الخليج أونلاين-
بعد حملة الاعتقالات والملاحقات الكبيرة التي شنتها طوال الشهور الماضية على أبناء الجالية الفلسطينية، بدأت السعودية باتخاذ خطوات أخرى غير مسبوقة، لتشديد خناقها على الفلسطينيين داخل المملكة وخارجها.
الخطوة الجديدة التي لجأت لها الرياض هذه المرة كانت تتعلق بالتحويلات المالية المصرفية والبنكية، الرسمية وغير الرسمية، والتي شهدت خلال الأسبوع الماضي وحتى أيام عيد الفطر تطوراً ملحوظاً، وأدى توقفها بشكل شبه كامل إلى تفاقم معاناة الفلسطينيين داخل السعودية وخارجها.
المتضرر الرئيسي من هذه الخطوة هم سكان قطاع غزة، فمعظم التحويلات المصرفية التي كانت تتم بشكل طبيعي في السابق وتنشط كثيراً خلال الأيام التي تسبق العيد أصبحت مُجمدة، وبعضها يسير ببطء، وفي حال وصلت فإنها تصل متأخرة عن المعاد المعهود والذي لا يستغرق ساعات معدودة.
العديد من الفلسطينيين اشتكوا من هذه الخطوة التي اعتبروها "تطوراً غير مسبوق"، وأكدوا، في تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، أن عملية تحويل أو استلام أي حوالة مالية بين السعودية وقطاع غزة، باتت إجراءاتها صعبة بخلاف ما كان يجري في السابق.
خناق جديد
ويقول المواطن "أبو فؤاد"، من سكان مدينة غزة، والذي رفض الإفصاح عن هويته كاملةً خوفاً من الملاحقة لعائلته التي تسكن في مدينة جدة، إنه واجه صعوبة في عملية تحويل بعض المبالغ المالية لأسرته في جدة، ومنذ ثلاثة أيام لم تصل حتى هذه اللحظة.
وأوضح لـ"الخليج أونلاين" أنه في السابق كانت عمليات التحويل المالية تسير خلال ساعات معدودة دون أي عقبات، لكن منذ أسبوع ما قبل العيد وحتى يومه الثاني أصبحت الإجراءات معقدة، ومعظم التحويلات باتت مجمدة دون أي سبب واضح.
"أبو فؤاد" اعتبر أن مثل هذه الخطوة "خناق جديد على الجالية الفلسطينية المقيمة في السعودية"، ومن شأنها كذلك أن تفاقم معاناتهم، خاصة الطلبة الذين يعتمدون بشكل كبير على الأموال التي تحول لهم من عائلاتهم خارج السعودية.
وأشار إلى أن تجميد عمليات التحويل لم يقتصر على تلك التي تصل من خارج السعودية، وخاصة الأراضي الفلسطينية، إذ طال التعطيل والتأخير التحويلات المالية التي تتم من السعودية لخارجها.
وطالب السفارة الفلسطينية في السعودية بالتدخل الفوري لدى السلطات المختصة في الرياض، وفتح هذا الملف ومحاولة إيجاد حلول سريعة وعملية لهذه الأزمة التي تؤثر سلباً على الجالية الفلسطينية هناك.
وكان "الخليج أونلاين" كشف في تقرير سابق له نشر بتاريخ (17 أبريل) الماضي، عن تعرض الفلسطينيين المقيمين داخل أراضي المملكة لحملات اعتقال وتهديد وملاحقة هي الأكبر والأخطر التي تنفذها قوات الأمن السعودية بصورة سرية، ودون أي تدخلات أو تحركات تذكر من قبل السفارة الفلسطينية في الرياض.
وتواردت الأنباء من المملكة عن أن عدد الفلسطينيين الذين اعتقلوا ووضعوا داخل السجون تجاوز الـ30 معتقلاً، بينهم طلبة ومقيمون وأكاديميون ورجال أعمال، في حين تواصلت حملات التهديد بمنع العشرات منهم من مغادرة السعودية، إضافة إلى حملات فصل من العمل وتهديد بسحب الإقامات والترحيل.
تضييق مالي متعمد
ولمتابعة خيوط هذه الأزمة الجديدة التي تضرب الفلسطينيين، يؤكد المصرفي معاذ الصرفندي، أن بعض التحويلات المالية من قطاع غزة لخارجه والعكس شهدت قبل عيد الفطر بأسبوع تباطؤاً غير مسبوق، ويمكن القول إنها شبه مجمدة.
"أكثر الدول العربية التي تواجه المكاتب المصرفية في قطاع غزة صعوبة في تحويل الأموال إليها ومنها هي السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان، وهذا الأمر أصبح أزمة وتعطيلاً لحياة المواطنين"، يضيف الصرفندي لـ"الخليج أونلاين".
وعد هذه الخطوة -التي لا توجد لها أسباب واضحة حتى اللحظة، بحسبه- "جزءاً من الخناق على الفلسطينيين الذي تتبعه بعض الأنظمة العربية في محاولة منهم للضغط عليهم وتغيير توجهاتهم السياسية وتمسكهم بقضيتهم".
ولفت إلى أن تعطيل عملية التحويلات المالية للدول العربية كما يجري الآن مع الدول الأوروبية، يتسبب في خسائر مالية تقدر بمئات آلاف الدولارات، التي تشهد خلال أيام العيد نشاطاً كبيراً، إضافة لتعطيل حياة المواطنين، سواء في فلسطين أو خارجها.
ونظراً للحصار الخانق الذي يتعرض له سكان قطاع غزة، والرقابة المالية المشددة التي تفرض على القطاع المصرفي من قبل السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" والولايات المتحدة، يلجأ المواطنون إلى نظام التحويلات المالية عبر مكاتب الصرافة لتحويل أموالهم، وحتى هذه الطريقة واجهت عقبات كبيرة.
ويبلغ عدد شركات الصرافة المرخصة في غزة 60 شركة، وهذه الشركات تواجه جميعها معوقات في إرسال الحوالات واستقبالها، كمنع إرسال حوالة تزيد على آلاف الدولارات، واستقبال حوالات من مصادر مجهولة، غير التهم التي توجه لها بـ"غسل الأموال" والقصف الإسرائيلي الذي تتعرض له في كل جولة تصعيد.
وحسب المؤشرات الاقتصادية فإن 49.1% نسبة البطالة في قطاع غزة خلال العام الماضي 2018، و53% معدلات الفقر، و72% نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في غزة، و80% من الغزيين يعتمدون على المساعدات المقدَّمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).