سياسة وأمن » تصريحات

ما دستورية تأجيل جلسة مجلس الأمة الكويتي والسيناريوهات القادمة؟

في 2022/10/10

متابعات-

فجّر مرسوم تأجيل انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة الكويتية، التي كانت مقررةً يوم الثلاثاء القادم، خلافات واعتراضات واسعة بين نواب وسياسيين، وسط حديث حول أن التأجيل مخالف للدستور، في حين يرى آخرون أنه دستوري.

وجاء مرسوم التأجيل عقب الأزمة التي أحدثتها استقالة وزراء بحكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، بعد ساعات قليلة من الإعلان عنها، وحالة الغضب التي تسببت بها وسط الشارع الكويتي.

ويؤكد حقوقيون ومختصون أنه لا يجوز وفق الدستور الكويتي، تأجيل الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة، دون وجود حكومة قائمة، في حين يرى آخرون أن المرسوم الأميري دستوري.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة الكويتية، طارق المزرم، (السبت 8 أكتوبر الجاري)، عن صدور مرسوم بتأجيل انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة وذلك استناداً إلى المادة الـ106 من الدستور.

وأكد المزرم، في تصريح نشر بحساب "مركز التواصل الحكومي" الرسمي على "تويتر"، "صدور مرسوم بتأجيل انعقاد اجتماع مجلس الأمة للدور العادي الأول من الفصل التشريعي السابع عشر إلى صباح يوم الثلاثاء 18 أكتوبر".

وكانت صحيفة "القبس" الكويتية أكدت (الخميس 6 أكتوبر الجاري)، أن أعضاء الحكومة الجديدة الذين جرى تكليفهم الأربعاء الماضي، اعتذروا عن التكليف لرئيس الوزراء، في سابقة هي الأولى بتاريخ البلاد.

ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي -لم تسمه- أن الاعتذار الجماعي لأعضاء الحكومة الجديدة جاء "عقب حالة الرفض الشعبي والنيابي التي صاحبت إعلان التشكيل الوزاري الجديد".

التزام بالدستور

تؤكد مصادر كويتية رفيعة، أن قرار تأجيل جلسة المجلس، فيه التزام بالدستور، واستناداً إلى المادة الـ87 من الدستور التي تنص على أنه "يدعو الأمير مجلس الأمة لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، وبالفعل صدر مرسوم بتحديد جلسة الافتتاح بعد غد".

ونقلت صحيفة "الأنباء" المحلية، (الأحد 9 أكتوبر الجاري) عن المصادر قولها: إن "التأجيل جاء لإفساح الوقت لتغيير التشكيل الذي نشر في الجريدة الرسمية والتوافق على (المحلل)".

وبينت أن التأجيل استند إلى المادة الـ106 من الدستور التي تنص على أنه "للأمير أن يؤجل بمرسومٍ اجتماع مجلس الأمة- على الأقل المعلوم تاريخ بدايته- لمدة لا تجاوز شهراً، ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد إلا بموافقة المجلس ولمدة واحدة، ولا تحسب مدة التأجيل ضمن فترة الانعقاد".

وأوضحت أنه تم التوفيق بين نصي المادتين، "وإذ أصبح نص المادة الـ87 معلوماً لدينا فإذن يمكن تفعيل نص المادة الـ106، وهذا ما حدث".

وإلى جانب المصادر، أكد رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم، أن "مجلس الأمة يعتبر مدعوّاً إلى الاجتماع بقوة الدستور صبيحة يوم الأحد 16 أكتوبر وفقاً للمادة الـ87 من الدستور، ما لم يصدر مرسوم بدعوته إلى الانعقاد قبل 14 أكتوبر".

وقال "الغانم" في تغريدة له على حسابه بموقع "تويتر": "أما المادة الـ106 فلا يجوز إعمال حكمها قبل بدء دور الانعقاد الذي لم يبدأ".

مخالفة للدستور

مدير "مدارك" للاستشارات السياسية والاستراتيجية، والمستشار الحقوق الدولي، أنور الرشيد، يؤكد أن تأجيل جلسة مجلس الأمة مخالف للدستور، حيث لا يمكن تأجيل الفصل التشريعي باستخدام بعض المواد الدستورية.

ويقول الرشيد في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "لا يجوز استخدام المادة الـ106 من الدستور والتي تعطي الحق للأمير أن يؤجل، بمرسوم، اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تجاوز شهراً، دون وجود حكومة قائمة".

