فايننشال تايمز-
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا قالت فيه إن المشجعين الزائرين لقطر لمتابعة مباريات كأس العالم 2022، تجاهلوا التعليقات السلبية عن البلد وقالوا إن تجربتهم كانت رائعة.
وفي تقرير أعده سايمون كير وجوش نوبل، قالا إن المشجعين تجاهلوا الجدل ورحبوا بالطبيعة المدمجة للحدث ومنع تناول الكحول في الملاعب.
وقال الكاتبان إن “سوق واقف” هو أكثر الأسواق صخبا وازدحاما في العاصمة القطرية الدوحة، وهو نقطة التركيز غير الرسمية لكأس العالم، وهو مكان لزيارة المشجعين والاختلاط والتقاط صور سليفي، وتناول الشاي والدخول في مناقشات ذات طبيعة هادئة. فمن مشجعي الفريق الأرجنتيني بكوفياتهم العربية الملونة بشعار الفريق الوطني الأزرق والأبيض، إلى المشجعين الكاميرونيين بطواقيهم المزركشة بألوان المنتخب الوطني الأحمر، الأصفر والأخضر، صنع المشجعون في شوارع السوق وأزقته الضيقة ما يشبه “أمماً متحدة مصغرة” لكرة القدم.
وقال بول ويليامز، الذي جاء إلى قطر لتشجيع منتخب ويلز: “لو ذهبت إلى السوق لشاهدت الناس يتجولون فيه من 32 جنسية” وهو “أمر رائع بالمطلق”.
وتعلق الصحيفة أن التعليقات في الإعلام الغربي قبل انطلاق المونديال، هيمن عليها التركيز على عدم مناسبة الدولة الخليجية لاستضافة المسابقة الرياضية. وساقوا جملة من الأسباب منها الفساد وحقوق الإنسان، خاصة معاملة العمالة الأجنبية التي شاركت في بناء الملاعب والبنى التحتية، إلى جانب عدم التسامح بشأن المثلية الجنسية. وبدأت المباريات بعدد من المشاكل الفنية، حيث حضر المشجعون ليجدوا أن أماكنهم المحجوزة ليست جاهزة، ومُنع بعضهم من دخول الملاعب، إصافة إلى الجدل حول ارتداء البعض شارة المثليين داخل الملاعب.
إلا أن الكثير من المشجعين تجاهلوا هذه الأمور الجدلية. وبعد إنفاق كميات ضخمة من المال للسفر إلى الخليج، فهم يفضلون ترك كرة القدم بمفاجأتها المثيرة مثل الفوز السعودي غير المتوقع على الأرجنتين، والتقدم المفاجئ لأستراليا في المواجهات الكروية ووصولها إلى دور الـ16، على الاهتمام بالمشاكل التي واجهتهم وعدم القدرة على تناول الكحول في بلد مسلم.
وقال مشجع منتخب ويلز، تيري جون: “أعتقد أن هناك الكثير من التخويف الذي ظهر في الإعلام.. قضينا وقتا رائعا”. وتضيف الصحيفة أن الطبيعة المدمجة لكأس العالم وكون المباريات تجري على سبع ملاعب فقط في عاصمة دولة خليجية عدد سكانها 3 ملايين نسمة، قد أثرت على تجربة المشجعين مقارنة مع تجارب أخرى. وتحول خط المترو الجديد الذي يصل طوله 76 كيلومترا، إلى مكان للقاء المشجعين وتبادل الأحاديث والتجارب. ونظرا للأجندة المكثفة للمباريات، فقد سمحت للمشجعين بحضور عدة مباريات وفي أيام قليلة.
وبعد تجربة قطر، بدأ المشجعون الدائمون ينظرون بقلق إلى المدن القادمة التي ستنظم كأس العالم في عام 2026 والتي ستتوزع على كندا والمكسيك والولايات المتحدة والساعات التي سيقضونها في المطارات.
