ذي إيكونوميست-
قالت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية، إن الديون المصرية تنذر بوقوع السعودية وصندوق النقد في ورطة، ربما تنتهي بالمواجهة بين الجانبين اللذين يعدان من كبار المانحين للقاهرة حال عجز الأخيرة عن السداد.
وعلى عكس صندوق النقد والصين اللذين يفرضان شروطا صارمة للحصول على قروضهما، تصل في بعض الأحيان اشتراط الحصول على إذن للتصرف في أموالهما، فإن الأموال السعودية لمصر يمكن تسميته بالإقراض غير الرسمي أو شكل غريب من دبلوماسية الإقراض.
الواقع يلاحق الجنيه
ووفق المجلة، فقد استهلك البنك المركزي المصري احتياطه من العملات الأجنبية في مسعى منه للحفاظ على عملته المحلية أمام الدولار منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
ولكن الأمر لم يستمر طويلا، وافق المسؤولون المصريون الأسبوع الماضي على تعويم الجنيه من أجل تأمين قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، الأمر الذي أدى إلى تراجع فوري للعملة المصرية ساقها إلى مستوى انخفاض غير مسبوق على الإطلاق.
وذكرت المجلة أنه بينما تواجه مصر الآن مهمة إعادة بناء احتياطياتها الأجنبية، فإن العجز المتوقع في الحساب الجاري للبلاد وتسديد الديون على مدى الأشهر الثمانية عشر المقبلة، هو تقريباً نفس قيمة احتياطياتها البالغة 33 مليار دولار.
وأشارت المجلة إلى أن طرق أبواب أسواق الديون الدولية أمر غير وارد بالنسبة لمصر، كما أن الاضطرابات الاقتصادية سوف تؤدي إلى إحجام المستثمرين الأجانب؛ وبالتالي من المحتمل أن تتجه القاهرة إلى الأصدقاء القدامى في الخليج.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي ومارس/آذار من هذا العام، أقرضت الكويت والسعودية والإمارات مصر 18 مليار دولار؛ في مسعى لجعل القاهرة تتمكن من المحافظة على احتياطياتها الأجنبية. وأفاد صندوق النقد الدولي أنه يجري العمل على صفقة أخرى بقيمة 5 مليارات دولار، دون أن يحدد من أين ستأتي الأموال.
ووفق المجلة، فإن الاحتياطات الأجنبية المستنزفة يمكن أن تصبح بمثابة كابوسا لمحافظي البنوك المركزية. كما تُترك الحكومات غير قادرة على سداد القروض، ويجب في بعض الأحيان تقييد عمليات السحب وفرض ضوابط على الواردات.
قد يتبع ذلك نقصا في السلع الأساسية؛ في أسوأ السيناريوهات، ويتسبب في فرار المستثمرين الأجانب من أزمة العملة، وفي تلك الحالة تقدم الودائع والمبادلات حلاً سريعًا.
لكن رسميا، سيريد المقرضون الخليجيون استعادة أموالهم. وبالنظر إلى السرعة التي استهلكت بها مصر احتياطياتها، فمن غير الواضح ما إذا كان بإمكانها إعادة الأموال إذا للمانحين الخليجيين إن لزم الأمر.
مواجهة محتملة
وأوضحت المجلة أن الإقراض غير الرسمي الذي تنفذه الدول الخليجية مع مصر من الممكن أن يصبح مشكلة للدول المانحة إذا تعثرت الصداقة بين الجانبين، مستشهدة بلبنان.
فمع الانتصار السياسي لجماعة "حزب الله" في عام 2016، أعربت السعودية عن استيائها من خلال قيامها بسحب ودائعها من البنك المركزي اللبناني، بعد ثلاث سنوات، ساهم الضغط على الاحتياطيات الأجنبية في الانهيار المالي للبنان.
قد ينتهي الوضع في مصر بمشكلة جديدة لنوعية الإقراض غير الرسمي على غرار لبنان. كما أنه ليس من الواضح تمامًا كيف سيتم التعامل مع ودائع المقرضين إذا تخلفت الدولة عن السداد.
ونقلت المجلة عن "براد سيتسر" من مجلس العلاقات الخارجية، قوله: "سيتعين اختبار وضع خلال عملية إعادة هيكلة الديون، وهناك يضع احتمالية للمواجهة بين المانحين".
وبحسب المجلة، فإن القرص المصري الأخير من صندوق النقد، الذي تم الإعلان عنه في 27 أكتوبر/ تشرين المنصرم، كان أكثر تواضعا من المتوقع، بينما قدمت السعودية قروضها لمصر في وقت سابق من العام، عندما لم يكن الوضع الاقتصادي في مصر بهذا السوء.
وذكرت أن كلا الجانبين يتطلعان الآن إلى إخراج نفسيهما من تلك الورطة المحتملة، فلا هما يريدان خسارة أموالهما، ولا أن تتعرض مصر للغرق والانهيار.