صحيفة “الغارديان”-
تحت عنوان “فضيحة بجلاجل”، كشفت صحيفة “الغارديان” أن شركة النفط الإماراتية كانت قادرة على قراءة الرسائل الإلكترونية لقمة المناخ كوب 28 التي تنظمها الأمم المتحدة.
وفي تقرير حصري أعده داميان كارينغتون، محرر شؤون البيئة، قال فيه إن رئيس مؤتمر الأمم المتحدة سلطان الجابر، هو رئيس شركة النفط في الوقت نفسه والتي يتم التشاور معها حول كيفية التعامل مع استعلامات الإعلام وكان بإمكان شركة النفط الإطلاع على الرسائل الإلكترونية من وإلى مكتب قمة كوب 28.
وستكون الإمارات المستضيف هذا العام للقمة التي ستعقد في تشرين الثاني/نوفمبر، ورئيس القمة هو الجابر، الذي يترأس شركة نفط أبوظبي الوطنية (أدنوك)، واعتبر المشرعون في البرلمان الأوروبي الكشف بأنه “قنبلة” و”فضيحة”.
وزعم مكتب قمة كوب 28 بأن نظام الرسائل الإلكترونية فيه “قائم بذاته” و”منفصل” عن نظام الرسائل الإلكترونية في أدنوك، إلا أن التحليل الفني الذي قام به خبراء أظهر أن المكتب تشارك في رسائل إلكترونية مع أدنوك. وبعد تساؤلات الصحيفة، غير المكتب الخادم إلى جديد، يوم الإثنين. وأدى دور الجابر المزدوج إلى انتقادات من مسؤولين، بمن فيهم مسؤولة المناخ السابقة كريستينا فيغوريز، التي وصفت النهج بالخطير.
وشمل رد على رسالة إلكترونية من الغارديان إلى مكتب كوب 28 للرد على هذه التعليقات التي لم تذكر أدنوك، على نص “تصنيف ادنوك: داخلي”.
وقال النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي، مانون أوبري، “هذه فضيحة بجلاجل، وجدت شركة للنفط والغاز طريقها إلى قلب منظمة متخصصة بتنسيق تخفيض النفط والغاز، وكأن الأمر مثل شركة تنباك متعددة الجنسيات تشرف على عمل منظمة الصحة العالمية”.
وشارك أوبري في رسالة إلى الأمم المتحدة وقع عليها 133 سياسيا أوروبيا وأمريكا تطالب بعزل الجابر وجاء فيها: “فقد مكتب كوب 28 المصداقية، ولو كنا نهتم بمنع كوارث المناخ أكثر من اهتمامنا بحماية الأرباح والتأثير لشركات الوقود الأحفوري، فعلينا التحرك الآن”.
وقال باسكو سابيدو، من “المرصد الأوروبي للشركات”، إن الكشف يثير السخط وإن تعيين الجابر كان “ضربة قوية لموثوقية” اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بتغير المناخ، و”من غير المناسب تماما أن يتم استشارة شركة نفط ويكشف عن تأثيرها في تشكيل ما يجب تقديمه للعالم الخارجي”. وأضاف سابيدو “حتى تتقبل الحكومات بأنه يجب ترك الوقود الأحفوري في الأرض ولا يسمح لجماعات الضغط بكتابة قواعد التحرك من أجل المناخ، فسيتكرر حدوث هذا”.
وقال خبير دولي بارز في سياسة المناخ، طلب عدم الكشف عن هويته، “لقد نصح عدد من اللاعبين الإمارات عندما تبين انها ستستضيف كوب 28 أن عليها التفريق بين الرئاسة وأدنوك. وتم نصحهم بأنه يجب أن يتخلى سلطان الجابر عن دوره في أدنوك حتى لو كان لفترة مؤقتة. ورغم جولة استماع استمرت ستة أشهر إلا أنهم لم يأخذوا بالنصيحة على ما يبدو”.
وكشفت صحيفة “الغارديان” في نيسان/إبريل أن الإمارات لديها خطط لتوسيع حقول الغاز والنفط بدرجة يتعارض مع هدف اتفاق باريس بتخفيض درجات الحرارة بمعدل 1.5 درجة مئوية، وخطط كهذه لا تتوافق مع أهداف وكالة الطاقة الدولية واللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتغيرات المناخية وإجماع عدد كبير من العلماء. وإلى جانب إدارة أدنوك، يترأس الجابر “مصدر” وهي شركة للطاقة المتجددة وعمل مبعوث الإمارات للمناخ في الفترة ما بين 2010 -2016 وتم تعيينه من جديد في المركز نفسه عام 2020. وحظي بدعم بعد تعيينه رئيسا لكوب 28 في كانون الثاني/يناير من أمثال جون كيري مبعوث الإدارة الأمريكية للمناخ ومسؤول المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانز تيمرمرمانس.