ويوضح أن "المادة الـ87 تنص على أنه استثناء من أحكام المادتين السابقتين، يدعو الأمير مجلس الأمة إلى أول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة اعتُبر المجلس مدعواً إلى الاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين المذكورين مع مراعاة حكم المادة السابقة".

ويبين الرشيد، أن استقالة الحكومة بعد ساعات من تشكيلها نتيجة اعتراض أغلبية نيابية عليها، يعتبر ممارسة فعلية لحصول الحكومة على ثقة البرلمان قبل ممارسة دورها كحكومة، وهو إجراء يحصل لأول مرة بتاريخ الكويت السياسي منذ إقرار دستور عام 1962.

غضب نيابي

بعد الإعلان عن تأجيل جلسة المجلس المقررة الثلاثاء القادم، عمت حالة من الغضب بين نواب مجلس الأمة، معتبرين أن الخطوة غير دستورية.

وقال النائب عبيد الوسمي: إن "التأجيل لا يرد إلا على دور انعقاد قائم ويجب أن يصدر من حكومة قائمة، غير ذلك استهزاء بالدولة والأمة والنظام الدستوري".

وكتب الوسمي في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر"، أن "جلسة الثلاثاء قائمة وفي موعدها، ‏وعلى رئيس السن ممارسة صلاحياته".

كما قال النائب عبد الكريم الكندري: إنه "لا محل لاستخدام المادة الـ106 قبل إعمال المادة الـ87 واستكمال الشكل الدستوري للمجلس بانعقاده خلال أسبوعين من الانتخابات".

وشدد الكندري في تغريدة له على حسابه بموقع "تويتر"، على أنه لا يجوز تأجيل اجتماع مجلس لم تكتمل أركانه بانتخاب رئيسه ومكتبه ولجانه.

أيضاً وصفت النائبة جنان بوشهري ما حدث بأنه "عبث بالدستور".

وقالت في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "لا يمكن لحكومة تصريف العاجل من الأمور أو حكومة لم تقسم، رفع مرسوم تأجيل انعقاد المجلس".

وأضافت: "لذلك نحن أمام مخالفة دستورية، ووجبت الدعوة للجلسة وفقاً للإجراءات التفصيلية للمادة الـ87".

كما يرى الخبير الدستوري محمد المقاطع، أن "الإجراء الدستوري الصحيح والأحوط والعملي لإنهاء الخلل بانعقاد المجلس وأي جدل، يكون من خلال تشكيل الحكومة بأقصى حدٍ الثلاثاء 11 أكتوبر، وتؤدي القسم أمام الأمير".

وقال "المقاطع" في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر": "تجتمع الحكومة الجديدة الثلاثاء وتقر مرسوم دعوة مجلس الأمة للانعقاد الخميس 13 أكتوبر، تم التزام الدستور ومواده 87 و90 و128،دون إقحام المادة 106".

مشهد معقد

يؤكد الباحث والمحلل السياسي عبد العزيز سلطان، أن المشهد السياسي في الكويت بوضعه الحالي مركب ومعقد، "حيث هناك خلافات حول نائب رئيس مجلس الأمة، كما تم تأجيل جلسة المجلس المقررة الثلاثاء القادم، وأصبحت البلاد أمام حكومة تصريف أعمال".

ويضيف سلطان في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "ينذر الوضع السياسي في البلاد، بأن رئيس الحكومة سيقدم استقالته بعد عقد أول جلسة لمجلس الأمة، خاصةً أن هناك عدم توافق من قبل 40 نائباً على مجلس الوزراء، أو التعاون معه، أو حتى ربما الوصول إلى حل البرلمان".

ويرى أن الكويت تعيش حالة من الجدل الدستوري حول قرار تأجيل جلسة مجلس الأمة، قبل حصول الحكومة على ثقة المجلس.

ويبين أن الصدام الذي ظهر قبل انعقاد مجلس الأمة وتأجيل جلسته أعطيا إشارة واضحة على عدم التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة، وهو ما يعكس وجود تصادم، وأن المجلس الحالي سيكون أعقد من مجلسي 2016، و2020.

ويوضح أن الشارع الكويتي صُدم حين قرر رئيس الحكومة تعيين 6 وزراء من حكومة صباح الخالد، "وهو ما فُهم بأنه لا يستطيع التحرك أو التقدم خطوة واحدة إلى الإمام للإصلاح".