ميدل إيست آي - ترجمة الخليج الجديد-
لا شك أن كرة القدم السعودية تعيش خلال الآونة الأخيرة أكثر فتراتها ازدهارا ونجاحا على الصعيدين المحلي والعالمي، وأصحبت محط الأنظار العالمية في العديد من المناسبات.
وتجسد ذلك في الفوز التاريخي للمنتخب الأول على نظيره الأرجنتيني خلال كأس العالم في قطر، مرورا بانضمام النجم البرتغالي العالمي كريستيانو رونالد إلى نادي النصر المحلي، إلى وصول نادي الهلال لنهائي بطول كأس العالم للأندية.
ليس هذا فحسب، بل إن هناك المزيد من الانتصارات على مستويات أخرى، إذ فاز منتخب الشباب بكأس أسيا تحت 23 عاما العام الماضي.
لكن مع وعد المسؤولين في المملكة بأن هناك المزيد من الأسماء الكبيرة التي سوف تلحق برونالدو في الدوري السعودي المحلي، فإنه سيتعين عليهم اتباع توازن دقيق في هذا الصدد حتى لا تتضرر المواهب المحلية؛ ما سيلقي بظلاله على المنتخبات الوطنية في نهاية المطاف.
بالآونة الأخيرة، ارتفع عدد اللاعبين الأجانب الذين تسمح اللوائح بتقييدهم في الأندية من 4 لاعبين (يحظر ضم حارس مرمى أجنبي) في موسم 2016-2017 إلى 8 لاعبين (بدون استثناء حارس المرمي).
وفي ظل دوري مليء بالمدربين الأجانب الذي يسعون إلى تحقيق نجاحات سريعة، فإنهم يسارعون للاستفادة من كامل القائمة المتاحة للأجانب الذي يكونوا جاهزين ويحدثون الفارق، وفي غضون ذلك فإن أولوية تطوير المواهب المحلية تتراجع إلى الخلف.
ويري جون دويردين، الكاتب المتخصص في كرة القدم الأسيوية والمتابع الجيد للدوري السعودي للمحترفين، أن ثمة فرصا قليلة متاحة في الوقت الحالي للاعبين الشباب، حسبما نقل تقرير أورده موقع "ميدل إيست أي" البريطاني.
واستشهد دويردين بعدم إعطاء فريق النصر الفرصة لحارسه المحلي نواف العكيدي (الذي قدم أداء جيدا مع المنتخب بكأس الخليج) بعد إصابة الحارس الأساسي الكولومبي ديفيد أوسبينا، وسارع النادي بالتعاقد مع الحارس الأرجنتيني أوجستن روسي.
وأشار تحليل بيانات أجراها الموقع، إلى أن لاعبي المنتخب السعودي للشباب الفائز بكأس آسيا 2022 تحت 23 سنة شارك نصفهم فقط في أقل من 10 مباريات مع أنديتهم حتى الآن هذا الموسم في الدوري المحلي؛ الأمر الذي يضيف مزيدا من القلق بشأن هذا الجيل من اللاعبين السعوديين.
علاوة على ذلك، كشف تقرير حديث صادر عن مرصد كرة القدم (CIES)، أن السعودية احتلت المرتبة الأخيرة من بين 60 دولة فيما يتعلق بنسبة الدقائق التي يشارك فيها لاعبين تقل أعمارهم عن 21 عاما، وذلك في الفترة من يناير/ كانون ثاني 2021 إلى مارس/ آذار 2022.
قال دوردين: "إن أفضل حل بشكل عام هو الاستثمار في تنمية المواهب الشابة وتقوية القاعدة الشعبية".
وتابع: "لا يوجد طريق مختصر لذلك. يتطلب الأمر وقتًا وصبرًا. السعودية تنتج بالفعل لاعبين شباب جيدين، كما رأينا في مختلف مستويات الشباب الآسيوي، وهذا يحتاج إلى البناء عليه".
في المقابل، يعتقد وائل جابر، خبير كرة القدم في الشرق الأوسط، أن السماح بقيد الأندية 8 لاعبين أجانب يأتي بلا شك على حساب المواهب المحلية، لكن في الوقت ذاته يزيد من شدة المنافسة للتواجد داخل كل فريق.
ومضى قائلا: "اللاعبون المحليون القلائل الذين يشقون طريقهم، خاصة في الأندية الكبرى، سيكونون أكثر قدرة على المنافسة ضد المواهب الدولية، وسوف يفيد ذلك المنتخب الوطني".
"بالإضافة إلى ذلك، سنرى اللاعبين السعوديين الدوليين ومن هم على هامش المنتخب الوطني ينتقلون من أندية الدوري السعودي الأكبر إلى الأصغر وحتى دوري الدرجة الأولى؛ سعيا وراء المشاركة وإثبات الذات، الأمر الذي ينبغي أن يرفع من مستوى تلك الأندية".
وأعرب إبراهيم القاسم، الأمين العام للاتحاد السعودي لكرة القدم، عن اعتقاده أن كأس العالم الأخيرة اثبتت أن اللاعبين السعوديين مؤهلون للمنافسة في أكبر المسابقات العالمية ومواجهة أبرز اللاعبين على مستوى العالم.
وقال: "دورينا يضم الآن نجومًا من جميع أنحاء العالم، لذا فإن لاعبينا يختلطون مع نظرائهم الذين فازوا في السابق بدوري أبطال أوروبا، والدوري الإسباني، والدوري الإنجليزي الممتاز؛ مما يؤدي إلى تطويرهم بطرق جديدة وغير متوقعة".