ذا كونفرسيشن - ترجمة الخليج الجديد-
"البعض يجادل حول القيمة الرياضية لنزال الحقيقة بين تومي فيوري وجيك بول، الذي استضافته السعودية بالدرعية في فبراير/شباط الماضي، لكن القيمة التجارية للحدث الضخم كانت واضحة لكل من المتسابقين، اللذين تنافسا على جائزة تزيد قيمتها على 13 مليون دولار أمريكي".. هكذا سلط موقع "ذا كونفرسيشن" الضوء على الاستثمارات السعودية الضخمة في المجال الرياضي مؤخرا، مشيرا إلى أن المملكة لديها خطط طموحة للغاية في هذا المضمار.
وذكر الموقع الأسترالي، في تقريرترجمه "الخليج الجديد"، أن استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم استحوذت على انتباه العالم في عام 2022، فيما تعمل جارتها الكبرى الآن بخطط رياضية أكبر، ومن المتوقع أن تشارك على نطاق واسع في عرض مشترك لاستضافة كأس العالم 2030، وهي في حاجة ماسة إلى زيادة حضورها بالرياضة الدولية.
وتم اختيار السعودية مؤخرًا لاستضافة كأس العالم للأندية هذا العام، وستستضيف كأس آسيا في عام 2027. كما وقعت هيئة السياحة بالمملكة صفقة لرعاية كأس العالم لكرة القدم النسائية العام الجاري في أستراليا.
وإضافة إلى ذلك، تملك السعودية، من خلال صندوق الثروة السيادي، نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، وثمة اقتراحات بأن تقدم المملكة عطاءات لشراء مانشستر يونايتد وليفربول.
أحد أشهر نجوم كرة القدم، كريستيانو رونالدو، يلعب حاليًا لنادي النصر السعودي، ويقال إنه يتقاضى حوالي 500 ألف جنيه إسترليني يوميًا.
وبعيدًا عن كرة القدم، ثمة شائعات عن محاولة مدعومة من السعودية لشراء مسابقات الفورمولا 1، فضلاً عن الاهتمام بالمصارعة وركوب الدراجات والجولف.
تنويع اقتصادي
حجم الاستثمار السعودي في الرياضة واضح بما فيه الكفاية، لكن أن هذا الإنفاق باهظ الثمن ليس لأسباب الغرور أو السخاء، بل في إطار استراتيجية مبنية بعناية؛ استجابة للتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الملحة في المملكة.
فولي عهد السعودية وحاكمها الفعلي، الأمير محمد بن سلمان، يدرك أهمية نشر الرياضة كأداة سياسية لتأمين مستقبل الدولة الخليجية على المدى الطويل.
وبينما تمتلك المملكة ثروة هائلة تحت تصرفها، بواقع أصول تزيد قيمتها على 600 مليار دولار أمريكي، معظمها مشتق من النفط والغاز، يجد الاقتصاد السعودي نفسه أما مخاطر محدقة، بينما يسعى العالم إلى الابتعاد عن الوقود الكربوني.
الاستثمار في الرياضة بالخارج هو أحد طرق معالجة هذا الخطر وتنويع الاقتصاد، لكن حجم الإنفاق المحلي للمملكة على الرياضة هو ما يميزها، كما يتضح من بناء "القدية"، وهو مشروع رياضي وترفيهي ضخم مصمم لجذب الاستثمار الداخلي والسياح الأجانب.
أداة سياسية
كما أن عملية التحول الاقتصادية سياسية أيضا، إذ لا تزال الحكومة السعودية على دراية بالأحداث في جميع أنحاء العالم العربي التي أدت إلى احتجاجات شعبية في عامي 2010 و2011.
ومع ما يقرب من 70% من سكان تقل أعمارهم عن 35 عامًا، فإن المخاوف من الاضطرابات الاجتماعية في المملكة ملموسة وحقيقية.
ومن خلال التركيز على الترويج للرياضة والترفيه والتسلية، يتعامل محمد بن سلمان ومسؤوليه مع مصالح ومطالب المستهلكين الشباب كوسيلة لتجنب السخط فيما بينهم.
ومن خلال أمثال ملكية فريق مثل نيوكاسل يونايتد، تسعى السعودية أيضًا إلى الشرعية الدولية وتريد إظهار قوتها الناعمة وبناء العلاقات الدبلوماسية.
الصحة والمجتمع
تعزيز الصحة العامة سبب أخرى للمسلك السعودي، فمع ارتفاع مستويات السمنة والسكري وأمراض القلب، كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، يتم نشر الرياضة كأداة سياسية لتشجيع أسلوب حياة أكثر صحية.
لكن استخدام الرياضة لتحقيق جميع هذه الأهداف، إلى جانب حجم الإنفاق الحكومي عليها، لا يخلو من انتقاد بالطبع.
فعلى الصعيد المحلي، لا يزال الأفراد الأكثر محافظة من السكان قلقين بشأن التغييرات التي تم التحريض عليها، مثل السماح للمرأة بالمشاركة.
وعلى الصعيد الدولي، تُتهم السعودية بـ "غسيل الرياضة" للخروج من بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان، في محاولة لصرف الانتباه عن عمليات الإعدام المنتظمة والحرب في اليمن ومقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، عام 2018.
ويرى آخرون أنه على الرغم من التحول المفترض في المملكة، فإن حقوق النساء والفتيات لا تزال منتهكة، وأن المعارضين يتعرضون للقمع.
ومع ذلك، فهناك حماس كبير داخل المملكة بشأن مكانة الدولة الناشئة كقوة رياضية عظمى، ويبدو من غير المرجح أن يبتعد محمد بن سلمان عن المسار الذي حدده.
وإزاء القوة الشرائية الكبيرة للمملكة من المؤكد أن السعودية ستصبح قريبًا واحدة من أكبر اللاعبين في الرياضة الدولية.