سياسة وأمن » تصريحات

المروحيات السعودية.. خطوة جديدة على طريق توطين الصناعة العسكرية

في 2023/06/24

كامل جميل - الخليج أونلاين- 

خطوة مهمة أعلنتها شركة سعودية متخصصة بالتصنيع العسكري، بتوقيع اتفاقية تمكنها من توطين صناعة الطائرات المروحية بشقيها المدني والعسكري؛ وهو ما يجعل المملكة تزيد من سرعة نمو صناعاتها العسكرية، وتنوعها؛ ما يساهم في تقليل اعتمادها على استيراد السلاح وجعلها تسير على طريق توريد إنتاجها العسكري.

شركة "سكوبا" السعودية للصناعات العسكرية وقعت اتفاقية مع شركة "إيرباص" الفرنسية لتوطين صناعة الطائرات المروحية، باستثمارات تتجاوز 25 مليار ريال (6.6 مليارات دولار) خلال 20 عاماً، بحسب ما ذكرت قناة "الإخبارية" المحلية (19 يونيو 2023).

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "سكوبا"، فواز العقيل: إن "الاتفاقية تُعد الأكبر من نوعها والأولى بتاريخ الشرق الأوسط، حيث تستهدف توطين صناعة أكثر من 100 طائرة مروحية في السعودية بنسختيها المدنية والعسكرية المتعددة".

وأوضح أن الشركة "لديها خطة عمل لـ 10 سنوات مقبلة"، مبيناً أنه "سيوضع حجر الأساس للمشروع بين إيرباص وسكوبا في فبراير 2024، على هامش معرض الدفاع العالمي"، الذي تستضيفه العاصمة الرياض، متوقعاً أن ترى "الطائرات الجديدة النور بعد 24 شهراً من بدء العمل بالمشروع".

ومن جانب آخر فإن المشروع يوفر أكثر من 8500 وظيفة، بحسب العقيل.

توطين الصناعات

تُعد شركة "سكوبا" الدفاعية من‭ ‬أبرز‭ ‬الشركات‭ ‬الدفاعية‭ ‬في‭ ‬السعودية، وتعمل على توفير‭ ‬الأنظمة البرية‭و ‬الجوية‭ ‬والبحرية‭ ‬المسيرة‭ ‬وأنظمة الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬المتكامل،‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬والحلول ‬الاستخباراتية،‭ ‬والذخيرة‭ ‬الموجهة.

والشركة مملوكة بالكامل‭ ‬لمجموعة‭" ‬عجلان‭ ‬وإخوانه‭ ‬القابضة"‭‬، وتأسست تماشياً مع توجهات "رؤية المملكة 2030" التي تستهدف توطين الصناعات العسكرية في المملكة وللمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي.

الاهتمام السعودي بالصناعات العسكرية وتوطينها أخذ يتصاعد منذ مايو 2017، حين أعلنت الرياض إنشاء الشركة السعودية للصناعات العسكرية.

وبعد هذا الإعلان بثلاثة أشهر أعلنت الرياض إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية، التي تستهدف تنظيم قطاع الصناعات العسكرية في المملكة وتطويره ومراقبة أدائه.

الاهتمام بتوطين الصناعات العسكرية، وفق ما تراه القيادة السعودية، يساهم بشكل كبير في الحد من الإنفاق العسكري الضخم.

كما كان احتلال السعودية المركز الثالث عالمياً في الإنفاق العسكري عام 2015 دافعاً إلى السعي لتوطين صناعاتها العسكرية، وتسعى وفق ذلك لتوطين ما يزيد على 50% من هذا القطاع في 2030.

المحلل العسكري إسماعيل أيوب، أعرب عن اعتقاده بأن المملكة تسير على الطريق الصحيح في الصناعات العسكرية، خاصة بعد العقد الذي أبرمته مع الولايات المتحدة مع زيارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى المملكة في مايو 2017.

كان من بين الاتفاقيات التي وقعتها الرياض وواشنطن خلال زيارة ترامب، اتفاق مع شركة "لوكهيد مارتن" لدعم برنامج تجميع 150 طائرة مروحية من طراز "Black Hawk S-70" في السعودية، بقيمة 6 مليارات دولار.

