من هنا وهناك » من هنا وهناك

وزير الخارجية القطري: مباريات كأس العالم “استثنائية” والنقد الذي تعرضنا له غير مسبوق وبدون أساس

في 2022/12/12

صحيفة “واشنطن بوست”- 

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقابلة مع وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حول مباريات كأس العالم، التي وصفها بأنها “الأكثر شمولية بين مباريات الفيفا السابقة”.

وقال إيشان ثارور الذي أجرى المقابلة مع أكبر دبلوماسي في قطر، إن مباريات كأس العالم العام ستبقى عالقة في أذهان الكثير من الغربيين بأنها “مثيرة للجدل وكل الكلام عن حقوق العمالة والمثليين“، حيث قامت منظمات حقوق الإنسان والصحافيون بإحصاء عدد العمال الذين ماتوا أثناء إنشاء البنى التحتية بعد حصول قطر على حق تنظيم المونديال في عام 2010. إلا أن الوزير عبد الرحمن آل ثاني يريد من الناس النظر إلى منظور آخر، وهو مشاهد الفرح للمشجعين والشعور العام بالمرح الذي خلقته المباريات في الشرق الأوسط، الذي يشهد أول مونديال في هذه المنطقة، إلى جانب الإصلاحات الحقيقية في قوانين العمل التي قامت بها الدولة القطرية.

وقال عبد الرحمن آل ثاني إن بلاده تعرضت لأمر غير مسبوق، وإن مواقف وسلوك بعض وسائل الإعلام تجاه قطر كان “سلبيا ومخيبا من وجهة نظرنا”، وأضاف: “حاولوا الحكم على قطر ليس بناء على الحقائق، وليس بناء على الحضور وفحص الحقائق”، ونعتقد أن هذه هي “أكثر البطولات شمولية في كأس العالم.. كان هناك أناس من دول مختلفة وخلفيات متعددة ممن لم تتح لهم أبدا فرصة مشاهدة المباريات سابقا. ولو نظرت إلى ديمغرافية المشجعين، فهناك مشجعون هنود ومشجعون من باكستان ومن جنوب شرق آسيا ومن المنطقة العربية ومن أوروبا ومن أمريكا اللاتينية ومن وسط آسيا، كلهم جاءوا إلى هنا واستمتعوا بكرة القدم”.  وأضاف: “فكّر باستثنائية هذه المباريات في مكان صغير بحجم (ولاية) كونيكتيكت الأمريكية. يمكن للناس حضور أربع مباريات في اليوم، وجعل كرة القدم متاحة للناس الذين لم يحلموا أبدا بمشاهدة كرة القدم علاوة على متابعة عدة مباريات”.

وأضاف الوزير القطري: “بصدق، فقد كانت المكافأة الكبرى لنا في قطر هي الطريقة التي استمتع بها المشجعون. شاهدنا أن البعض سواء على منصات التواصل أو وسائل الإعلام نشر تقارير غير محايدة. ومعظم الزوار قضوا تجربة إيجابية في قطر. أنا متأكد، رغم وجود ملاحظات سلبية هنا أو هناك، ولكن معظمهم تحدثوا عن الضيافة في هذا البلد وسكانه وطيبتهم، وهو أمر نفتخر به. نريد إظهار أن العالم العربي ليس مكان النزاعات، ولكن الاحتفالات بهذه الكرة الجميلة”.

وعن حقوق العمالة والنقد البنّاء في بعض ما قيل بالخارج عنها، أجاب الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: “لم نزعم أبدأ أن بلدنا كامل، ولم نزعم أبدا أن ظروف العمال تامة، ولكن عندما تم إبراز مظاهر القلق هذه، اعترفت قطر بها وتعاملت معها بجدية. وتم تنفيذ كل الإصلاحات التي أقرتها قطر خلال الـ12 عاما الماضية، وتم تصوير قطر بأنها تتجاهل واقع وجود قضية، وهذا ليس صحيحا”.

