قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن الأكاديمي الإماراتي ناصر بن غيث الذي يواجه اتهامات تشمل انتقاده السلمي للسلطات المصرية والإماراتية سيكون قد أمضى أكثر من 18 شهرا رهن الاحتجاز بحلول موعد جلسة محاكمته التالية في 22 فبراير/شباط 2017.
وقضي «ناصر بن غيث» 9 أشهر محتجزا بمعزل عن العالم الخارجي بعد توقيفه في أغسطس/آب 2015، ثم وضعته السلطات في الحبس الانفرادي منذ نقله إلى قسم الحراسة المشددة بسجن الصدر في 18 مايو/أيار 2016.
وقالت هيومن رايتس ووتش في بيان على موقعها على الإنترنت إن 3 من التهم الخمس المنسوبة إليه تنتهك حقه في حرية التعبير.
وأوقف مسؤولون أمنيون في ثياب مدنية بن غيث في أبوظبي يوم 18 أغسطس/آب 2015، بعد 4 أيام على نشره سلسلة من التغريدات انتقد فيها السلطات المصرية.
وهناك اتهامات أخرى منبعها مواد نشرها على الإنترنت بقصد السخرية أو للإضرار بسمعة الدولة أو قادتها.
وقالت مصادر محلية لهيومن رايتس ووتش إن «سلطات السجن منعته من الرعاية الطبية التي يحتاجها نظرا لمعاناته من عدة مشكلات صحية.
وقال «جو ستورك»، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: «انتظرت عائلة بن غيث 9 أشهر لتعرف مكانه، ولما عرفته صارت مضطرة لتحمّل عبء معرفتها بما يعانيه في الحبس الانفرادي».
وأضاف «ستورك»: «من السهل جدا أن تصبح إرهابيا في الإمارات: كل ما تحتاجه هو أن تقول شيئا غير مناسب أو أن تتعرف على الشخص الخطأ».
كما اتهمت السلطات «بن غيث أيضا بالتعاون مع جمعية الإصلاح وحزب الأمة، وهي مجموعات صنفتها السلطات تنظيمات إرهابية في 2014.
ولم يقدّم الادعاء أية أدلة على انخراط الإصلاح – الناشطة في الإمارات منذ سنوات – أو تبنيها لأعمال عنف.
كما نفت أسرة «بن غيث» عضويته في حزب الأمة، والصلة الوحيدة المعروفة عنه بالمجموعة المذكورة كانت محاضرة قدّم فيها مؤسس الحزب «بن غيث بصفته أكاديمي مختص في الاقتصاد.
ومن الاتهامات المتعلقة بحرية التعبير التي يواجهها «بن غيث أنه نشر معلومات تهدف إلى الإساءة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة عن طريق الادعاء بأنه تعرض للتعذيب واتُهم ظلما خلال المحاكمة السابقة.
في 2011 كان بن غيث من بين 5 رجال أدينوا بتهمة الإهانة العلنية لمسؤولين إماراتيين على صلة بانتقادهم للحاكم الفعلي للإمارات ولي العهد الأمير «محمد بن زايد آل نهيان.
ووقت توقيفه في 2011 كان مُحاضرا في فرع جامعة السوربون في أبو ظبي.
نال «بن غيث حكما بالسجن عامين في نوفمبر/تشرين ثاني 2011 لكن خففت محكمة حكمه في اليوم التالي وأفرج عنه بعد قضاء 7 أشهر في الحبس على ذمة القضية.
وتتصل تهمة حرية تعبير أخرى بتغريدة نشرها في 17 أغسطس/آب 2015 وفيها – حسبما نقلت تقارير إعلامية محلية – أدلى بتعليقات ساخرة من قرار الإمارات بتخصيص أرض لبناء معبد هندوسي.
كما اتُهم «بن غيث» أيضا بمخالفة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2012، وتحديدا المادة 29 التي تنص على السجن بحد أقصى 15 عاما جراء نشر مواد على الإنترنت بقصد السخرية أو الإضرار بسمعة الدولة أو قادتها.
الاتهامات المنسوبة إليه على صلة بانتقاداته لمصر هي بموجب المادة 166 من قانون العقوبات الإماراتي.
وتنص المادة على السجن بحد أقصى 10 أعوام لكل من يرتكب أي عمل عدائي ضد بلد أجنبي يمكن أن يعرض الإمارات لخطر الحرب أو قطع العلاقات الدبلوماسية.
ويبدو أن الاتهامات المتصلة بالإصلاح وحزب الأمة تخص محاضرات قدمّها.
وذكرت صحيفة خليج تايمز في 3 مايو/أيار 2016 أن بن غيث أعطى محاضرات تروج لهذه المجموعات.
ويظهر في مقاطع فيديو لإحدى المحاضرات، التي قُدمت في إسطنبول ومتاحة على الإنترنت، الأمين العام لحزب الأمة، حسن الدقي يقدم بن غيث كأكاديمي.
قانون مكافحة الإرهاب رقم 7 لعام 2014 يسمح للسلطات الإماراتية بملاحقة كل من يعارض الحكومة سلميا، سواء بالكتابةً أو شفاهيا، بتهمة الإرهاب.
وأي عمل تراه المحاكم معارضا للدولة أو يبث الخوف، أو يهدد الوحدة الوطنية، يمكن اعتباره عملا إرهابيا بموجب القانون، الذي ينص على عقوبات مطولة في السجن وعلى عقوبة الإعدام.
تنص المادة 31 على عقوبة السجن المؤبد لكل من تعاون مع تنظيم إرهابي مع علمه بحقيقته أو بغرضه.
كما تنص المادة 180 من قانون العقوبات على السجن بحد أقصى 15 عاما لأي شخص «أدار جمعية أو هيئة أو منظمة... أو فرعا لإحداها، تهدف أو تدعو إلى قلب نظام الحكم في الدولة».
وفي بيان صدر على تويتر بتاريخ 5 مايو/أيار 2016 منسوب لأسرة «بن غيث»، أعلنت الأسرة رفض مزاعم حزب الأمة على مواقع التواصل الاجتماعي بأن «بن غيث» هو رئيس الحزب.
وبدأت محاكمة بن غيث في المحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي يوم 4 أبريل/نيسان 2016، لكنه لم يقابل محام حتى الجلسة الثانية، في 2 مايو/أيار.
في ديسمبر/كانون الأول 2016 أعاد القاضي القضية إلى محكمة الاستئناف الاتحادية. من ثم بدأت محاكمته فعليا في 21 يناير/كانون الثاني 2017، بعد أكثر من 17 شهرا من توقيفه.
ومن المقرر أن تتم محاكمة المفكر «ناصر بن غيث»، على يد قاض مصري، وهو ما أثار غضب ناشطين اعتبروا ذلك دليلا إضافيا على غياب النزاهة في القضاء الإماراتي ورغبة في الانتقام من حرية الرأي.
وكان «جو ستورك»، قد لفت في تقرير سابق للمنظمة إلى أنه «تثبت التهم الموجهة لناصر بن غيث والانتهاكات الخطيرة لحقه في المحاكمة العادلة، مرة أخرى، أن الإمارات تعتبر المعارضة السلمية جريمة. تنتهك القوانين التي تقول السلطات إن بن غيث خالفها المعايير الدولية لحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات».
ويواجه معتقلو الرأي عموما في سجون الداخلية أو سجون أمن الدولة السرية عمليات تعذيب خطيرة وممهنجة وفق توصيف الأمين العام السابق للأمم المتحدة «بان كي مون» في سبتمبر/آيلول الماضي.
هيومن رايتس ووتش-