محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
بعد ترؤسه مجلس الأمة الكويتي ثلاث دورات متتالية، حسم مرزوق الغانم قراره بعدم الترشح للانتخابات النيابية القادمة، المقررة إقامتها نهاية الشهر الجاري، وهو ما يعني إتاحة المجال لانتخاب رئيس جديد للمجلس القادم.
ويعكس قرار الغانم الذي أعلن، الثلاثاء (6 سبتمبر الجاري)، رغبته بالابتعاد عن الحياة النيابية في بلاده بالفترة القادمة، خاصة بعد شغله لمنصب رئيس المجلس لثلاث دورات متتالية، واصطدامه بعدد من النواب داخل المجلس.
وسيعطي عدم ترشح الغانم فرصة قوية للمعارضة في الكويت بالحصول على منصب رئيس مجلس الأمة القادم بسهولة كبيرة، خاصة في ظل غياب المنافسة من قبل أي شخصية أخرى.
ومع قرار الغانم ستكون الفرصة قوية لرئيس مجلس الأمة الكويتي الأسبق، أحمد السعدون، والمرشح للانتخابات النيابية، لترؤس المجلس القادم، في حال فوزه بالانتخابات.
وأواخر أغسطس الماضي، أصدر مجلس الوزراء الكويتي مرسوماً يدعو فيه الناخبين إلى الاقتراع واختيار ممثليهم في الانتخابات البرلمانية لمجلس الأمة "أمة 2022"، وسيكون موعد الاقتراع يوم الخميس 29 سبتمبر.
استراحة محارب
وحول قرار الغانم بعدم المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، يرى الكاتب والباحث السياسي الكويتي عبد العزيز سلطان أنها "استراحة محارب خلال الفترة القادمة لدورة مجلس الأمة، ثم ستكون له عودة قوية".
ويقول سلطان في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "هناك أسباب أيضاً وراء عدم ترشح الغانم لانتخابات مجلس الأمة، أبرزها علمه بعدم حصول عدد من الأعضاء الموالين له على أصوات تمكنهم من دخول المجلس".
ويبين أن الغانم أوصل رسالة قبل إعلانه عدم خوض الانتخابات بأنه سيبقى في مجلس المشاهدين، حين ذهب لحضور مباراة النادي العربي أمام السيب العُماني في كأس الاتحاد الآسيوي.
ويضيف سلطان: "مع إقرار التصويت بالبطاقة المدنية تبخرت القواعد الانتخابية للأعضاء المحسوبين على الغانم، كما أن عدداً من الموالين له رفضوا أيضاً خوض الانتخابات القادمة".
ويوضح أن الغانم في حال قرر خوض الانتخابات وحقق نجاحاً فإن فرصة توليه منصب رئيس مجلس الأمة ستكون مبنية على أعداد الناجحين من المعارضة في تلك الانتخابات.
ويشير إلى أن الغانم قد يلجأ أيضاً خلال الفترة القادمة إلى خط المعارضة، ومراقبة أداء الحكومة، وأعضاء مجلس الأمة.
الغانم بسطور
الغانم من مواليد العاصمة الكويت، في 3 نوفمبر 1968، نال بكالوريوس هندسة ميكانيكية بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة "سياتل" الأمريكية، وبدأ حياته اقتصادياً وإدارياً، وترأس شركات كبرى، بينها الشركة المصرية الكويتية القابضة.
ورأس الغانم مجلس إدارة نادي الكويت الرياضي من عام 2002 وحتى 2008، ويشار إلى أنه أضاف إلى الرياضة الكويتية، خاصة للنادي الذي رأسه، حيث حقق اللقب الآسيوي، وأيضاً ساهم كرئيس لجنة الشباب والرياضة بتطبيق الاحتراف الجزئي في الدولة.
من الناحية الاقتصادية اكتسب الغانم خبرات كبيرة؛ وذلك من خلال رئاسته وعضويته للعديد من مجالس إدارات الشركات المساهمة داخل الكويت وخارجها خلال فترات زمنية مختلفة.
