الخليج اونلاين-
بعد قرابة شهر من تعيينه، التقى المبعوث الأممي لليمن، مارتن غريفيث، بمختلف القوى السياسية والعسكرية في البلد المضطرب، ومسؤولين تقود بلدانهم التحالف العربي؛ تحضيراً لإحياء عملية السلام بعد تعثّرها سابقاً، واتساع رقعة العمليات العسكرية والأزمة الإنسانية.
وشهدت لقاءات غريفيث تطوّراً ملحوظاً تمثّل في الاستماع إلى أطراف جديدة فرضت نفسها في الجنوب بدعم إماراتي، مثل المجلس الانتقالي، وأطراف خرجت من عباءة الانقلاب وتسعى لأداء دور جديد في المشهد السياسي، مثل حزب المؤتمر الشعبي العام جناح نجل صالح، الذي التقاه المبعوث الأممي في أبوظبي.
وعلّق المتابعون على سلسلة اللقاءات التي أجراها غريفيث في عدة محطات؛ أبرزها الرياض وصنعاء ومسقط وأبوظبي، باعتبارها ملامح مرحلة مقبلة ستشهد إشراك جميع الأطراف المؤثّرة، وستمنح الجميع فرصة المشاركة في العمل السياسي، ومن ضمنهم من لا يزالون يعملون خارج إطار الشرعية أو ضدها.
- تقليدية دون فائدة
الصحفي والمحلل السياسي رشاد الشرعبي، اعتبر أن "اللقاءات التي أجراها المبعوث الأممي إلى اليمن ستبقى تقليدية ولا فائدة مستقبلية منها ما لم تواصل قوات الشرعية عملياتها الميدانية".
وأشار في حديثه لـ "الخليج أونلاين" إلى أنه "من الطبيعي أن يتم اللقاء بالمجلس الانتقالي؛ لأن غريفيث التقى من قبل أطرافاً عديدة في جانب الانقلاب، ومكوّنات بجانب الشرعية".
وأضاف الشرعبي: إن "اللقاء لا يشكّل جديداً، خاصة مع سيطرة المجلس الانتقالي على العديد من المحافظات التي تم تحريرها في الجنوب، ووجود مليشيا مسلّحة لديه في العاصمة المؤقتة عدن، وغيرها من المحافظات الجنوبية".
وتابع: "يمكن أن يكون المجلس الانتقالي مكوّناً سياسياً إذا وافق على العمل ضمن خط الشرعية، مقابل تمثيله لجزء من الشعب اليمني في محافظات الجنوب أو الشرق".
وطالب الشرعبي باستمرار العمليات العسكرية للجيش الوطني في مختلف الجبهات، واستكمال تحرير محافظة تعز وتضييق الخناق على الانقلابيين، والتحرّك لمحاسبتهم على الانتهاكات المختلفة في مجال حقوق الإنسان.
- مليشيات الإمارات تربك المجتمع الدولي
وشهد شهر فبراير الماضي، مواجهات مسلّحة بين قوات الحكومة الشرعية ومسلحين يتبعون للمجلس الانتقالي دعمهم الطيران الإماراتي بقصف معسكر اللواء الرابع حماية رئاسية، لكن المبعوث الأممي التقى عيدروس الزبيدي، رئيس (الانتقالي) في الإمارات، ولم يلتقِ الحكومة الشرعية في عدن التي عادت إليها مؤخراً.
الشرعبي يرى أن استمرار وجود مليشيا خارج إطار الشرعية في المناطق المحرّرة هو أحد أسباب تأجيل الحسم، وتردّد المجتمع الدولي في دعم الشرعية، حيث لا نماذج جيدة لوجود الدولة في تلك المناطق.
وفي أول إحاطة للمبعوث الأممي أمام مجلس الأمن، أشار غريفيث إلى أنه سيعرض على المجلس خلال شهرين خطة عمل لإجراء مفاوضات سياسية يراها ممكنة بعد "وضع حدٍّ للنزاع، وانسحاب القوات، وتسليم الأسلحة الثقيلة، مع التوصّل لاتفاق لتشكيل حكومة تجمع كل الأطراف؛ من أجل التوافق على بناء السلام".
وإلى جانب المجلس الانتقالي وجناح صالح السياسي والعسكري، تواجه الحكومة الشرعية ضغوطاً أخرى يحاول الحوثيون فرضها عبر التصعيد على الحدود مع السعودية واستمرار إطلاق الصواريخ الباليستية.
المتابعون للمشهد اليمني يرون في ذلك التصعيد توجّهاً عسكرياً لعرقلة تقدّم القوات الحكومية باتجاه محافظة صعدة معقل الحوثيين، وطمعاً سياسياً في محاولة الاستئثار بنصيب أوفر على طاولة المفاوضات، ولا يبدو الحوار المباشر مع السعودية خارج أهداف هذا التصعيد.
الخبير العسكري يحيى أبو حاتم، يرى أن التصعيد الذي دشّنه الحوثيون منذ بداية أبريل الجاري هو محاولة لفرض أنفسهم من أجل القبول بهم.
وأضاف لـ "الخليج أونلاين": إن "استمرار إطلاق الصواريخ الباليستية هو رسالة للأطراف الدولية بامتلاك أسلحة نوعية واستراتيجية قد تهدّد دول الجوار والملاحة الدولية، ولذلك لا بد من القبول بالحوثيين قوة على الأرض".
ونوّه أبو حاتم بأن "الحوثيين استمرّوا في إطلاق الصواريخ بالتزامن مع زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء، وهي إشارة تعني التقليل من مكانة الأمم المتحدة والتحرّكات السياسية التي تقودها، حيث رفضوا الحوار في جنيف 1 و2 وفي الكويت، وقبله نكثوا باتفاق السلم والشراكة الذي أعقب دخولهم صنعاء، والحديث عن الحوار في هذه الأيام هو فرصة للانقلابيين لإعادة ترتيب صفوفهم بعد الفشل الميداني في الكثير من الجبهات العسكرية".
وفي مؤتمر صحفي جمع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اتهم الجبير الحوثيين بعرقلة الحل السياسي في اليمن، الذي يراه مبنيّاً على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
الأمر ذاته أكّدته الحكومة اليمنية سابقاً، وأصرّ الرئيس هادي عليه في عدة مناسبات، كما أبدى مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، خالد اليماني، الاستعداد للعمل مع المبعوث الدولي وفق المرجعيات الدولية والمبادرة الخليجية، وهي نقاط تسبّبت في فشل المفاوضات السابقة، ويؤمَّل من غريفيث أن يوجد حلاً لها، قد يكون إشراك جميع الأطراف أول مرحلة من مساعي تفكيك الأزمة.
لكن أبو حاتم يقول: "إن كان من حل سياسي يبحثه المبعوث الأممي ستدخل فيه الشرعية، فلا بد أن يرافقه حل عسكري يفرض على الحوثيين تسليم السلاح للدولة، والقبول بالدخول في العمل السياسي لإبداء حسن النية قبل الجلوس على طاولة الحوار".