فقد استطاع سيل سولوف، مدير شركة إنكليزية، حضور 10 مباريات لكأس العالم في تسعة أيام. وقال: “نحن هنا لمتابعة كرة القدم، فنحن إما في البارات نشاهد المباريات، أو نائمون”. وتضيف الصحيفة أن قرار قطر في اللحظة الأخيرة منع تناول الكحول في الملاعب أثار عناوين سلبية، نظرا لأن الخمر يعتبر جزءا من تجربة مشجعي كرة القدم. لكن الكثيرين قالوا إن المنع ساهم في تخفيف الحدة العدوانية وخلق جو عائلي.
وقال ويليامز: “لم يكن أمرا سيئا عدم تناول الكحول” في الملاعب. وبالنسبة لأجنحة ضيافة الشركات، فالخمر والبيرة الباردة متوفرة قبل وأثناء وبعد المباريات. وهناك سائقون جاهزون لنقل الضيوف من مباراة إلى أخرى. ويعتقد المسؤولون أن هناك الكثير يجب عمله لكي تكون مباريات كأس العالم ناجحة، فهناك مقاعد فارغة في بعض المباريات، وتحذيرات حول طريقة التحكم بالجماهير، بما في ذلك تدفق الجماهير إلى منطقة معينة. وكذا مصادرة شارات المثليين أو الأعلام التي ترى السلطات أنها تعبر عن رموز سياسية. وحدث بعض الخلل الفني في تطبيق “هيّا” من أجل دخول قطر، بشكل أدى إلى عدم ركوب المشجعين الطائرات في الوقت المحدد.
وفي الإمارات، حيث حجز مشجعون للسفر إلى الدوحة، لم يكن بعضهم قادرا على ركوب الطائرات المتوجهة للعاصمة القطرية بسبب الأوراق الرسمية. ويأمل آخرون أن تؤدي جولة خروج المغلوب التي ستبدأ السبت في تحرير عدد من الغرف بالفنادق وبيوت الضيافة، وفتح المجال أمام القادمين بشكل يغني التجربة.
وقال أبو القاسم السوداني المقيم في قطر، إن نظام التأشيرات سمح للقادمين من عالم الجنوب بحضور المباريات أكثر مما لو كانت الدولة المضيفة أوروبية مثلا. وقال الطالب المقيم في الأردن عمر تيسير، والذي توشح بالعلم الفلسطيني، إن قطر كانت مرحبة، وإن دخوله كان سهلا مقارنة مع المحاولات المتعددة لدخول بريطانيا رغم حصوله على منحة دراسية.
وأشار آخرون إلى أن مباراة كأس العالم الحالية كانت آمنة مقارنة مع زيارات لمدن في مباريات أخرى. وقال المحامي بنجامين ليم، من لندن: “لسنا قلقين من الجريمة والنشل… غياب الكحول النسبي يجعلني غير قلق على والديْ في السبعينات من عمرهما”.
وبعيدا عن كرة القدم، تمتع الزوار بزيارة المعالم السياحية، مثل السفر عبر سيارات الدفع الرباعي في رمال الصحراء، وزيارة متحف الدوحة، والمشهد الكرنفالي في السوق. وقال أمين شيبة، مغربي- إيطالي إنه هرب من “الضباب والبرد” في مدينته بولونيا بعدما حصل على تذكرة لمشاهدة كأس العالم لمدة أربعة أيام: “جو ملائم للعائلة ومكان جيد للأطفال” وكان يتحدث بعد زيارته المكتبة الوطنية القطرية بين المباريات.
ووافق كريس أيريس، المحلل المالي من الولايات المتحدة بأن كأس العالم “جمع الكثير من الناس معا”. وقال: “كانت تجربة رائعة للجميع.. كل واحد كان سليما وشعرت بالأمن في كل مكان.. وباستثناء المنتخبات التي واجهت مباريات صعبة، كان الجميع سعيدا بوجوده هنا”.