اتفاقية الطائرات التي وقعتها السعودية والولايات المتحدة، في حينها، يقول عنها "أيوب" إنها ذات مردود جيد للجيش السعودي والصناعات العسكرية السعودية وللمملكة نفسها، وهو نفس المردود الذي ستجنيه الرياض من اتفاقية شركتي "سكوبا" و"إيرباص".

وشدد على أن "دولة مثل السعودية تنتمي لمجموعة العشرين وصاحبة اقتصاد قوي يجب أن يكون لديها صناعات عسكرية مثلها مثل الدول الند لها إقليمياً مثل إيران وتركيا".

دعم الصناعات العسكرية

المملكة تسعى إلى تمكين القطاع الصناعي العسكري المحلي ليكون واحداً من أبرز القطاعات على مستوى العالم.

وتدعم الرياض هذا القطاع بشكل واسع، وهو ما أكده في وقت سابق نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية، أسامة الزامل، في تصريحات صحفية، بأن عام 2023 سيشهد انطلاقة قوية لتفعيل الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي تهدف إلى مضاعفة الناتج المحلي الصناعي بنحو 3 مرات، ليصل إلى 895 مليار ريال (238 مليار دولار).

وهو أيضاً ما أكده محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية، أحمد العوهلي، خلال ملتقى الميزانية 2023، في ديسمبر الماضي، إذ قال إنه يتوقع أن يصل حجم مساهمة قطاع الصناعات العسكرية بالناتج المحلي الإجمالي في 2030 إلى نحو 95 مليار ريال (25.3 مليار دولار).

وأوضح أن قطاع الصناعات العسكرية يشهد نمواً متسارعاً وحراكاً نوعياً داخل المملكة، مستشهداً بارتفاع عدد المنشآت الصناعية، مبيناً أن عددها في بداية إنشاء الهيئة كان لا يتجاوز 5 منشآت وطنية، واليوم وصل عددها إلى أكثر من 265 ترخيصاً حتى نهاية شهر نوفمبر 2022.

وأضاف أن إجمالي عدد المنشآت بلغ 156 منشأة بحجم استثمار تقديري 40 مليار ريال (10.6 مليارات دولار)، ويعمل بها 21 ألف موظف، من بينهم كفاءات سعودية.

على الطريق الصحيح

إسماعيل أيوب يرى أن الاتفاقية مع إيرباص تأتي في الطريق الصحيح ضمن رؤية 2030؛ وذلك "لأن الدول التي لديها جيوش خاصة في الشرق الأوسط وتعتبر من أكثر الدول استيراداً للسلاح يضعها اعتمادها على الاستيراد في خانة الضعف لاقتصادها وبناء جيوشها".

وتابع: "لذلك أعتقد بأنها اتفاقية جيدة للمملكة، فهي الخطوة الأولى لتوطين المروحيات الأوروبية، وسيكون لذلك مردود جيد من خلال توظيف عمالة جديدة ورفع الصناعات العسكرية السعودية".

ولا يستبعد أيوب أن تملك السعودية "في المستقبل غير البعيد" صناعات عسكرية بحتة، ضارباً المثل بتركيا التي صنعت مروحية "أتاك" المستنسخة عن الحوامة الإيطالية "جوستا".

ولا يستغرب المحلل العسكري أن تكون للسعودية مستقبلاً صناعات عسكرية خاصة ومهمة؛ وذلك- وفق قوله- لوجود احتياجات تدعم هذا القطاع ما يؤدي إلى "تقليص حجم المستورد من الصناعات العسكرية إلى أكثر من النصف خلال زمن قصير".

ونظراً لأن تركيا تصنع نحو 60% من احتياجاتها العسكرية، يعتقد أيوب أن السعودية تسير على ذات الطريق، موضحاً: "نرى أن هناك إنتاجاً محلياً سعودياً لحوامات وطائرات مروحية ومسيرات وغيرها، وهذا شيء إيجابي".

ومع وجود أهمية كبيرة لتصدير الصناعات العسكرية، يرى أيوب أن المرحلة الحالية ليست مناسبة لتكون المملكة موردة للطائرات المروحية التي ستباشر بصناعتها، لكنه يعتقد أن الرياض ستتمكن من سد الحاجة المحلية وقد تتعداها إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وقد تعمل الشركة بدعم من إيرباص لتوريد بعض من قطع هذه الطائرة إلى الشركة الأم، بحسب قوله.