القبس الكويتية-
تشهد أسواق ومحال بيع ألعاب الأطفال رواجا على مدار العام من قبل الأهالي، الذين يحرصون على شراء الألعاب لأطفالهم، والتي لم تعد مجرد أداة للتسلية فقط، وإنما وسيلة مهمة لتنمية قدراتهم الذهنية والمعرفية والبدنية.
في جولة ميدانية لـ القبس على مجموعة من أسواق ومحال بيع الألعاب في مناطق متفرقة، رصدت عددا من المشاكل والسلبيات التي تواجه زبائنها، بدءا من التفاوت في الأسعار.. مرورا بتلاعب ببلد المنشأ.. ووصولا إلى بيع ألعاب مضرة على الصحة وأخرى خطرة على الأطفال وغيرها غير صالحة للاستخدام.
فبنادق ومسدسات خرز خطرة تباع للصغار، ودمى مصنوعة من مواد مجهولة تعرضها المحال في متناول أيديهم بأرخص الأسعار، وألعاب أخرى تشجعهم على العنف والسلوك العدواني، وغيرها خادشة للحياء، تقوم بحركات غريبة وتتفوه بجمل بذيئة لا تراعي عاداتنا وتقاليدنا.
الأهالي أبدوا استياءهم الشديد من ضعف الرقابة على أسواق ومحال بيع العاب الأطفال من قبل الجهات المعنية، والذي جعلها وفقا لقولهم، تحدد الأسعار وفقا لشكل الزبون، وبلد الصنع وفقا للمزاج، وتبيع كل الأنواع بما فيها الممنوعة في الكويت، وطالبوا بتشديد الرقابة عليها على مدار العام، وليس فقط في الأعياد والمناسبات، التي يزيد فيها إقبال الأهالي على شراء الألعاب لاسعاد أطفالهم، مع تطبيق إجراءات رادعة على أي تجاوزات فيها.
جولتنا بدأت من سوق المباركية، والذي وجدنا فيه نحو 20 محلا لبيع ألعاب الأطفال، وكانت مكتظة بالمتسوقين من مواطنين ومقيمين الذين كانوا مع أطفالهم يبحثون عما يناسبهم من العاب من حيث النوع والسعر، كانت معظم الألعاب المتوافرة بمختلف أنواعها في المحلات مستوردة من بلدان آسيوية في مقدمتها الصين.»
تفاوت كبير
ألعاب كثيرة ومتنوعة معروضة في المحال، بعضها مناسب للأطفال، ينمي قدراتهم الذهنية والبدنية، وأخرى خطرة على حياتهم وصحتهم، وكان هناك اختلاف كبير في أسعار الكثير من الألعاب، فعلى سبيل المثال، كان سعر لعبة سيارة متحركة بـ 3 دنانير في محل، ونفسها في محل مجاور بـ 5 دنانير، وفي آخر بـ 7 دنانير من دون أسباب تذكر، وقد رصدنا أثناء وجودنا في أحد المحال غشا من قبل البائع فيها، حيث باع لعبة الى رجل كبير في السن بدينار، وبعدها بدقائق معدودة جاء طفل ذو 8 سنوات وطلب نفس اللعبة وباعها اليه بـ 3 دنانير!
يعلق أحد المواطنين، يدعى علي المهندي، على الأسعار، قائلا: علامات استفهام كثيرة من التفاوت الكبير في أسعار بيع الألعاب بين محل وآخر مجاور له، بالرغم من تطابقها من حيث الماركة والجودة وبلد الصنع.
وبيّن أن بعض الألعاب، مثل «السيارة التي تحرك عن بعد»، تضاعفت أسعارها كثيراً، حيث كانت أسعارها تتراوح ما بين 3 إلى 5 دنانير، والآن لا تقل عن 10 دنانير، بينما تصل في الأعياد والمناسبات التي يزيد إقبال الأهالي على شراء الألعاب لأطفالهم إلى أكثر من 15 ديناراً.
من جانبه، قال المواطن خليفة الهذال: مستاؤون كثيراً من استمرار بعض المحال في عرض وبيع الألعاب الممنوعة والخطرة كالمسدسات الخرز، والتي آذت أطفالاً كثراً في عيونهم، إضافة إلى «الجراغي»، مؤكداً أن أصحاب المحال لا يهمهم مصلحة الأطفال ولا سلامتهم، وغايتهم زيادة نسبة أرباحهم في نهاية الشهر.
