كمال السلامي - الخليج أونلاين-
حرب من نوع مختلف تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي تشنها جيوش من "الذباب الإلكتروني"، تستهدف نشر الفتنة بين دول وشعوب المجلس، واستهداف النسيج الواحد لشعوب الخليج.
حملات تضليل ممنهج تبث الفرقة بين الأشقاء في دول المجلس على منصات التواصل الاجتماعي، وخصوصاً منصة "إكس" الأكثر انتشاراً وشُهرة في دول الخليج، الأمر الذي استدعى تدخلاً من قبل العديد من صناع القرار الخليجيين.
مؤخراً أطلق رئيس المكتب الوطني للإعلام بدولة الإمارات عبد الله آل حامد، مبادرة لمواجهة ظاهرة "الذباب الإلكتروني"، وسبقه في ذلك رئيس الهيئة العامة للترفيه السعودية تركي آل الشيخ، وأيد هذه الخطوات رئيس المؤسسة القطرية للإعلام الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني.
والمراقب للشأن الخليجي، والتحولات التي عاشتها المنطقة خلال السنوات الماضية، يدرك فداحة ثمن ترك "الذباب الإلكتروني" يمعن في الإساءة لهذه الدول وشعوبها، فهل تنجح هذه المبادرات بوقف كل ذلك؟
بداية سعودية
هذه الالتفاتة العليا تجاه خطر الذباب الإلكتروني جاءت عقب حملات تضليل وتشويه وإساءة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تقف وراءها حسابات مجهولة تسعى لزرع الفتنة بين دول المجلس، وتحديداً بين السعودية والإمارات.
وتعليقاً على هذه الحملات حذر رئيس الهيئة العامة للترفيه تركي آل الشيخ، من هذه الحسابات.
وقال آل الشيخ في تدوينته على منصة "إكس" نشرها يوم 10 أغسطس الماضي:
- لاحظت بشكل كبير وغريب في الفترة الأخيرة شداً وجذباً في السوشيال ميديا بين حسابات حقيقية ووهمية، وإساءات كثيرة.
- من واجبي أن أنبه كل إخواني وأخواتي في المملكة وفي دول الخليج الشقيقة، يجب الحذر من هذه الحسابات التي تزرع الفتنة وتسبب المشاكل.
- أي نجاح لأي شخص أو بلد في الخليج هو نجاح للخليج كله، نجاح أهلنا وأحبابنا في الإمارات أو قطر او الكويت هو نجاح للمملكة، والعكس صحيح.
- المنافسة جميلة ومطلوبة، لأنها ترفع من المستوى والجودة، ونحن في وقت تلاحمنا وتكاتفنا قوة لنا وضرورة.
- يجب الحذر ممن يدس السم في العسل فيما بين دول الخليج لأهداف واضحة.
مبادرة إماراتية
وسرعان ما تفاعل العديد من صناع القرار الإعلامي والسياسي في الإمارات مع الدعوة، وخرج الشيخ عبد الله آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام الإماراتي، بدعوة لنبذ الفرقة، مطلقاً مبادرة "أوقفوا الإساءات"، وهي الحملة التي سرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً منصة "إكس"، وتفاعل معها إعلاميون وسياسيون ومشاهير من كل دول مجلس التعاون الخليجي.
ودعا آل حامد، في سلسلة تدوينات على منصة "إكس"، إلى التصدي لآفة الحسابات المثيرة للفتن والشائعات، أو ما يسمى بـ"الذباب الإلكتروني"، الذين يحاولون إثارة الفتنة والتفرقة بين أبناء دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية.
وقال المسؤول الإماراتي:
- علينا أن ندعم، ونعزز، ونستمر في هذه المبادرة، ولا ننسى أن المتربص لا يزال يسعى لزرع الفتن، وتضليل الجمهور، وإبعاد الأشقاء بعضهم عن بعض.
- نحن الشعوب واجب علينا تعزيز هذه الجهود والتكاتف، ونقل الفكرة التي تعمل عليها القيادات إلى أمور عملية، أقل ما يمكن عمله هو كلمة طيبة.
- المتربصون بنجاحات الخليج كُثر، وهم لا يتمنون لنا ذلك لأنهم الخاسرون في هذا التطور والنمو الجماعي.
