نيويورك تايمز-
قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن دولة قطر حصلت على ما تريده من كأس العالم، أي أن تكون في مركز الاهتمام الدولي.
وقال طارق بانجا، الذي تابع مسيرة قطر لكأس العالم منذ عام 2010 بعد منحها حق تنظيم مونديال 2022: “في النهاية حصلت قطر على ما تريد”، فالإمارة الصغيرة لم ترغب بشيء أكثر من أن تكون لاعبا على المسرح الدولي، عندما قررت المشاركة في منافسات تنظيم كأس العالم في محاولة لم تكن محتملة، وهي مناسبة تعتبر من أهم المناسبات الرياضية في العالم. وكلف تنظيم المناسبات أكثر مما يمكن للواحد تخيله، المال والأرواح والوقت.
وفي يوم الأحد وعندما ملأت الألعاب النارية السماء فوق ملعب لوسيل ووسط غناء المشجعين الأرجنتينيين حيث حمل نجمهم ليونيل ميسي كأس العالم الذي انتظره طوال حياته كان الجميع حول العالم يعرفون اسم قطر. وكانت المباراة الختامية المذهلة التي لعبت فيها الأرجنتين ضد فرنسا، وأول كأس عالم لميسي أفضل لاعب في العالم، ومباراة لم تحدد نتيجتها إلا بعد ستة أهداف وركلات الترجيح، تأكيدا لهذا. وللتأكيد على علامة قطر على كأس العالم، تم وضع عباءة مذهبة على ميسي الفرح جدا وهو في طريقه لأن يأخذ كأس العالم. والبشت هي العباءة التي تلبس في المناسبات العامة قبل أن يحمل كأس العالم وزنته 18 قيراطا من الذهب الخالص.
وأنهى الاحتفال عقدا مضطربا من حصول قطر على حق تنظيم البطولة وسط فضيحة رشاوى في الفيفا ومزاعم انتهاكات حقوق الإنسان ومزاعم وفاة العمال الوافدين أثناء بناء الملاعب و200 مليار دولار كلفة تنظيم المباريات، وظللت بالقرارات المثيرة للجدل من منع تناول الكحول في الملاعب إلى لبس شارات المثليين.
لكن قطر ظلت وعلى مدى شهر مركز العالم، ونظمت حفلة لم تكن أي من جاراتها في العالم العربي قادرة على عملها، وهي حفلة لم يكن أحد يفكر بها أو يتخيلها عندما قام سيب بلاتر، رئيس الفيفا بإخراج الورقة في قاعة المؤتمرات في زيوريخ في 2 كانون الأول/ديسمبر 2010، موضحا أن قطر ستقوم بتنظيم مباريات كأس العالم عام 2022. وكانت قطر آخر دولة محتملة لتنظيم كأس العالم: بلد صغير افتقد الملاعب والبنى التحتية والتاريخ لكي يتنافس على تنظيم المباريات التي اعتبرت “مخاطرة كبيرة” من قبل المقيمين في الفيفا، ولكنها استفادت من توفر المال لديها.
وبناء على توفر مصدر لا ينتهي من الثروة لكي يمول الطموح، مضت قطر في مشروع طموح لبناء وإعادة بناء البلد من أجل مباريات تستمر مدة شهر. وأنفقت قطر المليارات داخل حدودها، حيث تم بناء سبعة ملاعب جديدة ومشاريع بنية تحتية أخرى أقيمت بكلفة مالية وبشرية عالية، وعندما لم يكف هذا، أنفقت قطر في الخارج على شراء فرق النجوم وحقوق الرياضة بالمليارات من الدولارات واستأجرت الرياضيين والنجوم الرياضيين لدعم قضيتها.
كل هذا كان حاضرا يوم الأحد، فمع نهاية المباراة النهائية في ملعب لوسيل الذي كلف مليار دولار، لم تكن قطر تستطيع الخسارة، فقد تم عرض المباراة في كل أنحاء الشرق الأوسط عبر قنوات بي إن سبورتس، عملاق البث الرياضي الذي تم افتتاحه في أعقاب فوز قطر بحقوق تنظيم المنافسات. وتستطيع قطر الزعم أن أشهر لاعبين في العالم لعبا على ملاعبها وهما ليونيل ميسي وكيليان إمبابي، وكلاهما متعاقدان مع فريق باريس سان جيرمان الذي تملكه قطر. وانتهى إمبابي الذي سجل ثلاثة أهداف في مباراة “هات تريك” وهو ما لم يسجل منذ نصف قرن على العشب، وهون عليه الرئيس إيمانويل ماكرون، الضيف على أمير قطر، في وقت رقص فيه اللاعبون الأرجنتينيون حوله.
قدمت المسابقة حكاية مقنعة وأحيانا مثيرة للقلق منذ بداية الافتتاح في استاد البيت، وهو ملعب ضخم صمم لكي يبدو مثل خيمة بدوية. وفي تلك الليلة جلس أمير قطر إلى جانب ولي العهد السعودي، الحاكم الفعلي محمد بن سلمان، وبعد أقل من ثلاثة أعوام من مقاطعة السعودية وجاراتها قطر. وعلى مدى شهر عقدت الصفقات والتحالفات، ولم يكن الفريق القطري عاملا، فقد خسر كل المباريات، وخرج من البطولة بسجل سيئ لدولة مضيفة. وكانت هناك تحديات أخرى، منها منع تناول الكحول في داخل الملاعب وقبل أيام من بدء المباريات، وهو قرار ترك “باديوايزر” غاضبة مع أنها تعتبر راعية قديمة للفيفا. وفي اليوم الثاني، منعت الفيفا مجموعة من الفرق الأوروبية من ارتداء شارة المثليين وهددت بتوجيه البطاقات الصفراء لأي لاعب يفعل هذا، ثم منعت قطر المشجعين الإيرانيين من رفع شعارات سياسية ضد إيران.
وفي داخل الملعب، كانت هناك مفاجآت وأهداف عظيمة وأهداف كثيرة صنعت نجوما جددا معظمهم من العالم العربي. أولا من السعودية التي تزعم أنها هزمت حاملة اللقب الحالية، الأرجنتين. ثم المغرب التي وصلت مرحلة خروج المغلوب مرة في تاريخها، أصبحت أول دولة عربية وأفريقية تصل إلى مرحلة نصف النهائي، واستطاعت تحقيق انتصارات ضد فرق أوروبية، مثل بلجيكا وإسبانيا والبرتغال ونجمها كريستيانو رونالدو. وقادت هذه الانتصارات لاحتفالات في العالم العربي وعدد من العواصم العربية، ومنحت أيضا منصة في قطر لدعم القضية الفلسطينية، وهو تدخل سياسي لم يفعل المسؤولون القطريون شيئا لمنعه.
ويقول الكاتب إن منصات المشجعين كانت تبدو فارغة في بعض المباريات لكي تمتلئ عندما تفتح البوابات بشكل ملغز، والمشجعون هم من العمال الوافدين من الهنود والبنغلاديشيين والنيباليين الذين كانوا الأبرز حضورا من بين مليون زائر سافر إلى قطر لحضور المباريات. ومع نهاية كأس العالم ذهب معظم المشجعين تاركين حوالي 40.000 مشجع أرجنتيني لكي يتابعوا المباراة النهائية، وخلقوا جوا حقيقيا لكأس العالم، غنوا وصفقوا خلال المباراة التي استمرت 120 دقيقة وبعدها، وهو جو لم تكن تستطيع قطر الغنية قادرة على الوصول له بدون هذه المناسبة. وحصل المشجعون الأرجنتينيون على ما أرادوا من كأس العالم وكذا قطر.