قالت «منظمة العفو الدولية» إن حل البحرين جمعية سياسية رئيسية معارضة يمثل آخر الخطوات التي تبعث على القلق في حملتها الفاضحة لوضع حد لجميع أشكال الانتقاد للحكومة.
جاء ذلك بعد أن أصدر القضاء البحريني، أمس الأربعاء، قرارا بحل جمعية «العمل الوطني الديمقراطي» (وعد) العلمانية، عقب إصدارها بيانا في فبراير/شباط الماضي، قالت فيه إن البحرين تعاني من أزمة سياسية دستورية، وسط انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان،حيث اتهمت الجمعية عقب ذلك بارتكاب مخالفات جسيمة تستهدف مبدأ احترام حكم القانون، ودعم الإرهاب، وتأييد جهات أدينت قضائيا بالتحريض على العنف وممارسته.
وصرحت «لين معلوف» مديرة البحوث في «منظمة العفو الدولية» بمكتب بيروت الإقليمي، بأن البحرين تتجه الآن، بحلها جماعة سياسية معارضة رئيسية، نحو القمع الشامل لحقوق الإنسان، قائلة إن حل جمعية «وعد» يمثل هجوما صارخا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وشاهد آخر على أنه ليس لدى السلطات أية نية في أن تفي بوعودها بترقية حقوق الإنسان.
وأضافت «معلوف»: «أن المزاعم التي أدلت بها وزارة العدل ضد وعد وقادتها لا أساس لها وسخيفة وجريمتهم الوحيدة المزعومة هي ممارستهم حقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها.
وأشارت إلى أن «وعد» قد دأبت بصورة متكررة على الجهر بمعارضة العنف وبالالتزام بالوسائل السلمية وأنكر قادتها التهم الموجهة إليهم، لافتة أن «وعد» وقعت كذلك على «الإعلان الوطني لمبادئ اللاعنف» في 2012، وأدانت على نحو متكرر الدعوات إلى العنف وأعمال العنف ضد قوات الأمن.
وأوضحت «معلوف» أن هذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها وزارة العدل البحرينية إجراءات قانونية، أو تهدد باتخاذ مثل هذه الإجراءات، ضد «وعد أو تجمد فيها جمعية سياسية أو تحلها.
وقالت إن حل «وعد» جاء وسط حملة قمعية عامة استهدفت حقوق الإنسان وشهدت تصعيدا غير عادي منذ مطلع 2017، وشملت محاكمة المدافع البارز عن حقوق الإنسان وسجين الرأي «نبيل رجب»، وإقرار تعديل دستوري يسمح بمحاكمة المدنيين أمام محكمة عسكرية، واستعادة «جهاز الأمن الوطني» سلطات القبض والتحقيق التي كان يتمتع بها سابقا، إضافة إلى تفشي الاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين.
وقد أصدرت محكمة بحرينية، أمس الأربعاء، قرارا بحل «وعد» بناء على طلب من وزارة الداخلية، وذلك عقب إصدار الجمعية بيانا في 14 فبراير/شباط الماضي، ذكرى انتفاضة 2011 في البلاد، انتقدت فيه الدستور البحريني، كما قضت بتصفية أموال الجمعية.
وحركت وزارة العدل دعوى قضائية ضد «وعد» في 6 مارس/آذار الماضي، متهمة الجمعية بانتهاك قانون الجمعيات السياسية، إلا أن «وعد» علمت بالدعوى القضائية للمرة الأولى من وسائل الإعلام، حيث تلقت الإخطار بالدعوى في 7 من ذات الشهر.
ووجهت إلى «وعد» اتهامات بدعم الحزب الرئيسي المعارض في البلاد، «جمعية الوفاق الوطني» الإسلامية، التي تم حلها في يوليو/تموز 2016، وسجن أمينها العام الشيخ «علي سلمان»، الذي اعتبرته «منظمة العفو» الدولية سجين رأي.
كما اتهمت الجمعية بانتخاب «إبراهيم شريف» وهو سجين رأي سابق، عضوا في لجنتها المركزية على الرغم من اعتباره من جانب السلطات فاقدا لحقوقه المدنية والسياسية، بناء على اتهام وجه إليه في 2011.
واتهمت وزارة العدل «وعد» أيضا بالدعوة إلى الإرهاب والتحريض عليه عقب إدانة الجمعية إعدام 3 رجال في 15 يناير/كانون الثاني الماضي، والإشارة إليهم بأنهم «شهداء»، ووصفها رجالا آخرين توفوا أو قتلوا على أيدي قوات الأمن في فبراير/شباط بأنهم «شهداء».
وكان وزير العدل البحريني رفع في أغسطس/آب 2014، دعوى قضائية ضد «وعد» لانتخابها «إبراهيم شريف» أمينا عاما لها في أكتوبر/تشرين الأول 2012.
وأسقطت الدعوى في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 للحد من التوترات التي سادت في الفترة التحضيرية للانتخابات في ذاك الشهر، وعقب موافقة «وعد» على عقد انتخابات داخلية جديدة.
وفي هذا الإطار، يشار على أن السلطات البحرينية حلت جمعية «الوفاق»، وهي حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، في يوليو/تموز 2016، عقب شهر واحد من صدور أمر عن إحدى المحاكم بتعليق أنشطتها، كما أغلقت مكاتبها ومقرها الرئيسي وصودرت حساباتها وممتلكاتها.
وسجن الشيخ «علي سلمان»، الأمين العام للجمعية، و«فاضل عباس مهدي محمد»، الأمين العام السابق لجمعية سياسية أخرى، هي «التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي»، واعتبرتهما «منظمة العفو الدولية» سجيني رأي.
هذا، وتشن السلطات البحرينية حملة ضد رجال الدين الشيعة ومؤسسات حقوقية وجمعيات معارضة، منذ أن اندلعت في البلاد احتجاجات شعبية تطالب بإصلاحات في نظام الحكم.
وكثف القضاء البحريني في السنوات الأخيرة إجراءاته بحق متهمين بتنفيذ اعتداءات إرهابية استهدفت بمعظمها الشرطة، خصوصا لجهة إصدار أحكام بالسجن لمدد متفاوتة، وقرارات بإسقاط الجنسية عن المتهمين.
ويرجح أن معظم هذه القضايا مرتبطة بالاضطرابات التي شهدتها البحرين منذ العام 2011، تاريخ اندلاع احتجاجات مناهضة للحكم قادتها المعارضة، للمطالبة بملكية دستورية وإصلاحات سياسية.
وأصدر العاهل البحريني الملك «حمد بن عيسى آل خليفة» في يونيو/حزيران 2016، قانونا يمنع أعضاء الجمعيات السياسية من اعتلاء المنبر الديني أو الاشتغال بالوعظ والإرشاد والخطابة ولو بدون أجر.
كما صادق في أبريل/نيسان الماضي، على تعديل خاص بدستور البلاد يتعلق بالقضاء العسكري، اعتبرته المعارضة البحرينية توسيعا من صلاحيات القضاء العسكري في البلاد.
العفو الدولية-