أحمد المهندي- الشرق القطرية-
الساحة الإعلامية القطرية، تشهد تقدماً كبيراً، في الكثير من الجوانب الإعلامية المختلفة، سواء على صعيد الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد (وسائل التواصل الاجتماعي). ويتفاوت ذلك التقدم بنسب مختلفة؛ فمثلاً في الإعلام التقليدي الرسمي للدولة نجد أن الإعلام المكتوب يحظى بنسبة كبيرة من حرية التعبير، وليست مطلقة، ولكنها تؤدي إلى توازن مطلوب بين شرائح المجتمع، وتعطي مساحة متميزة لإبداء الرأي.. مع ما قد يضعفها من بعض السياسات التحريرية، التي تقيَّد من بعض رؤساء التحرير، ولا دخل للحكومة بها في شيء.. لذلك استطاعت الصحافة القطرية أن تلعب دوراً مهماً، يؤثر في صناع القرار، وتعمل على تثقيف المجتمع وتمنحه الدور الريادي المطلوب، مع الأخذ بالاعتبار احترام الدين والعادات والتقاليد.
أما الإعلام البصري والمسموع، فتقل فيه مساحة الحرية التعبيرية، وتكاد تنعدم!! حيث لا يوجد في تلفزيون قطر الرسمي أي مجال لحرية الرأي أو التعبير، ويركز التلفزيون بشكل دائم على ما هو إيجابي عن قطر.. الإعلام السمعي في قطر يشبه الإعلام البصري، ويتفوق عليه في برنامج واحد تعطى فيه حرية التعبير مجالاً أوسع، ألا وهو برنامج «وطني الحبيب صباح الخير»، حيث يستطيع الجمهور التعبير عن مشاكلهم بأكثر طلاقة وحرية..
أما الإعلام غير الرسمي ويتمثل في قناة الجزيرة، وبعض المواقع الإلكترونية، وبرامج التواصل الاجتماعي، فلديها مساحة كبيرة من الحرية في التعبير، وقد وضعت قطر في الخانة البرتقالية في تصنيف الأمم المتحدة لحرية الإعلام، وهي أعلى قليلاً من الخانة السوداء، التي تعني أنه لا حرية للإعلام في البلد.
وقد أسهمت تلك المساحة من حرية التعبير، إلى في تجاوب المسؤولين بشكل كبير مع ما يتطلبه المجتمع، وأصبح لهذا الإعلام متابعون، وانتشارٌ واسع وتأثير مباشر على أصحاب القرار.. ولا يقلل من مدى أهمية هذا الإعلام سوى بعض المتابعات القانونية، التي باتت تشكل دائرة خانقة للبعض، لو اتسعت أكثر مما هي عليه الآن. من خلال متابعاتي كإعلامي، ومدرب معتمد، من منظمة اليونسكو للتربية الإعلامية. لاحظت أن هناك تعطشاً لدى المجتمع القطري، لمعرفة طرق التربية الإعلامية الصحيحة، وكيفية تحصين نفسه بها.. الكثير ممن تم اعطاؤهم دورات بهذا الخصوص، أصبحوا على دراية تامة بالتربية الإعلامية، وبات ذلك واضحاً في تعاملهم وشكوكهم للكثير من الرسائل الإعلامية، التي يتلقونها، مما يجعلهم يتحرون الدقة، ولا ينشرون إلا ما هم هو صحيح ومتميز.
في نفس الوقت أرى أن الغالبية العظمى من المجتمع ـ كما هو في باقي المجتمعات العربية ـ لا تزال تنغمس في الكثير من التضليل الإعلامي، وهذا لا نجده في المجتمعات الغربية إلا نادراً.. وأرجع الأسباب إلى قدرة المسؤولين عن التعليم في المجتمعات الغربية على إدخال التربية الإعلامية في المناهج الدراسية، وأصبحت الناشئة لديها حصانة، وتعرف معنى التربية الإعلامية وتطبقها في حياتها بشكل سليم.. كل ما نريد أن نوصله إلى الجمهور والطلاب والمتدربين، هو معرفة معنى الرسائل الإعلامية بأنواعها المختلفة، سواء أكانت نصاً أو صورة أو فيديو، وفهمها وتحليلها ثم المشاركة بها، حتى يصبحوا واعين لما يدور حولهم من فضاء إعلامي واسع، وبذلك تتحقق لديهم تربية إعلامية صحيحة.. أرى أن المسؤولية تقع على مركز الدوحة لحرية الإعلام، للعمل على إدخال التربية الإعلامية للمناهج الدراسية في قطر، وغيرها من الدول العربية، وإن لم تكن كمادة أساسية، حيث إن التربية الإعلامية يمكن أن تدخل في كل المواد.
كما أرجو من مركز الدوحة، أن يعيد نشاطه السابق في إعطاء الورش، والدورات للطلاب والمدرسين في مدارس قطر، وكذلك بالجامعات، لأن الطلاب يتغيرون، فهم بحاجة إلى متابعة مستمرة، وتكثيف هذا النشاط يضمن بإذن الله تحصين وتثقيف المجتمع، بمبادئ التربية الإعلامية المعروفة.