حفيظ دراجي- القدس العربي-
أسابيع قليلة بعد إعلان الفيفا استضافة المملكة العربية السعودية كأس العالم 2034 باعتبارها مرشحا وحيدا، عادت السعودية مجددا لتصنع الحدث من خلال تسريبات إعلامية تتحدث عن اتفاق وشيك بين الفيفا وشركة النفط السعودية أرامكو لتوقيع عقد رعاية يجعل منها الراعي الرسمي والأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم الى غاية مونديال السعودية تصل قيمته مليار دولار بمعدل 100 مليون دولار سنويا تدخل خزينة الفيفا على مدى عشر سنوات، لتصبح شركة أرامكو ثالث شركة عالمية تتعاون مع فيفا، بعد شركة الطاقة الروسية العملاقة “غازبروم” التي وقعت عقد رعاية بمناسبة كأس العالم 2018 في روسيا، وشركة طيران “الخطوط الجوية القطرية” بمناسبة كأس العالم 2022.
الأمر صار تقليدا بالنسبة للفيفا مع الشركات الكبرى لمنظمي كأس العالم التي نقلت الهيئة الكروية من مجرد مؤسسة رياضية الى إمبراطورية مالية تنمو بشكل سريع وكبير بفضل مداخيلها واستثماراتها الكبيرة في بطولة كأس العالم وكل المسابقات التي تنظمها رفقة رعاة ومعلنين سمحوا لها بتحقيق عائدات قياسية بلغت 7,5 مليار دولار خلال الفترة من 2019 الى 2022، بزيادة قدرت بأكثر من مليار دولار عن الفترة السابقة، مع توقعات بارتفاعها الى 11 مليار دولار بمناسبة كأس العالم 2026 بسبب ارتفاع عدد المنتخبات المشاركة، ما يجعل الهيئة الكروية قوة مالية عظمى تفوق استثماراتها ومداخيلها بكثير ميزانيات الكثير من دول العالم، ما ساهم في تحول كرة القدم الى ثالث أكبر اقتصاد في العالم.
العقد المرتقب توقيعه هذه الأيام بين الفيفا وشركة أرامكو يشكل تحالفا مع أكبر اقتصاد عربي في الشرق الأوسط من خلال أكبر شركة بترولية عالمية من حيث القيمة السوقية التي تفوق سبعة تريليونات دولار، والأكثر ربحية في العالم، حققت أرباحا بلغت 160 مليار دولار السنة الماضية، ما يجعل من الصعب تصور كأس العالم في السعودية من دون شركة أرامكو، المختصة في النفط والغاز والبتروكيماويات، كممول رئيسي لا تشكل 100 مليون دولار بالنسبة له سوى مداخيل أقل من نصف يوم من الأرباح يدفعها سنويا لتنعش خزائن الفيفا والاتحاديات الوطنية والأندية، وكل المتوجين بمختلف المسابقات التي تنظمها الهيئة الكروية لكل الأصناف والجنسين على حد سواء.
صحيفة “التايمز” البريطانية توقعت أن يتم الاعلان عن الصفقة خلال الساعات أو الأيام المقبلة، في وقت راحت بعض وسائل الإعلام الغربية الأخرى تتهم وتتهكم وتشكك في طبيعة الصفقة التي اعتبرتها ثمنا لمنح السعودية فرصة تنظيم كأس العالم، رغم ترشحها بمفردها، دون منافس، ودون تصويت، علما أن المبلغ لا يمثل شيئا بالنسبة لشركة أرامكو، ولا للمملكة السعودية التي تنفق أكثر من ذلك عشرات المرات من أجل تشييد الملاعب والمرافق والبنية التحتية التي لم تكن لتبرمج إنجازها خلال العشر سنوات المقبلة لو لم تظفر بتنظيم كأس العالم التي ساهمت في تحقيق نهضة تنموية كبيرة في روسيا وقطر خلال الدورتين السابقتين حين أبرمت معهما الفيفا الاتفاق نفسه الذي تحول الى قاعدة بين الفيفا والبلد المنظم لكأس العالم.
أما عدم الإعلان عن الراعي الرسمي للفيفا في مونديال 2026 ومونديال 2030 ، فيعود حسب الملاحظين الى التنظيم المشترك بين ثلاثة بلدان وأكثر تكتفي فيهما الفيفا برعاة ومعلنين وممولين وشركاء رمزيين بعقود محدودة المدة والمقابل، لا تشكل عبئا ماليا كبيرا على مؤسسات البلدان المنظمة، لكنها تزيد من موارد الفيفا وقوتها واستقلاليتها، وتزيد من قيمة جوائز مختلف المسابقات، وتزيد من سمعة وقيمة شركات عالمية خاصة وعمومية مهما كان مجال نشاطها كما هو الحال بالنسبة لإمبراطورية أرامكو ومؤسسات سعودية أخرى مرتقبة، وقبلها غازبروم الروسية والطيران القطرية، وكوكاكولا وأديداس لأن الأمر يتعلق بكرة القدم الدولية وكأس العالم والفيفا.