هناء الكحلوت - الخليج أونلاين-
رغم مضي عدة شهور على إصدار دول حصار قطر (السعودية والبحرين والإمارات ومصر)، قائمة إرهاب شملت أفراداً وكيانات من عدة دول، ورغم تنديد الأمم المتحدة بها، لا تزال الدول الأربع تعترف بها وتطبقها.
فبعد أن قاطعت الدول الأربع قطر، وأغلقت حدودها معها؛ وضعت قائمة إرهاب جمعت أسماء 59 شخصية و12 منظمة ومؤسسة أو جمعية، غالبيتها مؤسسات خيرية مسجلة لدى الأمم المتحدة.
الجنسيات التسع التي تشكلت منها قائمة الشخصيات ضمت حينها 26 مصرياً، و18 قطرياً، وخمسة ليبيين، وثلاثة كويتيين، وأردنيين اثنين، وبحرينيين اثنين، وسعودياً وإماراتياً ويمنياً.
- رفض أممي
وقد أثيرت عدة تساؤلات بعد صدور قائمة الإرهاب الرباعية، حول كيفية إدراج هذه الأسماء، وبناء على ماذا تم اعتمادها؟ وهل مصطلح الإرهاب ينطبق فعلياً عليهم؟ وخصوصاً أن الكثير من الأسماء المدرجة بالقائمة هم ممن دعمتهم نفس تلك الدول سابقاً.
المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، قال سابقاً: إن "أي قوائم غير تلك الصادرة عن إحدى وكالات الأمم المتحدة هي غير ملزمة لنا"، وأكد أنه "لم يصلنا شيء من تلك الدول، وقد اطلعنا على القائمة عبر وسائل الإعلام".
أما قطر فقد استنكرت، في بيان لوزارة الخارجية، قائمة الإرهاب، ووصفت فيه تلك الاتهامات بـ"الباطلة"، واتهم البيان خطوة الدول الأربع بـ"الافتراء"، وبـ"محاولة تشويه" صورة قطر، "وربطها بأي شكل من الأشكال بدعم الإرهاب"، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت إلى حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.
- مخاوف أمريكية لا تشمل قطر
وبعد أن أثارت مقاطعة قطر مخاوف أمريكية أوقفت على إثرها تدريباتها العسكرية مع الدول الخليجية، دشنت القوات الخاصة للولايات المتحدة مع نظيرتها القطرية، الأحد (15 أكتوبر)، التمارين المشتركة للعام التدريبي 2017-2018، وذلك في إطار التعاون العسكري المشترك بين البلدين.
وعلى الرغم من إدراج قائد القوات الخاصة القطرية، العميد ركن حمد بن عبد الله المري، على قائمة الإرهاب الرباعية، فإن الولايات المتحدة لم تأبه بذلك، وبدأت تدريباً عسكرياً يقوده نفس الشخص.
وكانت واشنطن قد قررت، في السادس من أكتوبر 2017، إيقاف التدريبات العسكرية السنوية المشتركة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي.
واعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال" حينها، أن هذا القرار يأتي ضمن محاولات كبار المسؤولين الأمريكيين لإقناع حلفائهم في الخليج بإنهاء الحصار المفروض على دولة قطر.
- هل تتفق دول العالم على مصطلح الإرهاب؟
تعريف الإرهاب يختلف من دولة لأخرى، ولم يتفق عليه حتى الآن في الأمم المتحدة، ما يترك الكثير من القضايا رهناً لكل دولة بناء على نظامها للبتّ فيها.
الحقوقي المصري في منظمة العفو الدولية، سامي أحمد، قال: إن "مسألة الإرهاب تحتاج إلى وضع إطار دولي لتحديد من هو الإرهابي وما الإرهاب، فالمفهوم الحالي له مميّع، غير واضح، وغير محدد، وتستخدمه الدول عموماً لخنق المعارضين، وتحييدهم"، وأكد أن "العالم بحاجة إلى تعريف من هو الإرهابي حتى يعمل الجميع تحت نطاق واحد".
أحمد بين في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "دولاً بالتحالف العربي متهمة بانتهاكات في اليمن، وبدعم العديد من أنظمة الشرق الأوسط التي ثارت ضدها شعوبها"، وتساءل: "كيف لأنظمة موجهة لها تهم تمس حقوق الإنسان أن تصدر قائمة تحدد من هو الإرهابي؟".
وأوضح أن "الأنظمة تستخدم كلمة الإرهاب في تصنيف معارضيها على أنهم إرهابيون في ظل تغييب لنظام عدالة دولي يتمكن من خلاله الإنسان من الحصول على حقوقه".
وهذا ما أكده سعد جبار، المحامي والخبير في القانون الدولي، حين قال: إن "تعريف الإرهاب ضمن المواضيع التي نوقشت ولم يتفق عليها في الإطار الدولي والإقليمي، فتعريف المعارض والكاتب أو الصامت بأنهم إرهابيون لا يُقبل به، وليس فيه مصداقية، وهي طرق واهية".
وتابع المحامي جبار لـ"الخليج أونلاين" أن "الإرهاب هو العدوان، وهناك تشريعات محلية ولكن غير متفق عليها على المستوى الدولي، ونحن يجب ألا نتبع منطق دول الحصار لأنها أصبحت تسوق ألفاظاً وتصريحات فضفاضة".
وقال إن هناك أوجهاً كثيرة للإرهاب، ومنها: "قتل المواطنين اليمنيين باستخدام طلعات التحالف العربي، وخنق المعارضين في مصر، واكتظاظ السجون، وتجويع المواطنين وإهمالهم".
