من هنا وهناك » من هنا وهناك

لماذا تسعى السعودية لضم كبار لاعبي كرة القدم لأنديتها؟

في 2023/06/05

سلمى حداد - الخليج أونلاين- 

- ما الجديد؟ يبدو أن هذا ضمن خطة تسعى من خلالها المملكة لتطوير رياضة كرة القدم فيها، وفي الوقت ذاته لفت أنظار محبي هذه اللعبة حول العالم إليها في إطار خططها لتعزيز السياحة وتنويع الاقتصاد وترك الاعتماد على عائدات النفط الخام.

وتستهدف السعودية استقطاب 100 مليون زائر بحلول عام 2030، وذلك ارتفاعاً من 62 مليوناً في الوقت الحالي، لتكون بذلك بين أكثر 5 دول استقطاباً للسياح في العالم، وفي حال حدوث ذلك ستصبح مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي 10% ارتفاعاً من 3% حالياً وبمبلغ 169 مليار دولار.

وفي 2 يونيو الجاري، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن السعودية وضعت خطة مدعومة من أعلى المستويات في البلاد وممولة من صندوق الثروة السيادية، من أجل تحويل الدوري المحلي لكرة القدم إلى وجهة لأفضل المواهب الكروية في العالم.

وقالت الصحيفة إن السعودية تسعى لجذب بعض أشهر لاعبي كرة القدم في العالم للانضمام إلى رونالدو الذي يلعب في دوريها الوطني.

وأضافت أن قوائم بأسماء اللاعبين المستهدفين وُضعت بالفعل وجرى أيضاً تأمين التمويل اللازم لذلك.

ولتحقيق ذلك، تشير الصحيفة إلى أن الأندية السعودية تتواصل بالفعل مع اللاعبين الذين يتقبلون فكرة الانتقال إلى المملكة من خلال عرض رواتب سنوية عليهم هي الأعلى في تاريخ الرياضة.

وبينت أن مثل هذه الصفقات تتطلب أكثر من مليار دولار لأجور نحو 20 لاعباً أجنبياً.

وتضيف الصحيفة أن كثيراً من الأموال المستثمرة بالدوري والأندية في الآونة الأخيرة جاءت من صندوق الثروة السيادي، الذي يرأسه ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.

- ماذا تريد السعودية؟ تقول وكالة "فرانس برس" بتقرير نشرته في مايو الماضي، إن الاستثمار في رونالدو وغيره من اللاعبين كعامل جذب للسياحة، سيكون من خلال وجوده داخل وخارج المستطيل الأخضر، فمن ناحية سيأتي محبوه في المنطقة لمشاهدته، ومن ناحية أخرى ستكون كل حركاته وصوره خارج المستطيل الأخضر بمنزلة دعاية وإعلان للسعودية.

وكدليل على ذلك ذكرت الوكالة، أن الدوري السعودي احتل حيزاً كبيراً من اهتمام الصحافة الرياضية العالمية، كما أن تحركات رونالدو باتت ترصدها الصحافة بشكل دقيق داخل المملكة؛ ما يعني دعاية مجانية للسياحة في الدولة العربية التي بدأت تنفتح اجتماعياً واقتصادياً وتخفف القيود المحافظة التي ظلت لعقود طويلة.

وفي ما يتعلق بصفقة ميسي، قالت "فرانس برس"، إنه "يمكن أن يكون لهذه الصفقة، في حال نجاحها فعلاً، انعكاسات كبيرة على السعودية ضمن أصعدة عدة، منها الرياضة والسياحة والتسويق وصورة الانفتاح التي تحاول المملكة الخليجية الغنية بالنفط إظهارها للعالم".

- ولكن هل ما يحدث صفقة رابحة؟ يقول المحلل والصحفي الرياضي، عبد الناصر حرب، إن انعكاسات إيجابية عديدة سيتركها انضمام اللاعبين مثل ميسي ورونالدو وغيرهما، إلى الساحرة المستديرة بالسعودية وبالفعل ستكون صفقة رابحة.

