علي المطاعني- الشبيبة العمانية-
التنسيق بين الجهات الحكومية والعمل بنظام الفريق الواحد يجب أن يحتل سلم الاهتمامات بين الوحدات الإدارية في الدولة للعديد من الاعتبارات التي تفرض على الأجهزة الحكومية العمل بشكل مختلف يتجاوز تضارب الاختصاصات والمهام بينها، ويواكب التطورات المتسارعة في إدارة التغيير في العمل الإداري والتطورات الحديثة في العلوم الإدارية، ويسرّع خطوات العمل بما يخدم المراجعين ويحسّن من مستوى الخدمات المقدمة، ويعكس صورة مشرفة عن الأداء في الأجهزة الحكومية، في حين أن الواقع لا يعكس ذلك جملة وتفصيلا للأسف،حيث تجد ضعفا في التنسيق بين الوزارات ذات العمل المشترك أو تشابها في الاختصاصات، وقد حان الوقت للانتهاء من هذه المسائل الخلافية والتعقيدات الإدارية التي لا طائل منها إلا تعطيل العمل وإضاعة الوقت والجهد وانعكاسات ذلك على عدم الرضا عن الخدمات المقدمة للمواطنين والتضييق على الاستثمار وضعف الجودة وهو ما يتطلب وضع آليات لضبط إيقاع العمل من خلال تقييم الأداء وسرعة الإنجاز سواء بين الجهات بعضها ببعض أو بين الوزارات والمراجعين ووضع أطر زمنية للانتهاء من المعاملات وهذه الإشكاليات بشكل عملي.
إن التنسيق بين الأجهزة الحكومية فيما يخص عملها بين بعضها البعض يجب أن يوضع له إطار عمل ينهي حالة الشد والجذب بين الوزارات والهيئات وعدم التهاون في كل ما من شأنه أن يخدم الصالح العام، فكل المستجدات تستدعي الخروج من هذا النفق المظلم إن جاز لنا التعبير أن نطلق عليه ذلك في العمل الإداري بين كيانات واحدة لها هدف واحد وهو المصلحة العامة ولكن تختلف في كيفية تحقيق ذلك الهدف بشكل سلس ومرن وفق متطلبات العصر والمتغيرات التي تلزم هذه الجهات ومسؤوليها بالتغيير المنهجي في التفكير والعمل والأسلوب أيضا لإضفاء السرعة والجاذبية على العمل بكل رضا ونفس مفتوحة تعبّر عن قيمنا وسماتنا كعمانيين.
فهناك الكثير من المعاملات التي يتطلب أن تنجزها جهات حكومية مختلفة يجب ألا تختلف في آليات عملها وإجراءاتها وأساليب إنهائها، في حين أن الواقع يقول عكس ذلك، فكل جهة تعيب عمل الأخرى، وكل وزارة ترد المراجع إلى الوزارة الفلانية وبعضها يقول إن هذه المعاملة أو تلك ليس من اختصاصه وهكذا يمضي العمل من وزارة إلى أخرى يضيع فيها الناس بين الجهات لإنهاء معاملاتهم.
ويمتد عدم التنسيق بين الوزارات الحكومية إلى أكبر من ذلك ، يمتد إلى تعطيل العمل في العديد من المشاريع التنموية للعديد من الأمور الإجرائية البسيطة التي يتطلب أن تفي بها، إلا أن بعضها يقول بعدم اختصاصها والأخرى تقول بعدم الدراية بها، وأخرى غير مبالية بأهمية هذا المشروع أو ذاك كي ينجز في الوقت المطلوب، وغير ذلك من ضعف التواصل بينها وإنهاء المعاملات.
البعض يرسم صورة قاتمة لعدم التنسيق بين الجهات الحكومية ويصفها بأنها تعمل منفردة كجهات ليس بينها ما يربط مع الأخرى، وأن كل وحدة حكومية تعطل عمل الجهة الأخرى في تعاطٍ غير مسؤول مع العمل الوطني، وعدم التفكير في انعكاسات كل ذلك على الوطن والمواطن.
فبعض المشاريع تحتاج إلى موافقات من عدة جهات، وعندما يراجع المواطن جهة ترجعه للأخرى للتوقيع أو إبداء الأسباب بالرفض أو القبول، وترفض أن تنهي المعاملة ما لم تكن الجهة الأخرى سبقتها في التوقيع على الورقة، رامية بمصالح المواطنين والبلاد والعباد في الاستفادة من هذا المشروع أو ذاك عرض الحائط غير مبالية بما تؤدي إليه هذه الإجراءات من تردٍّ في الخدمة.
بل إن بعض الجهات الخدمية لديها مشاريع ترغب في إنجازها وتجد من يعرقلها بإجراءات من وزارات أخرى زميلة لها في الحكومة، وتبدأ المراسلات والمناقشات وتطول إلى أشهر وربما سنوات للإجابة على ممكن وغير ممكن فقط، يراوح المشروع مكانه إلى ما شاء الله، وبعض المشاريع المعرقلة يكون عدم تنفيذها ناتجا عن عدم الانتهاء من موافقة من هذه الجهة أو تلك أو توقيع أو معاينة إلى غيرها من المطالبات.
فاليوم لم يعد المواطن يتعب من متابعة الجهة أو الوزارة في إنجاز معاملة فحسب، بل أصبحت الوزارة تتعب من متابعة مثيلة لها في الحكومة لديها من الاختصاصات والمهام ما يستوجب أن تنهي الموضوعات الموكلة إليها، لكن الوضع تجده مختلفا، وكل وزارة تنعت الثانية بالتقصير وعدم التنسيق وتسهيل العمل فيها.
حتى على مستوى المسؤولين ..تجدهم يعانون من عدم التنسيق داخل الوزارات والهيئات نفسها بين المديريات والدوائر، فالكل يعمل وفق مزاجه وليس وفق المصلحة العامة أو تحقيق أهداف وزارته، بل إن البعض يتعب في التنقل من دائرة إلى أخرى في نفس الوحدة الحكومية من أجل إنهاء معاملة، نتيجة لعدم التنسيق والتواصل مما يضعف العمل ويزيد من التذمر بين المراجعين.
بالطبع لا يمكن تعميم الأمر على كل الجهات، لكن السمة العامة هي عدم التنسيق بين الجهات الحكومية والتعاون فيما بينها في كل ما يتعلق بالعمل وهو ما يطرح ضرورة مراجعة هذه الجوانب وكذلك إعطاء صلاحيات للمسؤولين في تجاوز بعض العقبات والأوامر لتعزيز الإنجاز بأسرع وقت ممكن ووضع إطار زمني للانتهاء من المعاملات الحكومية سواء بين الجهات وبعضها أو بين الوزارات والمراجعين.
نأمل أن يعاد النظر في العديد من الأمور في الأجهزة الحكومية والارتقاء بالعمل الإداري بينها، ووضع الحلول لها والعمل في الإطار الزمني لإنهاء أي معاملة وتقييم الجهات والموظفين على أساس الإنجاز وسرعته.