وأضاف أن الحكومة جلبت قبل 8 أعوام فريقا من المحامين المستقلين الذين قاموا بفحص وضع العمال، وحددوا الثغرات ونقاط الضعف في التشريعات أو في نظام العمل في البلد. وتعاملت الحكومة مع تقرير الخبراء بجدية، وكذا التوصيات التي كانت في حينه 120 توصية. وتم التعامل مع الكثير منها ومن بلد المنشأ. كما فتحت قطر أبوابها للمنظمات غير الحكومية، ولا يوجد بلد في المنطقة تبنى سياسة الأبواب المفتوحة كما فعلت قطر. وقال الوزير إن منظمتيْ هيومان رايتس ووتش وأمنستي إنترناشونال، تستطيعان زيارة قطر ونشر تقاريرهما فيها، وهو أمر لا تستطيعان فعله في دول أخرى. وقال: “لسوء الحظ، قامت منظمات غير حكومية ومؤسسات إعلامية بمهاجمة قطر دون الاعتراف أو الترحيب بكل هذه التطورات التي حدثت. هذا إنجاز لنظام الحكومة الذي تم تغييره في 10 أعوام. لم تتغير أوروبا في 10 أعوام، ولم تتغير الولايات المتحدة في 10 أعوام.. نشكر كأس العالم الذي ساعدنا على تسريع كل هذه الأنواع من التغيير”.

وقال الوزير القطري إن النقاد ظلوا يوجهون أصابع النقد للحكومة وليس الشركات، ولو حدث استغلال للعمالة في أوروبا، فاللوم يقع على الشركة وليس الحكومة التي يتجنب النقاد اتهامها.

وعن الأرقام التي سيقت للوفيات أثناء بناء منشآت كأس العالم، قال الوزير: “لو نظرت إلى الإحصائيات، فلدينا معدلات وفيات تنشر كل عام. وتقوم على الجنسيات، ولا نحددها بناء على الوظائف. وهو التوصيف الذي نستخدمه، وهذه دائرة أنشئت قبل أعوام ولا نتوقع منها نشر كل المعلومات والتفاصيل، فهي بحاجة للخبرة وهذه رحلة تحتاج إلى الوقت”. وأضاف أن اللجنة العليا المسؤولة عن تنظيم المباريات وإنشاء المباني، نشرت أرقامها المتعلقة بمواقع كأس العالم، وقال: “وفاة واحدة هي خسارة كبيرة، لكن حالات الوفاة طوال فترة التحضير كانت 3 فقط، وتم تكرار هذا وتأكيده في أكثر من مرة”. واتهم الوزير نقادَ البلد بأنهم لا يريدون الاستماع للجانب الآخر.

وعن منع الشارات المثلية، أجاب الشيخ محمد بن عبد الرحمن: “قلنا مرارا إننا نرحب بالجميع. وما طلبناه من الزوار هو الحضور والاستمتاع بالألعاب، ركزوا على الكرة واستمتعوا بالثقافة وبالضيافة في البلد. واحترموا فقط القوانين، وهو أمر متوقع من القطريين عندما يسافرون إلى الخارج، احترموا قوانينا وتقاليدنا”. وقال: “ليس من شغلنا فحص الأرضية لكل القادمين، عملنا أيا كان، هو (مواجهة) أي شيء يؤثر على السلامة العامة أو إهانة الناس. وهذا غير مقبول. ينطبق هذا على (إل جي بي تي) أو رجل وامرأة، وهو أمر لا يتم تقصدّه تجاه مجموعة معينة. قلنا إن المظاهر العاطفية في الأماكن العامة ليس مسموحا بها في قطر، وهذا ينطبق على كل شخص”. وعندما ذكّره الصحافي أن المسألة ليست عواطف بل شارات، رد الوزير: “ما يحدث في الملاعب هو شأن الفيفا، أما خارجها فهو مسؤوليتنا”.

