من هنا وهناك » من هنا وهناك

درجات الحرارة تتصاعد في الخليج والعالم.. الأسباب والتداعيات

في 2024/06/13

متابعات-

يسود طقس حار معظم الدول الخليجية، ما ينذر بصيف ساخن أكثر، بحسب تحذيرات أطلقتها مراكز الإرصاد الجوية في دول مجلس التعاون، وغيرها من المراكز المختصة بالطقس.

الحرارة العالية حذّر منها عشرات من أبرز الباحثين، في دراسة نُشرت نتائجها في مجلة "بيانات نظام الأرض العلمية"، يوم 5 يونيو الجاري، حول أن ارتفاع حرارة الأرض الناجم عن النشاط البشري بلغ "مستوى غير مسبوق"، والفترة الزمنية المتاحة للحد من ارتفاع إلى 1.5 درجة مئوية تضيق.

يقول رئيس شبكة بيئة أبوظبي وخبير الاستدامة والتغير المناخي المهندس عماد سعد، في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين"، إن ارتفاع درجة الحرارة في مختلف مناطق العالم أمر مقلق للغاية.

وتابع: "أولاً لا بد من القول بأن معدل أو متوسط درجة حرارة الكوكب تساوي 15 درجة مئوية، كما بلغ الاحترار الناجم عن النشاط البشري على مستوى الكوكب منذ الثورة الصناعية 1850 ولحد الآن قرابة 1.19 درجة مئوية".

ويضيف سعد، بأن درجة الحرارة زادت خلال السنوات العشر الأخيرة من (2014 – 2023) بمعدل 0,26 درجة مئوية نتيجة النشاط البشري، وهي نسبة مرتفعة جداً، وهذه مستويات غير مسبوقة، ومؤشر على أن الفترة الزمنية المتاحة للحد من ارتفاع الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية باتت ضيقة جداً.

ونبه رئيس شبكة بيئة أبوظبي قائلاً: "بتنا نشهد ارتفاع درجة الحرارة بشكل مضطرب وغير مسبوق" في مختلف أصقاع الأرض، وهو ما يسمى بـ"الفوضى المناخية" الناجمة عن النشاط البشري.

ظاهرة "القُبة الحرارية"

وفي سياق متصل قال مُختصون جويون في مركز "طقس العرب" الإقليمي بأن آخر مُخرجات النماذج الحاسوبية تُشير إلى استمرار تأثر مناطق واسعة من الوطن العربي، الأيام القادمة، بموجة حارة ناتجة عن اشتداد المُرتفع الجوي العربي.

"طقس العرب" قال إن الموجة الحارة ستعمل على تأجيج ظاهرة "القُبة الحرارية"، التي ترافقها كُتلة هوائية ذات تسخين سطحي مُرتفع تعمل على رفع درجات الحرارة لقرابة الـ50 مئوية، خاصة في المناطق الصحراوية من العراق والكويت وأجزاء من السعودية وقطر والإمارات وسلطنة عُمان.

السعودية.. موسم حج ساخن

تشتد درجات الحرارة في المملكة العربية السعودية بشكل غير طبيعي، وسط توقعات ببلوغها 51 مئوية في بعض المحافظات، وتتراوح ما بين 45 حتى 48 درجة مئوية حالياً.

الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد في السعودية أيمن بن سالم غلام، توقّع في أن تكون درجات الحرارة "أعلى من المعدل الطبيعي"، وقد تصل إلى 48 درجة مئوية خلال موسم حج هذا العام 1445هـ.

جاء ذلك في حديث خاص مع قناة "العربية" السعودية، في الرابع من يونيو الجاري، مؤكداً قيام المركز بتجربة افتراضية مع القطاعات العاملة في الحج، للتعامل مع الارتفاع المتوقع لدرجة الحرارة حال تجاوز 48 درجة مئوية في المشاعر المقدسة.

وتوقع المركز الوطني السعودي للأرصاد استمرار ارتفاع درجات الحرارة العظمى في أنحاء متفرقة من المملكة، مع التركيز على مناطق مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والشرقية، والرياض، والقصيم.

الكويت.. "ظاهرة الألنينو"

تشهد الكويت والمنطقة عموماً ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة هذه الأيام، بلغ في محافظة الجهراء الكويتية ومحيطها 51 درجة، في الأول من يونيو الجاري، بحسب تصريحات لخبير الأرصاد الجوية الكويتي فهد العتيبي.

من جانبه قال خبير الأرصاد الجوية الكويتي عيسى رمضان، إن درجات الحرارة القياسية التي تمر بها الكويت حالياً أعلى من معدلاتها بنحو 4 إلى 5 درجات مئوية.

وأوضح رمضان في تصريح لجريدة "القبس" الكويتية، يوم 31 مايو الماضي، أن موجة الحر الشديد سببها تأثر المنطقة بالمنخفض الموسمي الهندي، والرياح الحارة التي تهب جافة عبر الوديان والمناطق الصحراوية شمال الكويت من العراق، وتسببت في ارتفاع كبير بدرجات الحرارة.