مشاهد متكررة
انتقلنا إلى محافظة الجهراء، والتي وجدناها تحوي أكثر من 25 مجمعاً تجارياً مع عدد من الأسواق الشعبية، وكان في كل مجمع وسوق عدد من المحالات المتخصصة في بيع ألعاب الأطفال بأنواعها، وقد تكررت مشاهدة عدة أثناء تنقلنا بين المحال، كالإقبال على الشراء، والتفاوت في الأسعار، وعرض ألعاب ممنوعة وخطرة على بعض الأطفال.
شاهدنا الكثير من الأهالي يهتمون عند دخولهم إلى المحال في السؤال عن الأسعار فقط، ولا يعيرون اهتماماً للنوع أو الجودة، حيث كانوا يشترون الأرخص ثمناً دون قراءة التعليمات ورؤية الإمكانات، وإن كانت تناسب أعمار أطفالهم أو لا، وكانت الطامة أن عمالاً في بعض المحال كانوا يقولون للبعض منهم إنها لا تناسب سن طفلهم، ولكنهم يصرون على أخذها.
واستغرب المواطن علي الشمري من شراء بعض الآباء أو الأمهات ألعاباً لا تناسب أعمارهم فقط من أجل رخص أسعارها، فأحياناً يكون ابنهم بعمر 3 سنوات ويشترون له لعبة لا تصلح أن يلعب بها إلا ابن السابعة أو الثامنة، فتسبب له مشاكل كثيرة، مثل أن تكون اللعبة بها قطع صغيرة فيبتلعها الطفل فتسد مجرى التنفس لديه، مضيفاً: لا نضع الخطأ على الباعة أو «التجارة» أو «البلدية» في تلك الحالة، فمن يتحمله أهله الذين اشتروا له اللعبة التي لا تناسبه، والذين كانوا يجب أن يقرروا الصالح والطالح له.
تنمية القدرات
المواطنة أم جاسم كانت تتجول بين محال بيع الألعاب مع أطفالها، استوقفناها وسألناها عن رأيها في ألعاب المعروضة من حيث الجودة والسعر، حيث قالت: الألعاب ليست وسيلة للتسلية يشتريها الأهالي لأطفالهم فحسب، وإنما أيضاً وسيلة مهمة لتنمية قدراتهم الذهنية والمعرفية والبدنية وروحه المعنوية، ولكن المشكلة الكبرى أن أغلبية أسواق ومحال بيع ألعاب الأطفال في البلاد نراها تستورد ألعاباً لا فائدة منها غير التسلية، حيث تهتم فقط باستيراد الأرخص وليس الأجود، وبالتالي لا تنطبق عليها مقاييس السلامة المعتبرة والآمنة التي تحافظ على الأطفال.
وأبدت استياءها من توافر العاب، داخل في صنعها الرصاص والبلاستيك غير المطابقين للمواصفات، ومواد كيميائية ضارة قد تصيب بعض الأطفال بالأمراض، مشيرة إلى أنها فوجئت في احدى المرات باحدى الألعاب التي اشترتها لطفلها وكانت عبارة عن دمية تتفوه بألفاظ نابية وتقوم بحركات فاضحة، لا تتناسب مع عاداتنا وثقافتنا.
محطتنا الأخيرة كانت في المنطقة التجارية بجليب الشيوخ، التي وجدناها تحتوي على أكثر من 15 مجمعا تجاريا مع عدد من الأسواق الشعبية، توجد في كل مجمع أعداد متفاوتة من محال بيع الألعاب، وأثناء تجولنا على بعضها وجدنا الإقبال على الشراء، والتلاعب في الأسعار، وبيع الألعاب الخطرة والممنوعة، حاضرين كحال من سبقها.
غياب المصداقية
واشتكى كثير من الأهالي الذين جاءوا مصطحبين أطفالهم لشراء الألعاب لهم، من ارتفاع الأسعار وغياب المصداقية في البيع والشراء في أكثر المحال، حيث إن الأسعار تتغير من محل إلى آخر، كما يصعب التأكد من دقة المعلومة بشأن نوع الألعاب التي يشترونها عن موادها وبلد صنعها، فأحيانا يشترون ألعابا ويكتشفون بعد خروجهم من المحل ووصولهم إلى منازلهم أنها «خربانة» لا تعمل أو فيها عيوب، وفي النهاية يرفض الباعة إرجاع قيمتها ويوافقون فقط على استبدالها بأخرى من نفس النوعية.
{حماية الطفل}: ألعاب ممنوعة..
كيف وصلت إلى الأسواق؟
أبدت أمينة سر الجمعية الوطنية لحماية الطفل د. بلقيس النجار لـ القبس استياءها الشديد من وجود أعداد كبيرة من الألعاب المنتشرة في البلاد من الأنواع التي تشكل خطراً على الأطفال، والتي تدعوهم إلى السلوك العدواني، مثل المسدسات والسيوف وغيرها، مشيرة إلى أن المشكلة أن الكثير من أولياء الأمور يشترون لأطفالهم، لا سيما الذكور منهم، تلك الأنواع، رغبة منهم في منحهم القوة والشجاعة.
