يوسف حمود - الخليج أونلاين-
بعدما انتعشت آمال اليمنيين بإمكانية التوصل إلى سلام شامل ينقذ البلاد من مآسي حرب تسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، تبرز المخاوف مجدداً مع قرب انتهاء فترة الهدنة التي تم تمديدها في يونيو الماضي.
ونجحت الجهود الأممية بتنفيذ هدنة في اليمن بدأت في أبريل الماضي، وتم تمديدها لاحقاً، لكنها الآن تواجه مخاطر مع قرب انتهائها، وسط اتهامات من الحكومة اليمنية للحوثيين برفض تنفيذ بقية بنودها، بالتزامن مع تهديدات حوثية بعدم قبولهم بالتمديد.
وتضغط الأمم المتحدة بدعم أوروبي خليجي، لتمديد الهدنة، وهذه المرة لنصف عام، كأطول تمديد للهدنة في تاريخ حرب البلاد، في وقتٍ يرى البعض أن مليشيا الحوثي هي المستفيد الوحيد من الهدنة نظراً إلى التزام الشرعية والتحالف العربي بجميع الالتزامات التي عليهم وفقاً لاتفاق الهدنة الأممية.
6 أشهر
ومع قرب انتهاء الهدنة مطلع أغسطس القادم، تتحرك الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن هانس غروندبرغ، في محاولة للضغط على أطراف الصراع لتمديد الهدنة ستة أشهر.
ونقلت "رويترز" عن مصدرين مطلعين قولهما إنه ينبغي على غروندبرغ معالجة شكاوى الجانبين قبل موافقتهما على تجديد إضافي للهدنة القائمة منذ شهرين، والتي بدأ سريانها لأول مرة في أبريل.
وأضاف المصدر أن غروندبرغ سيسافر في الأيام المقبلة إلى سلطنة عُمان، حيث مقر كبير مفاوضي الحوثيين، وإلى مدينة عدن الساحلية في جنوب اليمن، حيث يقع مقر الحكومة المدعومة من السعودية، لإجراء محادثات.
وقالت إسميني بالا، المتحدثة باسم مكتب غروندبرغ، إن مبعوث الأمم المتحدة يناقش مع الطرفين تجديد الهدنة الحالية، وبضمن ذلك إمكانية تمديدها مدة أطول، ولكن "لا يمكنه مناقشة التفاصيل في الوقت الحالي".
وإذا تم الاتفاق، فإن التمديد لمدة ستة أشهر سيكون أكبر خطوة حتى الآن في عملية الأمم المتحدة نحو حل الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وترك الملايين يواجهون المجاعة في أزمة إنسانية حادة.
اتهامات ورفض
تتهم الحكومة اليمنية، ولأكثر من مرة، جماعة الحوثي بوضع العراقيل لتنفيذ الهدنة، مشيرة إلى أن أبرز تلك العراقيل رفض المليشيا فك الحصار عن تعز وفتح الطرق وفقاً لاتفاق الهدنة.
أما الحوثيون فكما اعتادوا على تحميل الأطراف الأخرى المسؤولية رغم حصولهم على كل طلباتهم، فقد أعلنوا رفضهم تمديد الهدنة الأممية في اليمن، معتبرين أنها "تجربة صادمة ومخيبة للآمال".
وأفاد البيان أن الجماعة "على استعداد دائم لتعزيز أي جهود تتسم بالمصداقية وتقود على نحو مضمون إلى معالجات حقيقية وعملية في الجانبين الاقتصادي والإنساني".
من جانبه، أعرب الاتحاد الأوروبي عن أسفه الشديد لرفض مليشيات الحوثي اقتراح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن بشأن إعادة فتح الطرق، لا سيما المحيطة بتعز.
وقال الاتحاد في بيان له الثلاثاء (19 يوليو): إن "إعادة فتح الطرق هو عنصر إنساني حاسم في الهدنة، إلى جانب شحنات الوقود عبر ميناء الحديدة والرحلات التجارية من وإلى صنعاء".
وكانت السعودية والولايات المتحدة أعلنتا، منتصف يوليو الجاري، عقب زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى جدة، دعمهما الثابت للهدنة في اليمن برعاية الأمم المتحدة، وأهمية استمرارها وإحراز تقدم لتحويلها إلى اتفاق سلام دائم، وأن الحل السياسي هو الكفيل بحل النزاع بشكل دائم.
مؤشرات لتنفيذها
يعتقد المحلل السياسي اليمني خليل مثنى العُمري، أن التحركات الأممية "ستؤتي أكلها بتنفيذ الهدنة التي ترغب بها والتي ستمتد لمدة ستة أشهر".
ويشير إلى أن أسباب ذلك تعود إلى "المؤشرات والضغوط القوية التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية"، والتي قال إنها تأتي ضمن "تسجيل إنجاز لبايدن في مسيرته القصيرة الحافلة بالإخفاقات في المنطقة".
ويضيف: "الإدارة الأمريكية تسعى إلى جانب أوروبا لخلق حالة من الهدوء الهش في منطقة الخليج، خصوصاً مع استمرار الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا، لذلك يريدون أن تستمر الهدنة لوقف هجمات الحوثي على المصالح النفطية السعودية، من أجل زيادة إنتاج النفط الذي سيقلل من ارتفاع أسعاره".
في الوقت ذاته، يرى أن مليشيا الحوثي "تستغل هذه الهدنة للانتشار والتوسع والحشد، حيث يتعاملون مع كل التهدئات كنوع من الاستعداد لقادم أكثر عنفاً".
وعن موقف الحكومة اليمنية يقول: "لا تملك القرار لقول لا أو نعم، خصوصاً وأنها تمضي بعد قرارات السعودية، وإلا لو كان لديها قرار سترفض الهدنة قبل فك الحصار عن تعز".
حصار تعز.. وهدنة هشة
ويعد الحصار العسكري للحوثيين لمدينة تعز من أهم الملفات الإنسانية الشاهدة على إجرام المليشيات الانقلابية، وأفشل اختباراً فعلياً للمبعوث الأممي إلى اليمن، الذي نجح في تحقيق إنجازات للحوثي فيما فشل في قضية حصار تعز.
وعرقلت مليشيات الحوثي بشكل متكرر جهود الأمم المتحدة لفتح الممرات والطرقات إلى تعز، كان آخرها تفاهمات بموجب اتفاق استوكهولم، والذي وافق الانقلابيون عليه قبل أن يتنصلوا من تعهداتهم.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن أعلن، في 1 أبريل، موافقة أطراف الصراع على هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد، قبل أن يتم تمديدها لاحقاً مطلع يونيو، مع ترحيب من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والقوات الحكومية والحوثيين الموالين لإيران.
وتتضمن بنود اتفاق الهدنة تيسير دخول 18 سفينة تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة، والسماح برحلتين جويتين من وإلى مطار صنعاء كل أسبوع، وعقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتحسين حرية حركة الأفراد داخل اليمن.