وتقلد الغانم منصب رئيس مجلس إدارة شركة "بوبيان" للبتروكيماويات، وشغل عضوية مجلس إدارة الشركة المصرية الكويتية القابضة، وشركة مواد البناء وشركة "غلوبال تيليكوم".
إلى جانب العمل في المسار الاقتصادي وترؤسه شركات اقتصادية عدة، نجح الغانم أيضاً في المسار السياسي، ودخل مجلس الأمة لأول مرة عام 2006 وهو في عمر 38 سنة.
ونشط الغانم داخل المجلس، وشغل عضوية عدة لجان، بينها لجنة الشباب والرياضة، ونجح من خلالها في حل مشاكل عانى منها -بشكل خاص- الاتحاد الكويتي لكرة القدم، وتحديداً علاقته بالاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).
وبفضل نشاطه وإنجازاته وعلاقاته المتميزة مع الجميع نجح الغانم في الحفاظ على مقعده بالمجلس منذ دخوله إليه أول مرة.
انتخب الغانم رئيساً لمجلس الأمة في عام 2013، وفي 11 ديسمبر 2016، أعلن رئيس المجلس بالسن، حمد الهرشاني، انتخاب الغانم رئيساً لولاية تشريعية ثانية، ليبدأ الثالثة مع تصويت المجلس المنحل (15 ديسمبر 2020).
وخلال الدورة السابقة، واجه الغانم صداماً شديداً من قبل بعض النواب، وصل إلى مطالبات بعزله من منصبه.
ورفض المجلس، في (أبريل 2021)، طلباً من المعارضة بعزل الغانم، وذلك بأغلبية 32 صوتاً وموافقة 28 نائباً.
مواقف تاريخية
كان الغانم من الشخصيات المؤثرة في تاريخ مجلس الأمة الكويتي، وعلى صلة وثيقة بأمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
واتخذ رئيس مجلس الأمة، منذ انتخب لأول مرة عام 2013، مواقف مشهودة له على الصعيد العربي والإسلامي، مبيناً موقف الكويت الثابت منها؛ لا سيما فيما يخص القضية الفلسطينية.
وفي خطوة لافتة، طرد الغانم الوفد الإسرائيلي من قاعة مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي المنعقد بروسيا، في (18 أكتوبر 2017)، منتزعاً على أثر هذا الموقف إعجاب العرب وتأييدهم.
جاء ذلك في خلال مداخلة قصيرة للغانم هاجم فيها وفد "إسرائيل"، مخاطباً رئيسه بـ"قتلة الأطفال، ومرتكبي جرائم إرهاب الدولة".
ووصف رئيس الوفد الكويتي ممثل دولة الاحتلال الإسرائيلي في المؤتمر المنعقد بمدينة سانت بطرسبورغ بـ"عديم الحياء"، وخاطبه قائلاً: "عليك أن تحمل حقائبك وتخرج من القاعة بعد أن رأيت ردة الفعل من كل البرلمانات الشريفة"، مضيفاً: "اخرج الآن من القاعة إن كانت لديك ذرة من الكرامة.. يا محتل، يا قتلة الأطفال".
موقف الغانم هذا لم يكن الأول له، بل سبق أن وقف موقفاً حازماً من دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث دعا، عام 2015، أعضاء البرلمانات العربية إلى التفكير جدياً وبشكل عملي لإنجاح تحرك عربي لطرد "إسرائيل" من عضوية الاتحاد البرلماني الدولي.
وفي واحد من أحدث مواقفه رد الغانم على الإساءة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للإسلام وللنبي (صلى الله عليه وسلم) بعد دفاعه عن الرسوم المسيئة للرسول.
واستنكر رئيس مجلس الأمة الكويتية (في 23 أكتوبر 2020)، السلوك الفرنسي، ودعا حكومة بلاده إلى استنكار الإساءات المقصودة لرموز الإسلام، والتحرك العملي ضمن المحيط الدبلوماسي لحظر الإساءة لجميع المعتقدات حول العالم.