قلّ اهتمام المملكة بهيئة الأمم المتحدة تقريباً منذ بداية أفول الحرب الباردة، وكان سفيرها في المنظمة في تلك المرحلة «الأستاذ جميل البارودي» من السفراء الذين يشار لهم بالبنان كواحد من المؤثرين فيها إلى درجة أن منهجه وأداءه في العمل الدبلوماسي المتعدد الأطراف كثيراً ما يشار إليه عند تدريب الدبلوماسيين الجدد في معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب «يونيتار». ويعود سبب عدم اهتمام المملكة بالمنظمة إلى علاقتها المتميزة بالدول المؤثرة عالميّاً، وقناعتها بعدم قدرتها على حل القضايا العالمية، أو تنفيذ القرارات الصادرة عنها، وعدم الاستجابة للدعوات التي نادت لإصلاح نظامها الجامد. وبلغ واقعها السيِّئ إلى عدم قدرتها على إصدار بيان يُدين جرائم الأسد الوحشية في حق شعبه، إضافة إلى فشلها في حل كثير من القضايا العالمية وأهمها قضية فلسطين، فكانت ردة الفعل رفض المملكة عضوية مجلس الأمن حيث كانت صفعة قوية للمنظمة.
لقد أعاد سفير المملكة الحالي معالي الأستاذ المعلمي بعض الدور المفقود للدبلوماسية السعودية في المنظمة، بفضل صفاته وقدراته الشخصية، ولعب دوراً مهمّاً في كثير من القضايا التي تطرح في إطارها، لكن ذلك لا يعد كافياً، فنجاح العمل الدبلوماسي المتعدد الأطراف يعتمد على اليقظة والقرب من سكرتارية اللجان، ومقرري فرق العمل، وقراءة الوثائق والتدقيق فيما تحتويه قبل اعتمادها، والترشح لرئاسة مجموعات العمل، أو التنسيق الدائم معها للتعبير عن موقف ورأي المملكة تجاه كل ما يطرح قبل اعتماده. وهذا لا يستطيع السفير القيام به وحده، وإنما الاعتماد على فريق عمل من الدبلوماسيين المدربين جيداً، وتجهيز البدلاء للإحلال عند حركة التنقلات السنوية حتى لا يحدث فراغ في عمل البعثة، وهذا ما تعاني منه كل عام.
محمد الشمري- الشرق السعودية-