لعب رخيصة
واستغربت النجار من وجود ألعاب أطفال رخيصة الثمن متوافرة في أسواق ومحال متفرقة، بعضها مصنوعة من منتجات رديئة، تخرب بعد استعمالها بساعات معدودة، وأخرى مصنوعة من مواد كيميائية مضرة ليس على الطفل فحسب وإنما على أسرته في المنزل، وغيرها خطرة على سلامة الأطفال، متسائلة: أين الجهات الرقابية من تلك الألعاب؟! وكيف سمح المفتشون بدخولها إلى البلاد، وأصبحت تعرض للبيع على أهالي الأطفال في الأسواق؟!
تبديل لا استرجاع
شاهدنا الكثير من الزبائن يقومون بإرجاع ألعاب إلى بعض المحال، علمنا أنهم اشتروها قبل ساعات، وفوجئوا عند وصولهم إلى منازلهم ووضع البطاريات لتشغيلها بأنها لا تعمل، وكان العاملون يوافقون على تبديل اللعبة فقط ورفض استرجاع قيمتها.
محاولات إقناع
كان الكثير من الآباء يقومون بمحاولات متعددة لإقناع أطفالهم بعدم شراء بعض الألعاب التي اختاروها، إما لغلاء سعرها أو لقدم نوعيتها، وكان القليل منهم ينجحون في ذلك، حيث كان معظمهم ينزلون عند رغبات أطفالهم، تجنباً لزعلهم أو بكائهم.
{حماية المستهلك}:
التسعيرة الثابتة توقف التلاعب
بين المنسق العام في الجمعية المدنية لحماية المستهلك محمد العلي لــ القبس: وردتنا شكاوى كثيرة من تفاوت أسعار ألعاب الأطفال بين محل وآخر، مع قيام بائعين بتغيير السعر بين زبون وآخر، ونحن ننصح الأهالي بضرورة التنقل بين المحال والاستعلام عن سعر اللعبة التي يريدونها قبل شرائها، خصوصاً مع صعوبة توحيد كل الأسعار بين المحلات، نظراً لتفاوت أجورها ورواتب عمالها، كما طالبنا وزارة التجارة بإلزام كل الأسواق والمحال بالقانون الذي يحمي المستهلكين، والذي ينص على وضع تسعيرة ثابتة ومكتوبة أمام كل سلعة، سواء لعبة أطفال أو غيرها ليشتريها كل الزبائن الذين يأتون للمحل بالسعر نفسه.
الحويلة: لجنة لتحديد نوعية الألعاب
قالت رئيسة مركز الأسرة للاستشارات الاجتماعية والنفسية أساتذة علم النفس بجامعة الكويت د. أمثال الحويلة: لعب الأطفال ليست وسيلة للتسلية فقد، فهي مهمة لأي طفل في مرحلة النمو، تكسبه معرفة كثير من الأشياء في الحياة، لكننا مع الأسف أصبحت أكثر الألعاب يتم استيرادها من أحد البلدان الآسيوية، تجلب الأضرار للأطفال بدلا من أن تعود عليهم في الفائدة،
مواد كيميائية
واضافت الحويلة { منها ما تكون مصنوعة من مواد كيميائية وأخرى تحتوي على أجزاء حادة، وغيرها تخلو من أي إرشادات في كيفية صناعتها أو المرحلة العمرية المناسبة لاستخدامها} مشيرة الي انها تسبب مشاكل لبعض الأطفال، لا سيما عندما يشتريها أطفال سنهم أقل من 3 سنوات، لا يدركون شيئا بعد، ويكون في اللعبة أجزاء صغيرة ممكن أن يبتلعها أو أن يضعها في فمه أو أذنه فيصاب بأذى.
وشدّدت د.امثال الحويلة على ضرورة وضع لجنة متخصصة صحية وتربوية ونفسية تحدد نوعية الألعاب المسموح باستيرادها للبلاد، بحيث تكون العابا ترفيهية وتعليمية هادفة، لا تشجع على العنف، ولا تقوم بأفعال غير أخلاقية، ولا تكون مصنوعة من أي مواد ضارة، أو تشكل خطرا على الأطفال عند استخدامها.
على الأرصفة
أغلبية محال بيع الألعاب كانت غير ملتزمة بحدود مساحاتها، وتضع أنواعاً متعددة من بضاعتها كالدراجات والسيارات والكرات على الأرصفة المقابلة لواجهاتها، في تعد صريح على أملاك الدولة، وسلب للمكان المخصص لسير المترجلين.