وبيَّن- متأسفاً- أن "الجميع يدفع ثمن السياسات الفضفاضة اليوم، التي يتحرك من خلالها كل شخص حسب منظوره"، مشدداً على ضرورة أن "يكون هناك إطار صريح دولياً للعمل من خلاله".
وحول كون الدول الأربع قد توجهت للمحاكم الدولية أو مجلس الأمن الدولي لإصدار هذه القائمة، بيَّن الحقوقي المصري أحمد لـ"الخليج أونلاين"، أن "دول التحالف العربي متهمة من قبل مقرري الخواص (المعنيين بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة) ومن المنظمات الدولية في انتهاك حقوق الإنسان، ولن تستطيع التوجه لمجلس الأمن".
وتساءل: "كيف يمكن لها أن تضع معارضيها على قائمة دول الإرهاب وهي في ذات الوقت تنتهك حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية؟".
وأكد أن "استخدام قوائم الإرهاب هو جزء من سياسة لتفتيت المنطقة العربية، وإيجاد تغيير ديمغرافي، وهذه القوائم نقطة في بحر سياسات الأنظمة للوصول إلى أهداف معينة".
وهو ما أشارت إليه الخارجية القطرية في بيانها حول قائمة الإرهاب؛ إذ حذرت من "النتائج المترتبة على اتباع سياسة التحريض وتأجيج المشاعر، وخلق بيئة مواتية للصراعات والعداوات بين شعوب المنطقة، من خلال خلط الأوراق وتوجيه الاتهامات الجزافية من دون أدلة ووقائع، للوصول إلى أهداف سياسية وخاصة، أضحت مكشوفة للجميع".
- نمط الخزانة الأمريكية
ويضيف جبار، الخبير في القانون الدولي: إن "هذه القائمة غريبة وعجيبة؛ لأنها اتبعت النمط الموجود داخل الخزانة الأمريكية الذي يصنف دولاً وأفراداً وتنظيمات بهذا التصنيف، ورغم أن أمريكا أعظم دولة بالعالم فإنها لا تستطيع إلزام الدول بهذه القائمة".
وبين أن "من يحق له إصدار قائمة عالمية هو مجلس الأمن الدولي، ومن ثم فإن دول الحصار تعتمد على موظفين سابقين في مكتب العقوبات التابع للخزانة الأمريكية، وأرادت أن تظهر وكأنها ابتكار جديد".
وأضاف جبار لـ"الخليج أونلاين" أن "هذه القائمة ناتجة عن أجندة سياسية وعدم تروٍّ، فبعض التنظيمات والأشخاص الذين ذكروا في هذه القائمة هم ممن فازوا بجوائز لدى دول الحصار، وكانت تتعاون أو تموّل بعض التنظيمات التي ذكرت في هذه القائمة".
أبرز هذه الجمعيات على الإطلاق جمعية قطر الخيرية، التي صنفتها الدول الأربع "كياناً إرهابياً"، رغم أنها مسجلة ومعتمدة لدى الأمم المتحدة، وهي شريك معتمد لعدد من أبرز منظمات الأمم المتحدة، وعلى رأسها: برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ومنظمات الأمم المتحدة للاجئين، ومنظمة الأونروا لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وغيرها.
والأكثر من ذلك أن كل هذه الجمعيات شريك للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، ونفذت معها عدداً من المشاريع كان أبرزها العام الماضي في ماليزيا، عندما أرسلت آلاف الخيام التي جرى شحنها من دبي. كما أن للجمعية القطرية مشاريع عدة تنفذ بالتعاون مع جمعيات وهيئات سعودية.
- "تشويش" وأسباب "واهية"
هذه القائمة "تريد فقط أن تشوش على الأشخاص والجمعيات الخيرية المذكورة في هذه القائمة، والمؤسسات المالية في الدول الغربية، لأن البنوك الغربية تخشى من لفظ الإرهاب أو أي وصف لشخص أو تنظيم أو جمعية إذا ارتبط بالإرهاب، إذاً هي محاولة بائسة ومكيدة تضرّ بأشخاص مشهود لهم بالنزاهة، وإلى الآن لم تعطَ أي مصداقية أو قيمة لهذه القائمة"، وفق جبار.
وحول الأسباب التي أدت إلى إنشاء هذه القائمة، قال الخبير في القانون الدولي: إن "الدول الأربع في حصارها ليس لها أسباب حتى الآن، والأسباب التي قدمتها سرية؛ لأنها واهية ولا تصل إلى درجة أنها يمكن أن تتهم قطر بتمويل الإرهاب، لذلك تحتفظ بها، وتسربها لبعض الدول والصحف، وتروّج على أن الدوحة تدعم الإرهاب وتنتج الكراهية".
وأكد أن "هذا الحصار غير مسبوق في التاريخ، ولم يقدر أي استثناءات".
وأشار إلى أنه "حتى الخزانة الأمريكية ومكتب عقوباتها وتصنيفها لشخصيات على أنها إرهابية لا تلزم فيها إلا نفسها، ولا تجبر أي دولة أخرى على الأخذ بها".
وأكد علي بن صميخ المري، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، سابقاً، أن "قوائم الإرهاب أحادية الجانب، وغير معترف بها على غرار القائمة السابقة، التي صرحت الأمم المتحدة حيالها بأنها لا تعترف بأي قوائم إرهاب سوى الصادرة عنها".