أما مستشار الرئيس الإماراتي الدكتور أنور قرقاش فأيد المبادرة التي أطلقها تركي آل الشيخ، وعبد الله آل حامد، قائلاً:
- هناك جهود مهمة وجادة للتصدي للحسابات المسيئة لدولنا الخليجية والساعية لتحقيق أهداف مختلفة عبر نشر الفتنة وخلخلة النسيج الاجتماعي الخليجي.
- دعوة نبيلة ومبادرة حكيمة لمعالي تركي آل الشيخ ومعالي عبد الله آل حامد تعكس الحرص المشترك للتوعية بأهمية المشاركة لمكافحة هذه الظاهرة الخبيثة.
وأعلنت جمعية الصحفيين الإماراتية دعمها لحملة مكافحة "الذباب الإلكتروني" التي أطلقها الشيخ عبد الله بن محمد آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، مشيرة إلى أن هناك تعاوناً بين المكتب والجمعية لنشر المعايير المهنية، وترسيخ القيم الوطنية، ومكافحة الذباب الإلكتروني.
دعوة قطرية
قطر دخلت على خط الحملة أيضاً، حيث حذر الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، رئيس المؤسسة القطرية للإعلام، من انتشار حسابات مجهولة المصدر تهدف إلى نشر الفتنة والتفرقة بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، وكذا إثارة الشكوك في وحدة النسيج الاجتماعي الخليجي.
وقال الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني:
- لاحظنا ما يدور على شبكات التواصل الاجتماعي –خليجياً- في الآونة الأخيرة، من انتشار حسابات مجهولة المصدر، تهدف إلى نشر الفتنة والتفرقة بين شعوب دول الخليج، وإثارة الشكوك في وحدة النسيج الاجتماعي الخليجي.
- هذا يدعو إلى تضافر الجهود والعمل الدؤوب على كافة المستويات الرسمية والأهلية للتصدي لمثل هذه الحسابات المجهولة والمسيئة، والعمل على كل ما من شأنه تعزيز مسيرة مجلسنا الخليجي.
استهداف اللحمة الخليجية
ويرى الصحفي السعودي عبد الله آل هتيلة، مساعد رئيس تحرير صحيفة "عكاظ" السعودية، أن دول مجلس التعاون الخليجي تسير وفق رؤى موحدة ووجهات نظر متطابقة في معالجتها لكثير من القضايا التي تؤثر على أمن واستقرار الشرق الأوسط، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وأضاف آل هتيلة في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أن هذا الدور "لا يروق لبعض القوى في المنطقة، فظهر كثير من الأصوات الشاذة في مختلف وسائل التواصل في محاولة للضرب في هذه اللحمة الخليجية، وتشتيت جهودها خدمة لمصالح ضيقة، وأجندات لا تخدم المشروع العربي الذي يساند فلسطين وسورية وليبيا واليمن والعراق".
رقابة جماعية
ولفت آل هتيلة إلى أهمية فرض رقابة جماعية للوصول إلى البؤر التي لا تزال تنشط في الإساءة والتشكيك في السياسة والمواقف الخليجية.
وقال: "في حال فرض رقابة جماعية نصل إلى البؤر التي ما زالت تنشط في الانتقادات غير المبررة، والتشكيك في السياسات بطرق ممجوجة بل ومقززة، خاصة من يمارسون التذاكي، اعتقاداً أن محاولاتهم ستنطلي على كل متابع يدرك توجهاتهم الخبيثة التي لا تريد الخير لدول الخليج خاصة والعربية على وجه العموم".
وأكد آل هتيلة أن "كل هذه المحاولات البائسة من قبل أعداء المشروع العربي، التي ظهرت من خلال معرفات غالبيتها وهمية قوبلت بدعوات صادقة من قبل بعض المسؤولين الخليجيين، الذين يرون ضرورة توحيد الجهود في مواجهة كل من يحاولون التأثير على الوحدة الخليجية والعلاقات الأخوية بين الشعوب".
واستطرد قائلاً: "من واقع تجربة لا يمكن لأي سعودي التجاوز على قيادات وشعوب الدول، أو انتقاد سياساتها، وهو ما يفترض أن يكون في جميع الدول، خاصة أن معرفات غير خليجية تُمارس علناً الهجوم غير المبرر على بعض دول المجلس، وهو ما يجب التنبه له، والعمل على إيقافه".