سياسة وأمن » تصريحات

علامات التغيير الكبير في زيارة الوفد السعودي إلى القدس

في 2016/07/29

في خضم الاتفاقيات السياسية في فيلادلفيا وكليفلاند، والهجمات على الكنائس، وحوادث الطعن، وغيرها من الحوادث في مختلف أنحاء العالم، كان هناك القليل من التغطية اللافتة للنظر والاهتمام خارج (إسرائيل) لزيارة الوفد السعودي إلى القدس يوم الجمعة. يعد الحدث بارزا للغاية بالنسبة للتقاليد السعودية. ورغم أن أيا من المسؤولين السعوديين الحاليين لم يشارك في الزيارة، ولكن الزيارة لا يمكن أن تكون قد تمت من دون موافقة رسمية على مستوى عال.

هذا ليس بالضرورة مؤشرا على تعزيز العلاقات بين السعودية و(إسرائيل). ولكنه يشير إلى مدى التغير في المملكة العربية السعودية والمنطقة.

كان الجنرال المتقاعد «أنور عشقي» على رأس الوفد السعودي، (وهو الآن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات القانونية، وهو مركز أبحاث استراتيجية في جدة). وقد ضم الوفد عددا من الأكاديميين ورجال الأعمال. وقد التقى الوفد مع الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» في رام الله، وحضر اجتماعات مع أعضاء الكنيست الإسرائيلي. وربما كان اللقاء الأهم مع «دوري غولد»، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، واللواء «يوآف مردخاي»، المنسق الإسرائيلي للأنشطة.

وقد التقى «غولد» مع «عشقي» من قبل، حيث إن الاجتماعات غير الحكومية بين الإسرائيليين والسعوديين في المحافل الأكاديمية والسياسية شائعة إلى حد ما. فقد نشر الأمير «تركي الفيصل»، السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة عمودا في صحيفة إسرائيلية رائدة في عام 2014 بحجة إعادة طرح مبادرة السلام العربية لعام 2002. وقد شاركت في ندوة في واشنطن تحدث بها الأمير «تركي»، و«يوسي ألفر»، وهو مسؤول سابق في الموساد. وفي التسعينيات وفي أوج عملية السلام، التقى الإسرائيليون والسعوديون في كثير من الأحيان في سياق المحافل المتعددة الأطراف.

لكن الاجتماع الذي أعلن على الملأ في القدس في فندق الملك داود كان مختلفا. وكان يهدف إلى مناقشة المبادرة العربية لعام 2002، والتي وضعها ولي العهد آنذاك الأمير «عبد الله»، الذي أصبح فيما بعد ملكا للبلاد.

وقال عشقي للإسرائيليين أنه لا يمكن أن يكون هناك تقدم حقيقي في العلاقات مع الدول العربية من دون حركة تجاه المبادرة السعودية التي قدمت لتطبيع علاقات (إسرائيل) مع العالم العربي في مقابل دولة فلسطينية على أساس حدود يونيو/حزيران 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لها. وقد تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» عن استعداده لقبول الخطة السعودية مع تعديلات.

تعكس الزيارة تغييرات في وجهات النظر السعودية أكثر بكثير من نظيرتها على الجانب الإسرائيلي. قامت (إسرائيل) بالضغط منذ فترة طويلة للتطبيع مع الدول العربية، ولاسيما منطقة الخليج. وتشير هذه الزيارة إلى رغبة السعوديين في جس النبض. و قد جسرت التغييرات الذي أحدثها الربيع العربي في المنطقة، وصعود إيران، والمخاوف المشتركة حول الاتفاق النووي الإيراني الفجوة بين المملكة العربية السعودية و(إسرائيل). ويبدو أن السعوديين أكثر قلقا بشأن إيران وصعود تنظيم الدولة الإسلامية. وقد خلق وجود الأعداء المشتركين المزيد من الحميمية في العلاقات الإسرائيلية المصرية أيضا. فلدى مصر و(إسرائيل) مصلحة في كبح جماح حماس والجهاديين في سيناء. ما يلفت النظر هو أن المملكة العربية السعودية ومصر لا يقومون باستخدام القضية الفلسطينية لعزل (إسرائيل) ولكن كأساس للمشاركة.

هذه الرغبة يقودها الملك «سلمان» الذي لا يزال حاكما جديدا نسبيا، بعد أن صعد إلى العرش في عام 2015 وبمشاركة نجله الشاب «محمد بن سلمان». ويعد إرسال وفد السعودية إلى (إسرائيل) دون الكثير من المقايضة أو إحداث تقدم في عملية السلام أمرا كان من الصعب تصوره. كما أن القيام بذلك في ظل واحدة من أكثر الحكومات يمينية في تاريخ (إسرائيل) يؤكد على عمق التغيير في الأولويات الإقليمية والتفكير السعودي. حيث تقاتل السعودية الآن المتمردين الحوثيين في اليمن، وتشن حربا بالوكالة مع إيران في سوريا، وتقوم بتنفيذ إصلاحات اقتصادية في الداخل، وهذا يوضح أن السعوديين يعملون بشكل أكثر جرأة واستقلالية.

كيف يمكن أن يتجلى أو ينعكس هذا على القضية الفلسطينية. إن جس النبض يمكن أن يكون مقدمة لتنازلات كبيرة ولا مثيل لها وسط الانقسامات والاختلال الوظيفي في العالم العربي. قد يكون السعوديون أقل عداء لـ(إسرائيل)، ولكن هذا لا يعني أن الأخيرة لن تطلب تنازلات كبيرة ثمنا للحصول على موقف أقرب.

وول ستريت جورنال- ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد -