يوسف حمود - الخليج أونلاين-
اتخذت دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، خطوات غير مسبوقة في فتح باب التجنيس، ومنح الإقامات الدائمة للكفاءات وأصحاب الخبرات؛ في مسعى لتنمية الاقتصاد والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط.
وبات تجنيس الرياضيين في دول الخليج أيضاً يشهد اتساعاً ملحوظاً في الأعوام الأخيرة، خصوصاً في لعبتي كرة القدم وألعاب القوى، في ظل الإغراءات المادية التي تقدمها في محاولة منها لسد الثغرات بهذا القطاع.
وتعتبر السعودية وقطر من أوائل الدول الخليجية التي اتجهت إلى تجنيس الكفاءات خاصة في مجال الرياضة، مما ساعدها في إحراز كثير من البطولات الدولية على مستوى الألعاب الفردية والجماعية، وحالياً تسارعت خطوات المملكة إلى هذا الأمر بطرق مختلفة.
تجنيس حديث
مطلع يوليو الجاري، كشفت وسائل إعلام سعودية عن موافقة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود على تجنيس 8 لاعبين، بينهم سورية وتونسية في سن 13 و15 عاماً، وذلك في إطار استقطاب المواهب.
صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية ذكرت (7 يوليو) أن الرياضيين المجنسين "يمثلون فرصاً واعدة لرفد المنتخبات السعودية في كثير من الرياضات المختلفة، ويأتي ذلك في ظل توجه لتطوير القطاع الرياضي، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030".
كما ذكرت صحيفة "الرياضية" المحلية أن من بين من مُنحوا الجنسية السعودية لاعبةَ كرة القدم الأمريكية مريم التميمي، والحارس عبد الباسط سليمان عبد الله.
وفي ألعاب القوى، منحت الجنسية للاعب محمد بن داود تولو، واللاعب عبد الله أبكر محمد. وفي التنس للبريطاني عيسى شير علي، والفرنسية من أصل تونسي ميسان حسين (15 عاماً).
وفي رياضة الغولف منحت الجنسية للاعب شيرجيو موسى عارف. وفي المواي تاي، منحتها للاعبة السورية تسنيم القصاب (13 عاماً).
بين التجنيس والإنجاز
مع كل إنجاز يتحقق لدولة عربية، لا سيما دول الخليج، على أيدي رياضيين أجانب جرى تجنيسهم، يدور الجدل بشأن الفرح بتحقيق الإنجازات، عوضاً عن الاهتمام بالنشء الجديد حتى تكون تلك النجاحات وطنية خالصة.
ورغم أن تجنيس الرياضيين يعتبر أمراً عادياً في دول العالم ولا تعارضه اللجان الأولمبية والاتحادات الرياضية الدولية، فإن مثار الجدل يكمن في أن بعض دول الخليج تجلب لاعبين أجانب لم يولدوا أو يقيموا فيها فترة طويلة، لتمنحهم جواز سفر مؤقتاً يمكّنهم من اللعب تحت رايات تلك البلدان.
وكانت السعودية من أوائل دول الخليج التي دخلت حقبة البحث عن التطوير والوصول إلى العالمية في المجال الرياضي، من خلال عملية التجنيس الفردية والنادرة، حيث يعد أشهر اللاعبين الراحل أمين دابو، الذي خاض مع الأخضر تصفيات كأس العالم 1982.
كما منحت الجنسية لمختار علي للمشاركة في مونديال روسيا 2018، مع زميليه هارون كمارا، وعبد الفتاح آدم.
انتصارات المجنسين
العداءة البحرينية، كينية المولد، وينفريد موتيلي يافي، أحرزت لقب سباق 3 آلاف متر موانع، لتهدي العرب ثاني الميداليات الذهبية في مونديال القوى، بالعاصمة المجرية بودابست في سبتمبر 2023.
وسجّلت يافي زمناً قدره 8:54.29 دقائق، وهو خامس أسرع توقيت في التاريخ، لتنتزع الذهب على حساب الكينيتين بياتريس شيكبويش (8:58.98 د) حاملة الرقم القياسي العالمي، وفايث شيروتيش (9:00.69 د)، اللتين حلتا في المركزين الثاني والثالث توالياً.
البحرينية الأخرى روث جيبيت، المولودة في كينيا، قد فازت بذهبية سباق 3 آلاف متر موانع في أولمبياد ريو دي جانيرو، لتهدي بلادها أول ميدالية ذهبية أولمبية في تاريخها.
وعلى صعيد متصل، فإن قطر شاركت في أولمبياد طوكيو 2020 بمجموعة من الرياضيين، حصل كثير منهم على المواطنة عن طريق التجنيس، من بينهم ثلاث سيدات.
وحازت قطر ميداليتها الأولمبية الذهبية الأولى في تاريخها، بفضل بطل رفع الأثقال، الرباع فارس حسونة، الذي ينحدر من عائلة رياضية مصرية، فوالده إبراهيم حسونة مثّل مصر في ألعاب 1984 و1988 و1992، وقد بدأ ممارسة هذه الرياضة في عمر التاسعة بإشراف والده.
كما تمكن بطل ألعاب القوى، عبد الرحمن سامبا، من تحقيق المركز الخامس في أولمبياد طوكيو، وهو موريتاني وُلد في السعودية وحصل على الجنسية القطرية لاحقاً.
وكان الرياضي القطري من أصول سودانية، معتز برشم، قد لفت أنظار العالم حينما اقترح مقاسمة ميداليته الذهبية في مسابقة الوثب العالي مع منافسه الإيطالي، غيمناركو تامبيري.
واشتهر برشم بكونه صاحب ثاني أعلى قفزة في التاريخ، وصلت إلى 2.43 متر، في 2014.
وحققت قطر ميدالية برونزية للثنائي شريف يونس وأحمد تيجان في كرة الطائرة الشاطئية، وفي هذا الصدد أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن يونس نشأ بالسنغال، في حين تعود أصول تيجان إلى غامبيا.
وحازت قطر ميداليتها الأولمبية الثانية بعد 8 أعوام، على يد الرباع من أصول بلغارية، أسعد سعيد، واسمه الأصلي أنخيل بوبوف.
تجنيس واسع بالإمارات
وأقدمت دولة الإمارات في عام 2023 على أكبر عملية تجنيس على صعيد كرة القدم، مستفيدة من قانون 2018 الذي أصدره الرئيس الراحل خليفة بن زايد آل نهيان، والذي يقضي بالسماح بمشاركة "اللاعبين المؤهلين لتمثيل المنتخبات"، وكذلك المقيمين بالدولة في المسابقات المحلية.
وبدأت الإمارات بتجنيس الأجانب المحترفين الذين قضوا فترات طويلة في ملاعبها، وآخرهم الأرجنتيني نيكولاس خيمينيس (27 عاماً)، لاعب وسط الوصل، الذي يلعب في الدوري الإماراتي منذ موسم 2020-2021.
وكان منتخب الإمارات قد ضمّ في عام 2020، ثلاثة لاعبين مجنّسين هم: الثنائي البرازيلي كايو كانيدو وفابيو ليما والأرجنتيني سيباستيان تاليابوي (استبعد من التشكيلة الحالية)، وشاركوا في صفوفه خلال تصفيات مونديال قطر 2022، قبل أن يودّع "الأبيض" بخسارة وبصعوبة أمام أستراليا 0-1 في الملحق الآسيوي.