وأوضح حرب في تصريحات لقناة "الحرة" الأمريكية، أن من الناحية التسويقية، وجود ميسي ورونالدو في السعودية سيسلط أنظار عشاق كرة القدم في العالم، من أوروبا إلى أمريكا والدول العربية ومناطق أخرى، نحو الدوري السعودي، الأمر الذي يزيد عوائد الحملات الإعلانية والأرباح.

وأضاف أن لهذا الانضمام انعكاساته الكبيرة على صعيد الفئات العمرية، حيث إن السعوديين الصغار سيتعلقون أكثر بكرة القدم، وستأخذ اللعبة حيزاً كبيراً من اهتمامهم، الأمر الذي يدفعهم نحو إظهار إمكانات أكثر وعكس مواهب جديدة تظهر في الدوري السعودي خلال السنوات المقبلة.

كما ستكون هناك منافسة قوية بين نادي النصر (الذي يضم رونالدو)، وفريق ميسي (الهلال)، ما يزيد من قوة الدوري السعودي ويرفع كفاءة اللاعبين فيه.

وحسب حرب، فإن المباريات السعودية ستبث على أهم الشاشات العالمية، وستهتم الصحف بنقل أخبار منافسات الدائرة المستديرة في المملكة؛ ما يعني دعاية مجانية للسعودية.

ورأى أن وجود هذا الثنائي العظيم في عالم كرة القدم بالسعودية سيشجع مجموعة من الاعبين العالميين الآخرين على الانتساب إلى الدوري السعودي الذي انضم إليه أهم لاعبَين في العالم منذ 15 عاماً.

وعلى صعيد مونديال 2030، ربما تكون العقود المبرمة مع اللاعبين تنص على التسويق لكأس العالم التي تسعى السعودية للترشح لاستضافتها ضمن ملف مشترك ممكن أن يقدم مع اليونان ومصر، حسب تقارير سابقة.

وذكر حرب أن انضمام اللاعبَين ميسي ورونالدو للدوري السعودي يعكس للعالم أن المملكة تتقدم على صعيد الرياضة، ويسلط الضوء على التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المملكة، ويدل على حجم الانفتاح والتقدم في تنفيذ رؤية 2030.

- أي فائدة اقتصادية؟ المحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر، قال إن "السعودية تعمل منذ سنوات، على خطط التنويع الاقتصادي ضمن رؤيتها للعام 2030، ويعتبر قطاعا السياحة والرياضة من أهم هذه القطاعات التي تركز عليها المملكة".

وأضاف أبو قمر في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "تجد المملكة أن استقطاب لاعبي كرة القدم الكبار مثل رونالدو وميسي أحد أهم الطرق لجذب الأنظار نحو المملكة واستثماراتها وزيادة عدد السياح القادمين إليها".

وتابع: "كانت تجربة اللاعب رونالدو ناجحة جداً مع نادي النصر، حيث ارتفعت قيمة النادي السوقية بنسبة 34% وصولاً إلى 79 مليون يورو في يناير الماضي، وبفارق يصل إلى 30 مليون يورو عن أقرب منافسيه؛ ليتربع على عرش الأندية السعودية الأعلى قيمة سوقية".

وذكر أن أندية أخرى مثل الاتحاد والهلال، تعمل على تكرار هذه التجربة واستقطاب مثل هؤلاء اللاعبين "الذين سيحققون دخلاً إضافياً على اقتصاد المملكة الكلي".

وأوضح أن الدخل يتحقق على الأندية نفسها من خلال ارتفاع قيمتها السوقية وعلى الممولين والشركات المعلنة في هذه الأندية؛ ومن ثم كل هذا يعود بالفائدة على الاقتصاد السعودي كاملاً.

ورأى أبو قمر، أن "هناك خططاً سعودية طموحة تخص قطاعي كرة القدم والسياحة تأتي ضمن التنويع الاقتصادي للمملكة ورؤيتها للعام 2030، وهذه الصفقات تعد قنوات تسويقية وأذرعاً استثمارية متعددة للمملكة".