وعلق الوزير القطري أن إرث مباريات كأس العالم “تاريخي”، وقال: “جمعنا كل هؤلاء الناس من أجل التعرف على الشرق الأوسط”، و”نحن متأكدون 100% بأن البطولة ستساعد على تغيير مفاهيم الكثير من الناس حول العالم عن المنطقة. أما الأمر الثاني، فكل هذه البنى التحتية التي خططت لها قطر حتى قبل التقدم للمناسبة، هي جزء من رؤية 2030، وساعد كأس العالم على تسريعها وتحقيقها وإنجازها. وستساعد على خدمة التنويع الاقتصادي وانتعاش السياحة”.

وعن المشاعر العروبية ودعم المغرب، قال: “هذا أمر يجعلنا فخورين جدا، وأن قطر، هذا البلد الصغير، كان قادرا على جمع كل العرب معا. هذا هو جمال وسحر الكرة نفسها، كيف تجمع الناس من أرضيات مختلفة، عربا وغير عرب، معا. لن ترى هذا أبدا في الغرب، بل يمكن رؤيته هنا نظرا لوجود محدد مشترك يجمعنا معا. نؤمن أننا ننتمي جميعا لبعضنا البعض. رأيت هنا كيف اختلط الناس في قطر، والطريقة التي اختلط فيها المشجعون والناس، وهو أمر رائع، ولا أعتقد أننا شاهدنا هذا من قبل وربما لن نراه أبدا”.

وعن اللقاءات الجانبية بين أمير قطر وقادة بعض الدول العربية التي قاطعت بلاده في وقت سابق، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن: “في ضوء الأزمة التي مررنا بها، نعتقد بأهمية الاجتماع أكثر من فرقتنا. ونؤمن بالوحدة (الخليجية)، وهذا لا يعني أننا نتفق على كل شيء، فلدينا خلافاتنا، دعنا نبني على الهدف المشترك، ولا يمكننا إعمار كل شيء ونعرف أن هذا يحتاج لوقت، ولكننا نرى استعداد القيادة لإعادة العلاقات إلى المكان الذي كانت عليه”، مضيفا: “نؤمن أننا مترابطون مهما كانت خلافاتنا بشأن السياسات، وأن نتعالى على الخلافات، ونركز على التحديات، ونرى العالم مستقطبا، ونرى أثر الحرب الروسية على أوكرانيا، وأثر كوفيد، والأزمة العالمية حولنا والتي تؤثر علينا بشكل مباشر أو غير مباشر. وإن لم نعمل معا ونبني نظامنا المدمج وقدرتنا المدمجة، فلن نكون قادرين على النجاة من هذه التحديات”.

وعن المحفزات التي أثارت الأزمة السابقة والمتعلقة بالسياسة الخارجية المستقلة لقطر، والمفهوم عن دعمها للاعبين معينين مثل الإسلام السياسي والإخوان المسلمين، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن إن الجزء الأول من المفهوم هو الحقيقة “فنحن نتفق على بعض السياسات ونختلف على البعض الآخر بناء على تقييماتنا وتقييماتهم. دعنا نعمل على ما نقوله ونتفق عليه. وما نختلف عليه، دعنا نتفق أننا نختلف عليه ونحترم خلافنا”. و”لكن هناك مفهوما خاطئا، وهو الجزء الثاني من السؤال، بأن قطر تختار لاعبين في المنطقة لكي تدعم شيئا ما، لم يكن هذا هو الحال بالنسبة لقطر. فنحن لا ندعم موقف الإسلام السياسي أو جانب الأحزاب الليبرالية ضد الأحزاب العلمانية، هذا ليس عملنا، فنحن لسنا حزبا سياسيا. وربما اتخذنا خطوات معينة عند بداية الربيع العربي (دعم عناصر مؤيدة للديمقراطية في العالم العربي عام 2011) ولكن هذه الخطوات لم تُتخذ إلا عندما شاهدنا سكان تلك البلاد يقصفون أو يصبحون ضحية مجازر.. حينها تحركنا بشكل جماعي، ربما ليس مع مجلس التعاون الخليجي بل مع دول أخرى”.