واكتشفت صحيفة “الغارديان” الرابط بين مكتب كوب 28 في الإمارات وأدنوك في منتصف أيار/مايو بعد توجيه سؤال بشأن انتقادات انتقادات فيغوريز. وعندما طرح سؤال حول شمول الإجابة على نص “تصنيف أدنوك: داخلي” رد مكتب كوب 28 أنهم حاولوا الحصول على معلومات حول الموضوع من خبراء بشأن الإنبعاثات الحرارية بما فيها أدنوك” وأن تصنيف أدنوك الداخلي أصبح جزءا من المراسلات الإلكترونية نتيجة لهذا.
وتساءلت الصحيفة حول وجود نظام معلومات تكنولوجية مشترك بين كوب 28 وأدنوك. وفي كانون الثاني/يناير نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا بأن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بتغير المناخ أرسلت عددا من الأسئلة حول ما إذا كانت الرئاسة ستكون مستقلة عن شركة النفط وما إذا كان هناك حاجز بين المؤسستين وإن كانت أدنوك ستطلع على اجتماعات كوب 24 والوثائق المهمة، وإن كان طاقم كوب 28 يعتمد على نظام تكنولوجيا المعلومات التابع لشركة النفط العملاقة. ورد مكتب كوب 28 على “الغارديان” في 28 أيار/مايو حيث قال المتحدث باسمه “يؤكد كوب 28 أن محتواه بما في ذلك الرسائل الإلكترونية يحتفظ بها بشكل منفصل وموجودة في مكاتب كوب 28 وقائمة بذاتها ومنفصلة تماما بشبكة محمية ومدعومة من فريق منفصل لتكنولوجيا المعلومات في كوب 28”. لكن التحليل الذي قام به خبير فني للغارديان كشف أن ترويسات الرسائل الإلكترونية من مكتب كوب 28 ومن مراسلة أولية بين الغارديان وشركة النفط كشفت أن خادم أدنوك الإلكتروني شارك في إرسال وتلقي الرسائل من مكتب كوب 28.
وقال دكتور ريتشارد كلايتون، من “كمبيوتر لابروتري” في جامعة كامبريدج، “قدم خادم (كوب 28) كل شيء لخادم شركة النفط ولإرسال البريد الإلكتروني” و”اطلعت شركة النفط على كل الرسائل الإلكترونية التي أرسلت إلى الخارج”. وقال البروفيسور ألان وودورد، الخبير في أمن الكمبيوتر بجامعة ساري البريطانية، “كلا رسائل من كوب 28 وأدنوك الإلكترونية استخدمت نفس الخادم الرئيسي الخارجي”. وفي رد حول مشاركة خادم أدنوك في مراسلات مكتب كوب 28 الإلكترونية قال متحدث باسم المكتب: “يستخدم كوب 28 في الأشهر القليلة الماضية مظلة مايكروسوفت 368 وخادما الكترونيا، ونقوم بترحيل بياناتنا من المضيف السابق إلى الشكل الحالي ونتوقع إكمال العملية بحلول 5 حزيران/يونيو”.
وقال رئيس لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي، النائب باس إيكوت، إن ما كشفت عنه الغارديان هو “قنبلة”. وقال إنه يجب استبدال الجابر، ونظرا لضيق الوقت قبل عقد القمة في تشرين الثاني/نوفمبر، فيجب على سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بالتغيرات المناخية تولي المسؤولية عن العملية بكاملها. ودافع الجابر عن تعيينه وقال في تصريحات للصحيفة في نيسان/إبريل إن تعيينه سيكون رصيدا والتأكد من اتخاذ القطاع الخاص تحركات لمواجهة أزمة المناخ. وقاد السناتور الأمريكي شيلدون وايتهاوس حملة توقيع على رسالة تطالب بعزل الجابر، وقال “يؤكد تقرير الغارديان على ما يبدو، ما يقوله الكثيرون منا، سيكون من الصعب على سلطان الجابر الفصل بين دوره كمدير تنفيذي لأدنوك ودوره كرئيس لأكبر تجمع دبلوماسي في العالم بشأن التغير المناخي”.