خبير الأرصاد الجوية الكويتي أشار إلى أن موجات الحر الشديد بدت في الآونة الأخيرة بشكل غير طبيعي، معللاً ذلك بالتغيرات في المناخ العالمي وتأثير "ظاهرة الألنينو"، التي تؤثر على زيادة موجات الحر خلال فصل الصيف بعد تأثيرها بأمطار غزيرة غير معتادة في فصل الشتاء والربيع.

التغيرات المناخية

يؤكد الخبراء أن ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ الذي تسببه أنشطة البشر يؤدي إلى مزيد من الظواهر الجوية المتطرفة حول العالم؛ مثل العواصف والفيضانات التي اجتاحت الإمارات وسلطنة عمان، في أبريل الماضي، وتسببت في أضرار جسيمة.

ويضيف رئيس شبكة بيئة أبوظبي عماد سعد، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "توجد علاقة طردية بل واضحة بين النشاط البشري وارتفاع درجة حرارة الكوكب، ومن ثم التغير المناخي؛ لأنه يجب أن نقر بأن كل نشاط تنموي له تأثير إيجابي على الاقتصاد أو المجتمع، وآخر سلبي على البيئة".

وأوضح أن "التنمية المستدامة هي منهج إداري يسعى لبناء اقتصاد قوي لسعادة ورفاهية الإنسان، لكن ليس على حساب البيئة والإنسان، دون التفريط بحقوق الأجيال القادمة وقدرتها على التنمية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية".

وأشار إلى أن "ما هو حاصل منذ الثورة الصناعية عام 1850 ولحد الآن هو ارتفاع كبير في الغازات الدفيئة الناجمة عن القطاع الصناعي بشكل عام إلى الغلاف الجوي؛ ما أدى الى الاحتباس الحراري الذي ينجم عنه ارتفاع في حرارة الكوكب وحصول التغير المناخي بشكل عام".

وبالنسبة الى حقبة ما قبل الثورة الصناعية بلغ هذا الاحترار الذي سببه الإنسان 1.19 درجة مئوية، وخلال العقد الحالي، وفي العام 2023 وحده، بلغ الاحترار الناجم عن النشاط البشري 1.31 درجة مئوية.

وحول آثار ارتفاع درجات الحرارة يؤكد خبير الاستدامة والتغير المناخي المهندس عماد سعد، أنه "سوف تكون له تداعيات كثيرة، سواء القطاع الصحي أو القطاع الزراعي والأمن الغذائي، بحيث سوف تظهر لدينا أمراض وأوبئة لم تكن موجودة في السابق، وتراجع في مستويات المياه العذبة المتاحة للزراعة، والتي تؤثر على معدل الإنتاج الغذائي، وغيره من المشاكل التي لا حصر لها".

وأضاف أنه "لا توجد دولة واحدة بالعالم بمنأى عن تداعيات التغيرات المناخية من كافة الجوانب، وعلى كافة القطاعات، بغض النظر على الأثر السلبي الذي يتولد عن هذه الدولة أو تلك، وللعلم فإن الدول الأقل تلويثاً للبيئة أو الهشة مناخياً هي التي تدفع ثمناً أعلى من تداعيات التغيرات المناخية".

غوتيريش: البشر يمثلون خطراً

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال، في الخامس من يونيو الجاري، إن البشر المسؤولين عن ظاهرة الاحتباس الحراري يمثلون "خطراً" على كوكب الأرض، مثل ذاك الذي شكله "النيزك الذي أباد الديناصورات".

وخلال كلمة حول المناخ في متحف التاريخ الطبيعي في نيويورك، أضاف غوتيريش: "في حالة المناخ، نحن لسنا الديناصورات، نحن النيزك، نحن لسنا فقط في خطر، نحن الخطر".

وقال إن مايو 2024 كان الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق في جميع أنحاء العالم، "ويمثل الشهر الـ12 توالياً" الذي يسجل حرارة قياسية.

جهود دول الخليج

بذلت دول مجلس التعاون الخليجي جهوداً كبيرة في مجال الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة ومواجهة التغيرات المناخية، وذلك من خلال تبني سياسات واستراتيجيات طموحة ضمن رؤية كل دولة.

ويقول رئيس شبكة بيئة أبوظبي لـ"الخليج أونلاين"، إن دول مجلس التعاون تتميز بوجود رؤية واضحة تستشرف المستقبل على كافة الصعد، وخصوصاً في مجال البيئة والتنمية المستدامة والتغيرات المناخية، فلم يعد اقتصادها يعتمد على استخراج الوقود الأحفوري، بل باتت تنافس في إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة وتصدر منتجاتها إلى العام، أي إن لديها رؤية وخطة عمل لتجنب تداعيات التغيرات المناخي.

ولفت إلى أن الدول الخليجية "باتت تعمل بشكل جدي على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ولديها مبادرات خاصة بالحياد الكربوني، مثل تعهد الإمارات ووضعها خطة للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050، والسعودية لديها خطة للحياد المناخي بحلول 2060، وهكذا باقي الدول".

وأشار إلى أنه يمكن القول بأن دول مجلس التعاون أكثر التزاماً بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية البيئة، وخصوصاً "اتفاق باريس" المعني بتغير المناخ الموقع عام 2015.