متابعات-
أن تحصل على الجنسية السعودية وتوجّه الشكر للمملكة، أمر لم يعد كافياً على ما يبدو لإرضاء غرور مانح الجنسيات. المطلوب أن تتفاخر بها وتفضّلها على جنسيتك الأم. عقد إذعان لا تفرضه حتى الدول الكبرى التي تمنح المبدعين والعلماء الجنسية لتسهيل حركتهم والافادة منهم وليس لسدّ عقدة نقص ضدّ وطنهم الأم.يتعرّض الممثل المصري محمد هنيدي لحملة سخرية، والسبب إنتشار صورة له من شاشة قناة «الإخبارية السعودية» كُتب عليها إسمه مسبوقة بلقب «الفنان السعودي». يأتي ذلك في إطار حملة ترويج لمسرحية «رمضان ميوزيكال سكول» التي تعرض حالياً ضمن فعاليات «موسم الرياض». الساخرون لم يلتفتوا إلى أن هنيدي ليس مسؤولاً عن المكتوب على الشاشة، بل وجهّوا له سيلاً من النكات أبرزها أنّ فنانين عرباً كثيرين نجحوا في مصر منهم هند صبري، وإياد نصار وهنيدي، على أساس أنه سعودي كما تقول الشاشة الإخبارية. ثم بدأت لعبة تغيير أسماء أفلامه، فتحوّل فيلمه «صعيدي في الجامعة الأمريكية» إلى «سعودي في الجامعة الأمريكية». على المنوال نفسه، انتشرت «همام في الدمام»،و «وش إحرام»، و«عندليب الطائف»، وتبارى المعلّقون في استخدام صوره وهو يجسّد الشخصية الخليجية بنزعة كاريكاتورية كأنها شخصيته الحقيقية.
صبّ الجميع غضبه على هنيدي من دون النظر لما وراء الصورة. هناك من لم يكتف بأن يوزّع الجنسية السعودية على إعلاميين وفنانين وموسيقيين، بل بات يشتري اللقب ويفرضه بعبثية لم تلق صدى حتى في الشارع السعودي. حمل جواز سفر إضافي أمر معتاد ومتعارف عليه، خصوصاً في الدول التي لا تشترط التخلّي عن جنسية البلد الأم. لكن ما يجري في الرياض «غير»، كما يقولون باللهجة السعودية. هناك تعمّد واضح في نقل الولاء من مصر تحديداً إلى السعودية في مجال الفنّ الذي يديره منفرداً رئيس مجلس إدارة «الهيئة العامة للترفيه» تركي آل الشيخ. الأخير اكتشف أن الإسراف في الانفاق لم يعد كافياً. النجوم يحصلون على الدولارات ويعودون إلى القاهرة مجدداً، والأصوات في مصر تذكّر السعوديين كل فترة بأنه لا داعي لأسلوب السباق والمنافسات من نوعية «إذا كانت مصر أم الدنيا فالسعودية أبوها». لم يجد «بوناصر» بدلاً عن توزيع جوازات السفر، لكنه اكتشف أن كل «متسعود جديد» يكتفي بمنشور للإعلان عن الخبر، فقرّر أن يلصق بهم اللقب عنوة وتغيّرت صيغ إعلانات الحفلات. حفلة يقودها الموسيقار السعودي وليد الفايد، وأخرى يقودها الموسيقار السعودي هاني فرحات. لكنّ الناس لم يهتموا، فذهب للكبار وبدأ بالممثل محمد هنيدي. لم يكتف بما كتبته الشاشات السعودية، بل نصب الممثل الكويتي حسن البلام فخّاً للممثل المصري إبن حي إمبابة الشهير في الجيزة. فخلال إحدى عروض مسرحية «رمضان ميوزيكال سكول»، خرج البلام عن النصّ وقال له «هل تعلم أن الرياض عاصمة الفنّ والمسرح الآن»، ليضطر هنيدي للردّ «أعلم أعلم». بالطبع ينتشر الفيديو الذي يتم تصويره كأنه عفوي، رغم أن باقي ما جرى على خشبة المسرح غير متاح للجمهور. لا أحد يشاهد مسرحيات «موسم الرياض» ولا كواليسها إلا من حضر. فيديوهات بعينها فقط تتسرّب من الداخل بشكل متعمّد كما حدث مع الفيديو الشهير للممثل المصري بيومي فؤاد الذي كان بداية نهاية جماهيريته في مصر.
اللافت أن تعمّد إثارة الأزمات وشراء الولاءات التي يمارسها «بو ناصر» مع النجوم المصريين، توازيها حالة إنكار تثير الدهشة والاستغراب. الشخصية التي يقدمها هنيدي في مسرحية «رمضان ميوزيكال سكول» هي نفسها شخصية المدرّس رمضان مبروك أبو العلمين التي قدّمها في فيلم شهير يحمل الإسم نفسه. الفيلم مصري والشخصية مصرية والمسرحية الجديدة باللهجة المصرية، حتى لو أحداثها تدور في الرياض. كل شيء مصري أو قادم من المحروسة متواجد في «موسم الرياض» المسرحي، فلماذا الإصرار على لصق الجنسية السعودية بنجوم غير سعوديين؟ رغم أن المملكة تمتلئ بنجومها، بل تصنع جيلاً جديداً الآن، ربما يكون قادراً على المنافسة إذا وثق فيه «بو ناصر» وعالج عقدة النقص التي أضرت بجماهيرية الممثل المصري يومي فؤاد ثم محمد هنيدي، فيما بات على باقي النجوم المصريين تفادي نفس المصير والابتعاد عن الفخ السعودي.