خالد عبدالرحيم المعينا- مكة نيوز السعودية-
نشرت هذه الصحيفة يوم الأحد الماضي تقريرا عن المخالفات المالية والإدارية بعدد من المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد للجاليات، وهي المكاتب التي تهتم بالمسلمين الجدد وتعلمهم دينهم، لكي يقوى إسلامهم ويصبحوا مسلمين حقيقيين.
وهذه رسالة سامية فيجب ألاّ نترك المسلمين الجدد في جهلهم بالإسلام، ومبادئه، وتعاليمه السمحة، ومن هنا برزت أهمية إنشاء مثل هذه المكاتب، لتقوم برسالة سامية هي تعميق الفكر الإسلامي لمعتنقيه الجدد.
والحقيقة نحن نفرح كلما دخل الإسلام إنسان كان يعتنق ديانة أخرى، لأنه يشكل إضافة لأمة الإسلام، وقد شهدت المسلمين في المساجد يكبرون ويهللون كلما وقف أمامهم شخص ينطق بالشهادتين فيتهافتون عليه ويعانقونه مهنئين ومباركين.
وقال التقرير إن شكاوى قد وردت من بعض إمارات المناطق حول المخالفات الإدارية والمالية في عدد من هذه المكاتب، وعلى ضوئها وجهت الجهات العليا بتشكيل لجنة من وزارة الداخلية، والشؤون الإسلامية لدراسة وضع هذه المكاتب والتقدم بتوصيات محددة بشأنها.
وتوصلت اللجنة إلى عدة توصيات تضمنت تكثيف الرقابة على هذه المكاتب، والإشراف على موازناتها وقوائمها المالية وتدريب العاملين فيها على مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب لتجفيف منابعه.
ورحبت جماهير الشعب بهذه القرارات من حرصها على سلامة عمل هذه المكاتب، وإيمانا برسالتها النبيلة نحو المسلمين الجدد من مختلف الجنسيات.
وتضمنت التوصيات المذكورة إغلاق بعض المكاتب وافتتاح عدد منها في المناطق السكنية والتجارية، حتى تسهل مراقبتها وتعظيم الاستفادة منها.
والحقيقة أن الكثير من المواطنين لا يعلمون ما يدور داخل أروقة هذه المكاتب وماذا تعلم المسلمين الجدد وكيف تحصنهم ضد التطرف والإرهاب في هذا العصر الذي تعددت فيه وجوه الإرهاب واختلفت فيه سحنات الإرهابيين الذين يبدون لنا أشخاصا شديدي التدين وشديدي الحرص على الإسلام، بينما هم في الواقع عطشى للدماء والتقتيل ليس في سبيل الله ولا من أجل الإسلام بل من أجل غايات دنيوية ومكاسب سياسية ضيقة الأفق.
وقد كانت لي لقاءات بعضها عابر مع بعض المسلمين الجدد، فلمست فيهم الهشاشة وقلة المعرفة بالدين مع أنهم فخورون كونهم أصبحوا مسلمين ينتمون إلى أمة الإسلام.
وأذكر قبل عدة سنوات أني كنت ذاهبا إلى مسجد قريب من بيت الوالد عندما صادفت مجموعة من الإخوة الفلبينيين الذين سألوني إن كنت أعرف مسجدا قريبا، فطلبت منهم أن يرافقوني.
وفي الطريق سألتهم كم من الوقت مضى على إسلامهم فعرفت منهم أن متوسط الزمن الذي استغرقه خمستهم في الإسلام لم يتجاوز بالكاد السبعة عشر يوما.
وبدؤوا يلقون عليّ أسئلة أذهلتني في سذاجتها وضحالتها، حيث سألني أحدهم إن كنت علمانيا أو ليبراليا ولم أعرف الفرق بينهما لأنهما تقريبا شيء واحد.
وطلب مني آخر أن أكون حذرا من بعض الطوائف الإسلامية الأخرى التي ذكرها بالاسم وعندما سألته لماذا؟ قال لي إن «الشيخ» أفهمه ذلك وطلب منه أن يبتعد عن الطوائف الأخرى.
وقال أصغرهم، الذي بدا أكثر حماسا، إن النساء اللاتي لا يغطين وجوههن سيدخلن النار يوم القيامة! وأستغرب أن تقدم مكاتب الدعوة والإرشاد للجاليات مثل هذا التعليم للمسلمين الجدد فيشوهون عقيدتهم ويملؤون عقولهم بالحقد والكراهية والأفكار المتطرفة.
ومن يدري فربما كان هناك «شيخ» آخر يطلب منهم أن يفجروا أنفسهم باسم الإسلام لكي يدخلوا الجنة وينعموا بالحور العين!إن هؤلاء المسلمين الجدد هم في واقعهم أناس بسطاء ربما دخلوا الإسلام برغبة حقيقية أو ربما كانت لهم دوافع دنيوية أخرى.
وفي كلتا الحالتين فهم قد أصبحوا محسوبين علينا، ويجب ألاّ نتركهم لغلاة «المشايخ» يوجهونهم حيثما شاؤوا.
وقد تحدثت في هذا الشأن مع أحد المسؤولين في مكاتب الدعوة والإرشاد للجاليات، لكن لم يكن عنده ما يقوله، واكتفى بالصمت المطبق.
وحسنا فعلت السلطات المعنية عندما قررت إعادة تنظيم هذه المكاتب، ودراسة أوضاعها وأسباب زيادة انتشارها، وفرض رقابة صارمة على أعمالها وإجراءاتها المالية والإدارية.