سامي الريامي- الامارات اليوم-
هناك جهات تهتم بدعم الشباب، وتساعدهم على بدء وتنمية مشاريعهم الخاصة، لا ننكر ذلك، لكن لنكن واقعيين، ونعترف بأن نتائج هذا الدعم متواضعة للغاية، فعدد الشباب الإماراتيين الذين استفادوا من دعم هذه الجهات قليل جداً، وعدد الذين نجحوا واستمروا ونمت مشاريعهم بشكل مبشّر، قليل جداً من ذلك القليل!.
التمويل عنصر مهم للغاية، لكنه عنصر ضمن منظومة متكاملة، لن يفيد بمفرده، ولن تفيد بقية المنظومة دون تمويل، وإن كانت الجهات التمويلية موجودة، رغم إجراءاتها الحذرة نوعاً ما، إلا أن هناك نقصاً حاداً في بقية أركان منظومة دعم مشاريع الشباب وتمكينهم من مشاريعهم الخاصة، وربما هذا النقص هو السبب المباشر في اتساع الفجوة بين الشباب وعالم الأعمال، حتى وصلت إلى الوضع الحالي الصعب جداً، إذ تشير المؤشرات إلى أن نسبة انخراط شباب الإمارات في القطاع الخاص، كروّاد أعمال يملكون مشاريعهم الخاصة، 1%!
نسبة متواضعة للغاية، تقابلها نسبة أخرى ليست إيجابية أبداً على المدى البعيد، حيث يعمل 93% من الشباب المواطنين العاملين في الدولة في القطاع الحكومي، و6% في القطاع الخاص، في حين تبلغ نسبة المواطنين الذين لديهم مشروعات خاصة، سواء كانوا شباباً أم كباراً 3%!
هذه الأرقام الصادمة لا تتناسب أبداً مع توجه الحكومة لتنويع الاقتصاد، لذا لابد من التركيز أكثر على إقامة مشروعات تدعم أنشطة الأعمال في القطاعات القائمة على الابتكار والتكنولوجيا، على اعتبار أن دعم إقامة مشروعات صغيرة بين الشباب، سيكون له تأثير طويل الأمد ودائم في خفض البطالة بين المواطنين، وضمان مشاركة فاعلة من الشباب في التنمية الاقتصادية، كما أن دعم وتركيز الحكومة على زيادة نسبة الشباب المواطنين في القطاع الخاص كروّاد أعمال وأصحاب مشروعات خاصة، يعد خياراً استراتيجياً أساسياً لابد من المضي قدماً فيه بقوة وفاعلية.
نعود إلى منظومة دعم مشاريع الشباب، وهي سلسلة متكاملة متصلة ببعضها، تقوم على دعم حكومي، وبنية تشريعية محفّزة، وإجراءات سهلة غير معقدة، وعلى التفريق بين مشاريع الشباب وغيرها من المشروعات الضخمة، وتقليل الاشتراطات والرسوم وشروط الاستقدام والمعاملات الإدارية والوزارية، إضافة إلى مراجعة الشروط التمويلية، وتدريب أكثر للشباب الراغبين في الدخول إلى عالم المال والأعمال، وقبل ذلك كله اقتناع المسؤولين في جميع الوزارات والدوائر بأهمية وضرورة دعم الشباب، كواجب وطني قبل أن يكون واجباً وظيفياً.
المخرجات ضعيفة للغاية، وفق النسب السابق ذكرها، وما دامت المخرجات ضعيفة، فهذا يعني بالضرورة أن الجهود المبذولة من الجهات المختلفة لدعم مشاريع الشباب غير كافية، لذا فإنه ليس من الخطأ مراجعة هذه الجهات لاستراتيجياتها وخططها وأسلوب عملها، ليس في ذلك اتهام لأحد بالتقصير، ولكن الواقع يُثبت عدم نجاحها بالشكل المأمول منها، فلتُعد كل جهة النظر في طريقة عملها، وتقترب أكثر من الشباب، وتساعدهم بشكل أفضل على امتلاكهم مشروعاتهم الخاصة، ولابد من الأخذ في الاعتبار نجاح منظومة العمل بجميع أطرافها، فهي الحل الأمثل لتمكين شباب الإمارات في عالم ريادة الأعمال.