كامل جميل - الخليج أونلاين-
منذ بدء "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الجاري، دخل الكاريكاتير الخليجي ساحة المواجهة الفاعلة والمؤثرة إلى جانب الفلسطينيين، مساهماً في تعرية الاحتلال الإسرائيلي من ورقة توت البراءة التي يستر بها بشاعة جرائمه المتواصلة في غزة.
وطالما كان الكاريكاتير شديد التأثير في مختلف الأحداث والقضايا، لا سيما تلك التي تحمل الهمّ الفلسطيني، فدائماً ما يثبت هذا الفن ورساموه أن ما يتجسد على الورق بخطوط بسيطة له وقع القنابل في قلب تل أبيب.
أحدث ما يؤكد ذلك طرد صحيفة "الغارديان" بالبريطانية لرسامها المخضرم ستيف بيل، الذي عمل فيها لأكثر من 40 عاماً بعد رسمه كاريكاتيراً تناول رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، زعمت الصحيفة أن الرسم معادٍ للسامية.
في الرسم، ظهر نتنياهو وهو يرتدي قفازات الملاكمة ويحمل مشرطاً على بطنه المكشوف، ويجهز قطعاً على شكل غزة، مع التعليق: "يا سكان غزة، أخرجوا الآن".
ولا يمكن الحديث عن خطورة الرسم وتأثيره على الشعوب والحكومات دون التطرق إلى الفلسطيني ناجي العلي، أشهر رسام كاريكاتير عربي، الذي تنبأ بمقتله بسبب رسوماته التي كانت تمثل القضية الفلسطينية وصمود الفلسطينيين، وتفضح الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه وسياسته.
العلي صاحب مقولة "اللي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو ميت"؛ وهو ما جرى حيث اغتيل في 22 يوليو 1987 في أحد شوارع لندن.
تأثير الكاريكاتير
في الوقت الحالي حيث يعيش الفلسطينيون في غزة حرباً بشعة يمكن وصفها بالمجزرة، يمكن القول إن الكاريكاتير وسيلة قوية لنشر وتعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها، وإيصال حقيقة ما يجري من فضائع في غزة إلى العالم، وتحشيد الغضب الشعبي العربي والعالمي تجاه الإسرائيليين.
ذلك ما يمكن التأكد منه عند متابعة ما وقع لرسام الغارديان المخضرم ستيف بيل، أو حتى نهاية ناجي العلي؛ وهي نتائج يعلمها جيداً رسامو الكاريكاتير، والصحف التي تنشر رسوماتهم.
من جهتها، تدرك الصحف الخليجية في تغطيتها لما يجري في غزة عبر "الكاريكاتير"، مدى تأثير هذه الرسومات، سواء على المستوى المهني أو الشعبي وحتى السياسي، وعلى هذا الأساس تتبنى نشر الكاريكاتير المدافع عن القضية الفلسطينية.
تأثير الكاريكاتير لم يأت من فراغ بل لكونه يجمع بين الفن والنقد والتواصل، ونجاحه في التمكن من التعبير عن الأفكار والقضايا بطريقة مبتكرة وجذابة؛ تعتمد على مهارة الرسامين الفنية لتصوير القضايا الوطنية بشكل يجعلها أكثر وصولاً للمتلقي مهما كانت صفته.
قوة تأثير الكاريكاتير تعتمد أيضاً على سعة الثقافة للرسام، الذي من خلال رسم ساخر يظهر أوجهاً مختلفة مثل القوة والضعف والظلم والعبودية والقهر وغيرها الكثير من التعابير، التي تحفز على النقاش والتفكير، بل إن بعضها ترفع روح الحماس؛ وعليه يتخذ الفلسطينيون رسومات ناجي العلي رمزاً للمقاومة.
رسومات خليجية
ومع استمرار العدوان على غزة تواصل الصحف الخليجية مواكبة ما يجري، وكشف فضائع قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأبرياء العزل في القطاع، عبر مختلف الفنون الصحفية ومنها الرسوم الكاريكاتيرية.
من بين الرسومات التي تتحدث عن ما يجري على أرض الواقع، وثقها رسم في صحيفة "الوطن" القطرية، يكشف انحياز الإعلام الغربي للرواية الإسرائيلية، على الرغم من الحقائق الصارخة لما يجري من بشاعة في غزة.
يعد قصف قوات الاحتلال لمستشفى المعمداني في غزة مجزرة مروعة؛ حيث راح ضحيتها 500 شهيد وقد ضجّ العالم لهول هذه الجريمة.
صحيفة "العربي الجديد" القطرية تناولت هذه المجزرة بما يجسد وباختصار بشاعة ما جرى في هذه المستشفى.
باختصار وعلى الرغم من الدمار والرعب والموت اليومي الذي تعيشه غزة وسكانها، لكن ما جرى ويجري يدل على أن قوة صمود الفلسطينيين ومقاومتهم حطمت دولة الاحتلال الإسرائيلي، خاصة هجوم المقاومة الفلسطينية في "طوفان الأقصى".
ذلك ما يمكن قراءته من الرسم الكاريكاتيري الذي نشرته صحيفة "الراي" الكويتية.
منذ 7 أكتوبر الجاري فرض الاحتلال الإسرائيلي حصاراً خانقاً على سكان غزة، حيث حظر الكهرباء والماء، وأغلق معبر رفح وهو الوحيد الذي يربط القطاع بالعالم الخارجي، ومنع دخول أي مساعدات طبية أو إغاثية أو غذائية في وقت يواصل شن ضربات مدمرة للأحياء السكنية تسبب بتدمير المنازل ونزوح نحو مليون شخص من السكان إلى المخيمات.
الرسم الكاريكاتيري الذي نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية يوضح باختصار معاناة قطاع غزة من هذا الحصار.
أطفال صغار، ورُضع، ونساء وعجائز، وشيوخ كبار في السن، كل أولئك هم ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة.
هؤلاء الأبرياء المدنيين العُزل هم اليوم من تصعد أرواحهم إلى السماء؛ ما يؤكد أنهم المُستهدف الأول من الهجمات الإسرائيلية، ذلك ما يتوضح عبر الكاريكاتير في صحيفة "عُمان" العُمانية.
كل هذه البشاعة التي تحدث في غزة، من قصف عنيف مستمر يُوثق على مدار الساعة عبر مقاطع الفيديو والصور، وبث حي للمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان غزة، لكن العالم يصمت ولا يحرك ساكناً، ذلك ما تحدث عنه رسم كاريكاتيري في صحيفة "البلاد" البحرينية.