سياسة وأمن » تصريحات

خاشقجي يتحرر من قيود المنع ويطلق سهام نقده لرأس الدولة

في 2017/10/31

الخليج اونلاين-

منذ عودته إلى الكتابة في أغسطس الماضي، دأب الكاتب السعودي جمال خاشقجي على الحديث بنبرة عالية تحمل نفساً إصلاحياً لحكام المملكة العربية السعودية والقوانين ببلاده، في وقت دأب جميع كتاب المملكة لاعتماد سياسة الهجوم والتنكيل خلال الأزمة الخليجية.

عودته للكتابة بنفس المنطق بعد أن انقطع لتسعة أشهر سبقت الأزمة الخليجية، دفع صحيفة "الحياة" السعودية - اللندنية في سبتمبر الماضي لوقف نشر مقالات خاشقجي، بعد تغريدات له هاجم فيها الإعلام ببلاده، كما دافع فيها عن جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في السعودية، وعن الشيخ يوسف القرضاوي.

لكن خاشقجي لم يسكت هذه المرة، خلافاً للمرة السابقة التي أوقف فيها، بل مضى متحدياً لقرار إيقافه وقال في تغريدة له: "لن أتوقف عن الكتابة، مرحلة مؤقتة وسأعود للكتابة في الحياة فهي بيتي، أشكرهم وأقدر الظرف الذي اضطرهم لذلك".

وأوضاف الصحفي السعودي الذي بات يتخذ من الولايات المتحدة مقر إقامة له: "الحرية هي تمسكك بما تؤمن به، حتى لو صمت أو كنت في السجن، وتفقدها عندما تقول ما يريده غيرك ولو كنت بقصر منيف".

ويقول خاشقجي عن وجوده في واشنطن ومغادرته السعودية، إنه اختار السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعود للكتابة مجدداً، نافياً أن يكون في منفى.

- صراحة دون خلاف مع السلطة

وفي حديث صحفي لهيئة الإذاعية البريطانية، تم بثه الأحد (29 أكتوبر)، أكد أن علاقته لم تقطع مع السعودية والمسؤولين فيها، لكنه اختار المغادرة إلى الولايات المتحدة لأنه منع من الكتابة والتغريد في السعودية.

وأوضح أنه "يكتب في الصحف الغربية لأن مساحة الحرية مكفولة له خارج السعودية".

وكما السعودية تتغير فإن خاشقجي الذي كان ينطق عن تحليلات يحاول فيها عكس وجهة النظر الرسمية، هو أيضاً يتغير، ففي وقت تتجه المملكة نحو الليبرالية وتودع عقود السلفية، وتكثر الأقلام والميكرفونات "المطبلة"، يعلو صوت الكاتب السعودي بالمناصحة بإطلاق الحريات العامة، وعدم إقصاء أي كان لجمرد الاختلاف بالرأي والأفكار.

يقول خاشقجي لـ "بي بي سي" إنه يتمنى أن تنتهي أجواء التخويف والاعتقالات والتهديد التي انتشرت في السعودية مؤخراً، وأن تعود الأوضاع إلى سابق عهدها قبل ستة أشهر.

لكنه وفي نفس الوقت يتفق مع الخطاب الجديد للسلطة السعودية، لا سيما بعد كلمة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مع إطلاقه مشروع "نيوم"، التي أكد فيها نية المملكة الانتقال إلى الإسلام الوسطي المعتدل والقضاء على التطرف.

حيث دعا خاشقجي، في حوار مع "DW" الألمانية، إلى إقرار الحريات العامة في السعودية، مؤكداً أن البلاد "في حاجة إلى التحرر من المنهج السلفي المتشدد الذي ساد وحَكمها خلال الثلاثين سنة الماضية بإذن من الدولة نفسها"، لكنه أكد أن "من الصعب على المملكة أن تتبرأ من الوهابية".

ولفت إلى أن 95% من المعتقلين حالياً "هم إما قوة إصلاحية أو أشخاص يدعون إلى الإصلاح والاعتدال والعصرنة"، مطالباً الدولة السعودية بتحديد "ما المقصود بالمتطرفين".

ومع تولي بن سلمان ولاية العهد، شنت السلطات السعودية حملة طاحنة على رموز التيار الديني وما يسمى "الصحوة"، الذين يحظون بشعبية في أوساط المجتمع السعودي، كسلمان العودة وعوض القرني وغيرهم.

وفي وقت كان انتقاد التيار الديني خجولاً ومحصوراً في الشخصيات "الليبرالية"، وكانت الدولة حائط الصد المنيع في وجه منتقديه، بات اليوم منتقدوه مسؤولين بارزين.

وحول هذه الاعتقالات كان خاشقجي واضحاً في مخالفته الخط الرسمي القائم اليوم، حيث أوضح في حواره مع "بي بي سي"، أنه "لا حاجة للأمير محمد بن سلمان للاعتقالات للتمهيد لصعوده للسلطة، وهذه مجرد شائعات".

لكن خاشقجي أشار إلى أن "أجواء التخويف والاعتقال والتهديد يجب أن تتوقف، والدولة والحكومة مسؤولة عنها".

- حل الأزمة الخليجية بنظر خاشقجي

وبالحديث عن الأزمة الخليجية واصل الكاتب السعودي خروجه عن الخط الرسمي في هذه القضية أيضاً، حيث أكد في تصريحات للشبكة البريطانية، أن "الأزمة الخليجية أضرت بصورة السعوديين، وهي أزمة لم نكن بحاجة لها"، مرجعاً إياها إلى "الموقف المصري المعادي لقطر".

وقال الكاتب السعودي البارز: "لو قام الشيخ تميم بزيارة مصر ومعه شيك بأربعة مليارات لكانت الأزمة قد انتهت في حال".

ولطالما اتسمت مقالات خاشقجي وكتاباته وتغريداته، في تعليقه على الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، بانطباع يوحي بأن كلامه يعبر عن وجهة نظر رسمية، لقربه من مسؤولين سعوديين، وهو ما اضطر الخارجية السعودية للتوضيح في نوفمبر 2016، بأن خاشقجي "لا يمثل الدولة بأي صفة".

يشار إلى أن الأزمة الخليجية مستمرة منذ يونيو الماضي، وسط تصعيد متواصل من دول الحصار خصوصاً عبر وسائل إعلامها، في حين تمد قطر يد الحوار لإنهاء الأزمة التي هزت كيان البيت الخليجي.