يوسف صالح - الخليج أونلاين-
أعيد تكليف الشيخ أحمد النواف الأحمد الصباح بتشكيل الحكومة الجديدة في الكويت يوم الثلاثاء 13 يونيو الجاري، ليكون التكليف الرابع له بتشكيل حكومة خلال أقل من عام، بعد إجراء انتخابات مجلس الأمة يوم 6 يونيو الجاري.
هذا التكليف الجديد يضع تساؤلات حول مدى التعاون المستقبلي، وإمكانية إنهاء التوتر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وجاء التكليف بعد إجراء ولي العهد الكويتي، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، مشاورات مع رؤساء الوزراء السابقين حول تشكيل الحكومة المقبلة، وبعد أيام من استقبال ولي العهد لرئيسي مجلس الأمة السابقين مرزوق الغانم وأحمد السعدون.
وخلال السنوات الأخيرة، عطّلت الصراعات المستمرة بين الحكومة والبرلمان مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي، وخطط تنويع الموارد التي تسعى إليها الكويت مع اعتماد الميزانية العامة على الإيرادات النفطية في 90٪ من تمويلها.
ومن المقرر أن يشكل رئيس الوزراء حكومته الجديدة ويصدر مرسوم تعيينهم قبل يوم 20 يونيو الجاري، الذي تنعقد فيه الجلسة الافتتاحية للمجلس الجديد.
وكانت خطوة إعادة تكليف الشيخ أحمد النواف متوقعة على نطاق واسع في الكويت، وهو الذي تولى رئاسة أول حكومة له في يوليو 2022 مع حل مجلس الأمة الذي انتخب عام 2020، ليستقيل مطلع أكتوبر من العام ذاته بعد إجراء انتخابات مجلس الأمة.
وأعاد أحمد النواف تشكيل الحكومة الثانية في الـ16 من أكتوبر 2022، ثم قدم استقالة الحكومة في يناير 2023، قبل أن يصدر قرار أميري بتكليفه بتشكيل الحكومة الثالثة مطلع مارس الماضي.
واحتدم الصدام بين الحكومة ومجلس الأمة مرة أخرى في بداية العام الحالي، قبل أن تلغي المحكمة الدستورية العليا انتخابات 2022، وتعيد برلمان 2020 لموقعه كسلطة تشريعية.
لكن برلمان 2020 لم يدم طويلاً، إذ تعرض للحل مرة ثانية، في مايو الماضي، بمرسوم أميري والعودة للشعب لاختيار ممثليهم من جديد، لا سيما أنهم لم يكونوا على وفاق مع الحكومة.
تحديات تشكيل الحكومة
وفي انتخابات مجلس الأمة الكويتي التي جرت في يونيو الجاري، فاز عدد كبير من النواب المعروفين تقليدياً بمواقفهم المعارضة للحكومات السابقة، وهو ما سيضع مزيداً من التحديات أمام أي تشكيل حكومي قادم.
ودعا أعضاء في مجلس الأمة المنتخب الشيخ أحمد النواف الصباح إلى تبني برنامج عمل إصلاحي، واعتماد "الكفاءات الوطنية" في تشكيل حكومة قوية، بدون محاصصة أو حسابات سياسية للتعامل مع مطالب الشعب، والاستفادة من أخطاء الماضي.
ونقلت صحيفة "القبس" المحلية عن النائب جراح الفوزان قوله: "ملتزمون بما طرحوه خلال حملاتهم الانتخابية، بأن التعاون يبدأ من تشكيل حكومة قوية من رجالات دولة بعيداً عن المحاصصة والترضيات، وزراء قادرين على النهوض بالبلد ووزراء سياسيين قادرين على التعاون مع المجلس".
ويتمتع مجلس الأمة الكويتي بصلاحيات كبيرة، حيث يمكنه استجواب رئيس الوزراء والوزراء، ويملك حق إقرار القوانين ورفضها وإلغاءها، لكن الأمير له الكلمة الفصل في شؤون البلاد وله صلاحية حل المجلس.
وعادة ما تكون رغبة المجلس في استجواب رئيس الحكومة وانتقاده بوجود أغلبية معارضة، وهو عامل يسرع تقديم الحكومة استقالتها، وحتى حل مجلس الأمة، ما يفضي إلى أزمة سياسية.
ويؤكد الكاتب الصحفي الكويتي عيد الفضلي ضرورة تشكيل حكومة "تتسق مع مخرجات الانتخابات وتلبي طموح الشعب، ومن أبرزها تحسين مستوى معيشة المواطن الكويتي، والقيام بإصلاحات إنشائية في البنية التحتية، وإقرار البديل الاستراتيجي في توحيد سلم الرواتب".
وقال الفضلي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إن "على الحكومة والبرلمان العمل كذلك على إقرار تشريعات تحصن العملية الانتخابية، مثل إقرار تعديل قانون المحكمة الدستورية وإنشاء المفوضية العليا للانتخابات".
تأثير شكل مجلس الأمة
نسبة التغيير في مجلس الأمة الجديد المكون من خمسين عضواً بلغت 24% مقارنة ببرلمان 2022، إذ تمكن 38 عضواً من أعضائه من العودة مرة أخرى.
التغير المهم في هذه الانتخابات هو فوز مرزوق الغانم، رئيس البرلمان الأسبق، الذي هيمنت شخصيته على الحياة السياسية والبرلمانية الكويتية طوال العقد الماضي، بعضوية المجلس الجديد، بعد أن عزف عن خوض انتخابات 2022، لكن لا يعرف حتى الآن ما إذا كان الغانم سينافس على منصب رئيس مجلس الأمة.
وأعلن رئيس مجلس الأمة الكويتي السابق، أحمد السعدون، أنه سيترشح لرئاسة المجلس، ويتوقع أن يفوز بالتزكية، لكن في حال إعلان الغانم ترشيح نفسه فيتوقع أن تشهد انتخابات حامية بينهما.
ورداً على سؤال حول احتمالية عودة الخلافات بين الحكومة ومجلس الأمة، توقع الكاتب الصحفي الكويتي عيد الفضلي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن يكون هناك "توافق حكومي نيابي نابع من برنامج عمل الحكومة وتشريعات النواب التوافقية، ولن يكون هناك تصعيد كبير" خلال الفترة المقبلة".
وستنعكس شخصية رئيس مجلس الأمة على على دورة العمل البرلماني المقبل، والذي يأمل الكويتيون أن تتوقف الخلافات فيه بين المجلس والحكومة، والمضي نحو مزيد من الاستقرار وإعادة الحياة السياسية والاقتصادية إلى سابق عهدها.
ويعد مرزوق الغانم خصماً لدوداً لرئيس الحكومة الشيخ أحمد النواف، وقال، في أبريل الماضي، إن "وجود رئيس الوزراء في منصبه خطر على الكويت".
لكن الغانم قال في تصريحات نقلتها صحيفة "الراي" المحلية، يوم الأحد الماضي: إن "على الحكومة قراءة نتائج الانتخابات جيداً ومن صعد ومن هبط، وليس من نجح أو سقط وحسب، وعليها أن تحلل الأسباب كي تكون هذه الحكومة ملبية لطموحات الشعب الكويتي".
كما أعرب الغانم عن تفاؤله بالمستقبل والعمل على تحقيق الاستقرار، مؤكداً أنه "سيبذل كل ما في وسعه لتحقيق الاستقرار المنشود للشعب الذي مل من الصراعات والتجاذبات".