قالت مصادر دبلوماسية، إن حلفاء مسلمين للسعودية كثفوا الضغوط على «بان كي مون»، الأمين العام للأمم المتحدة بعد إدراج التحالف بقيادة السعودية على قائمة سوداء بشأن حقوق الطفل في اليمن، كما لوحت الرياض بوقف مساعدات للفلسطينيين ووقف تمويل برامج أخرى تابعة للمنظمة الدولية.
وأعلنت الأمم المتحدة، يوم الاثنين، حذف اسم التحالف العربي من القائمة السوداء التي أعلنتها الأسبوع الماضي وذلك لحين إجراء مراجعة مشتركة بين المنظمة الدولية والتحالف لحالات الوفيات والإصابة بين الأطفال أثناء الحرب في اليمن.
وأثار الحذف ردود فعل غاضبة من جماعات معنية بحقوق الإنسان اتهمت الأمم المتحدة بالانصياع لضغوط الدول القوية. وقالت إن «بان» الذي يمارس عمله في العام الأخير لولايته الثانية يجازف بالإضرار بإرثه كـ«أمين عام للأمم المتحدة».
وقالت المصادر، بحسب رويترز، إن مكالمات من وزراء خارجية دول خليجية عربية وزراء من منظمة التعاون الإسلامي انهالت على مكتب بان بعد إعلان إدراج التحالف على القائمة السوداء الأسبوع الماضي. وتحدث مسؤول بالأمم المتحدة عن «ضغوط من هنا وهناك» لهذا السبب.
وتعليقا على رد الفعل قال مصدر دبلوماسي آخر لنفس الوكالة: «تنمر وتهديدات وضغوط» مضيفًا أن ما حدث «كان ابتزازًا بمعنى الكلمة».
وأضاف المصدر أنه كان هناك تهديد أيضًا «باجتماع شيوخ في الرياض لإصدار فتوى ضد الأمم المتحدة تقضي بكونها معادية للإسلام مما يعني أنه لن تكون هناك اتصالات بدول منظمة التعاون الإسلامي ولا علاقات ولا مساهمات ولا دعم لأي من مشروعات أو برامج الأمم المتحدة».
التزام سعودي
وردا على هذه المزاعم قال سفير السعودية في الأمم المتحدة «عبد الله المعلمي» إن المملكة لا تستخدم التهديدات ولا الترهيب وإنها ملتزمة جدًا تجاه الأمم المتحدة.
ونفى «المعلمي» أي تهديد باحتمال إصدار فتوى ووصف الأمر بالسخيف والمشين، مضيفًا أن الهدف من اجتماع هيئة كبار العلماء في السعودية هو إقرار وإصدار بيان يدين إدراج التحالف في اليمن على القائمة السوداء.
ويوم الاثنين، قال «المعلمي» إن التقرير السنوي لـ«لأمم المتحدة بشأن الدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الطفل في الحرب «مبالغ فيه بشدة» وطالب بتصحيحه.
وتضمنت الشكاوى السعودية الرئيسية أن الأمم المتحدة لم تستند في تقريرها إلى معلومات من الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية كما اتهمت الرياض المنظمة الدولية بعدم التشاور مع التحالف. لكن «ستيفان دوجاريك» المتحدث باسم الأمم المتحدة قال أمس الثلاثاء إنه جرى التشاور مع السعوديين.
وقالت مصادر دبلوماسية عديدة إن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) سوف تتضرر على نحو خاص لو أعيد إدراج التحالف على القائمة السوداء. والسعودية هي رابع أكبر مانح للأونروا بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وقدمت قرابة 100 مليون دولار للوكالة العام الماضي.
كما أن الكويت والإمارات العضوين في التحالف مانحتان كبيرتان للأونروا إذ قدمتا للوكالة قرابة 50 مليون دولار في 2015.
وإلى جانب السعودية قال «دوجاريك» إن الأردن والإمارات وبنجلادش اتصلت بمكتب «بان» للاحتجاج على الخطوة. وقال دبلوماسيون إن مصر والكويت وقطر عبرت لمكتب «بان» عن شكواها.
ويضم التحالف بقيادة السعودية إلى جانب المملكة كلًا من الإمارات والبحرين والكويت وقطر ومصر والأردن والمغرب والسنغال والسودان.
ولا يوجد ما يشير إلى أن الولايات المتحدة أو أي دولة غربية أخرى حليفة للسعودية شجعت الأمم المتحدة على العدول عن قرار إدراج التحالف على القائمة السوداء.
حذف التحالف
وذكر تقرير الأمم المتحدة عن الأطفال والصراع المسلح أن التحالف الذي تقوده السعودية مسؤول عن 60% من وفيات وإصابات الأطفال في اليمن العام الماضي فقتل 510 أطفال وأصاب 667 طفلاً.
وقال «مارك تونر» المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنه ليست لديه معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة اتصلت بالأمم المتحدة بشأن التقرير.
وأضاف: «نأخذ حماية الأطفال في الصراع المسلح باليمن على محمل الجد بشدة ونواصل حث كل الأطراف في الصراع باليمن على حماية المدنيين وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني».
وأوضح «دوجاريك» إن قرار حذف التحالف اتخذ انتظارا لمراجعة لحالات الوفيات والإصابات بين الأطفال في اليمن ويمكن العدول عنه لكن المعلمي قال إن «الحذف لا رجعة عنه وغير مشروط».
وتحدثت «دينا قعوار» سفيرة الأردن في الأمم المتحدة عن شكوى بلادها للأمين العام للأمم المتحدة، وقالت إن التقرير يتهم التحالف وبالتالي الأردن بما أنه عضو فيه لذلك اتصل وزير الخارجية الأردني بالأمين العام للأمم المتحدة وعبر له عن رأيه بأن التقرير منحاز وأن المنظمة الدولية بحاجة للنظر فيه.
وقالت بعثة بنجلادش إن وزير خارجية البلاد اتصل بمكتب بان قبل الحذف أثناء قيامه بزيارة رسمية للسعودية.
وأفاد مصدر دبلوماسي مطلع على الموقف أن غضب السعودية كان متوقعا وأن «رد فعل الأمين العام على ما حدث كان مخيبا للآمال».
وأشار عدد من الدبلوماسيين إلى قرار الأمم المتحدة عدم إدراج (إسرائيل) على القائمة السوداء العام الماضي بسبب مقتل أطفال في قطاع غزة بعد أن ضغطت الحكومتان الإسرائيلية والأمريكية بشدة على «بان كي مون». وقال الدبلوماسيون إن من الواضح أن الأمين العام الحالي ضعيف أمام الضغوط.
وذكر مصدر دبلوماسي آخر أن الخلاف الأخير بين الأمم المتحدة والمغرب بسب استخدام «بان» لكلمة «احتلال» لوصف وجود المغرب في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها أرسى سابقة سيئة.
وأضاف أنه عندما طلب المغرب خروج العشرات من موظفي بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المدنيين من أراضيه هذا العام لم يقدم مجلس الأمن الدولي الدعم القوي لـ«بان» وتابع أن هذا الأمر أرسى سابقة خطيرة في المنظمة الدولية التي تضم 193 دولة.
وتابع المصدر الدبلوماسي: «كانت الرسالة واضحة .. إذا قسوت على الأمين العام فإن مجلس الأمن لن يهب لمساعدته».