الكاريكاتورية”.

وقد قام الأمير السابق وبدون ضغط بفتح المجال أمام انتخابات من نوع ما. كما أنشأ أيضا قناة الجزيرة والتي تعد صريحة أكثر من منافساتها العربية، “حتى لو بدت متساهلة مع قطر نفسها”، وهذا بعيد كل البعد عن روسيا فلاديمير بوتين، حيث تدخل السجن لوصف الغزو لأوكرانيا بالحرب، علاوة على شجبك إياه. وهي مختلفة أكثر عن الصين التي لا يتم فيها التسامح مع النقد، والنظام العسكري الأرجنتيني الذي نظم مونديال عام 1978 والذي رمى المعارضين من طائرات الهيلوكبتر.

 كما ينظر العالم إلى العمالة الوافدة من خلال عدسة مشوهة. فالإمارة مفتوحة للعمالة الأجنبية أكثر من أمريكا والدول الأوروبية. ويمثل السكان القطريون الأصليون نسبة 12% من عدد السكان، وهي نسبة لا يمكن لأي دولة متنورة التسامح معها. ومع أن هؤلاء المهاجرين يعاملون أحيانا بطريقة سيئة إلا أن المرتبات التي يحصلون عليها تغير حياتهم، وهذا هو السبب الدافع لهم للقدوم في المقام الأول.

ومع أن استضافة الصين للألعاب الأوليمبية مرتين لم يجعلها ديمقراطية إلا أن تنظيم كأس العالم في قطر قاد إلى تحسن في قوانين العمل. كما أن المزاعم التي تقول إن قطر هي عرين الكراهية للمثليين، مضللة، فالجنس بين المثليين غير قانوني، وكذا العلاقات الجنسية خارج الزواج ممنوعة. وحالات محاكمة المنتهكين للقانون قليلة. والقوانين المحافظة التي من النادر فرضها معروفة في كل أنحاء الدول الإسلامية، وقطر ليست الدولة المتميزة في هذا.

ثم هناك مزاعم رشوة قطر المسؤولين للحصول على أمجاد تنظيم كأس العالم، وقد يكون هذا صحيحا، بدون أي دليل واضح قدم للرأي العام. لكن هذا لو حدث يكشف الكثير عن فيفا الهيئة المنظمة للمباريات أكثر مما ينم عن قطر. والعالم دائما بحاجة إلى الدول الغنية وهي بحاحة لسلطات قادرة على الحماية ضد التأثيرات غير المرغوبة.

وترى المجلة أن أقوى جدال ضد قطر هو مناخي. ففي عالم تزداد فيه معدلات الحرارة، من الجنون نقل أعداد كبيرة من اللاعبين والمشجعين والمراقبين للتحرك في ملاعب مبردة بمكيفات هواء يتم تزويدها بالمياه المحلاة من البحر. وحديث الدولة المضيفة عن المناسبة بأنها ستكون محايدة من ناحية الانبعاثات الكربونية مشكوك فيه. لكن هذا هو إثم كل المناسبات الرياضية ولمستوى ما. والفضل يعود للهندسة فتبريد الملاعب لن يكون ملوثا كما يتخيل البعض. كما أن نسبة الانبعاثات الكربونية التي تقول فيفا إنها ستنتج عن المونديال، 3.6 مليون طن من أوكسيد الكربون لا تمثل سوى 0.01% من الانبعاثات العالمية لهذا العام.. وحتى تقرر فيفا إقامة المونديال في النرويج والسويد وفنلندا، فلا يمكن لها أن تعقدها في أماكن لا يتم نقدها عليها. وفكرة عقد مباريات كرة القدم في أماكن مختلفة صائبة، فالعالم العربي والإسلامي حافل بالمشجعين ولم ينظم أبدا المناسبة “لو كان كأس العالم سيعقد في مكان كهذا فقطر الخيار الأفضل وللغاية”.

وفي تقرير آخر قالت المجلة إن جيران قطر يعولون على المناسبة لزيادة معدلات السياحة. فالمشجعون الذين سيشاركون في المونديال الذي سيبدأ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر وعددهم 1.2 مليون مشجع سيبقى بعضهم في قطر وهناك من سيبقى في دول الجوار نظرا لأنهم لم يتمكنوا من العثور على أماكن ميسورة التكلفة للنوم، بينما لم يتشجع البعض الآخر بسبب الحشود أو القيود المفروضة على الكحول. لذا فإن العديد من الدول المجاورة ستستفيد من البطولة – الدول المجاورة التي كانت لا تزال تفرض الحصار على قطر قبل عامين فقط.

وستكون دبي الفائز الأكبر باعتبارها الوجهة الأكثر شعبية في الخليج. حتى في اللحظة الأخيرة لا يزال بها الكثير من الغرف المتاحة. ففي الأوقات العادية، تشغل “فلاي دبي” الناقل الاقتصادي في الإمارة، ثلاث رحلات يومية إلى الدوحة. وسيقفز هذا إلى حوالي 30 في أيام المباريات خلال مرحلة المجموعات، مع تقديم الخطوط الجوية القطرية 15 رحلة أخرى. تخطط شركات الطيران في أبو ظبي، عاصمة الإمارات، والشارقة، وهي إمارة قريبة، لمئات من الخدمات الإضافية.

والإمارات ليست الدولة الوحيدة التي تتوقع ازدهار السياحة. فالسعودية، التي بدأت في استقبال السياح فقط في عام 2019، تخطط لاستقبال عشرات الآلاف من المشجعين الأجانب. سيحصل حاملو التذاكر على تأشيرات دخول مجانية إلى المملكة لمدة شهرين. وقال أحمد الخطيب، وزير السياحة إنه سيكون هناك 240 رحلة أسبوعية بين السعودية وقطر خلال البطولة، مقابل الست المعتادة. حتى عمان الهادئة، التي تتجنب سياحة الأسواق الجماعية، تتوقع أن تكون فنادقها مزدحمة.

وتأهل منتخب السعودية للعب في المونديال، واشترى مواطنوها تذاكر أكثر من أي جنسية أخرى باستثناء القطريين والأمريكيين. ويخطط الكثيرون للبقاء في المنطقة الشرقية للمملكة، بالقرب من الحدود مع قطر، وقيادة سياراتهم لمشاهدة المباريات.

ويقول المسؤولون القطريون إنهم وسعوا المعبر في أبو سمرة لاستيعاب 4000 مسافر في الساعة. وكان هذا مستحيلا قبل بضع سنوات. في عام 2017، فرضت البحرين والسعودية والإمارات (إلى جانب مصر) حظرا على قطر، مما أدى إلى قطع روابط السفر والتجارة. وعلى الرغم من أن قطر هي الدولة المضيفة، إلا أن العديد من المشجعين سينظرون للكأس على أنه حدث خليجي.

يتساءل بعض القطريين، بهدوء، عما إذا كان من الأفضل تقديم عرض لبطولة مشتركة، على غرار تلك التي ستقام في عام 2026، عندما تكون أمريكا وكندا والمكسيك دولا مضيفة مشتركة. حسب بعض التقديرات، أنفقت قطر أكثر من 200 مليار دولار في التحضير. سوف ينفق جيرانها جزءا صغيرا فقط من ذلك، لكنهم يتمتعون بطفرة فورية. وليس كل الجيران يريدون استثمار المناسبة، فالبحرين هي الأقرب إلى قطر، حيث تبعد عنها مسافة 140 كم فقط. ومع ذلك، لم ينظم حكامها رحلات مكوكية أو خصصوا مناطق للمشجعين.