سياسة وأمن » تصريحات

بعد حرب غزة.. هل أصبح السلام مع "إسرائيل" من الماضي؟

في 2024/01/20

الخليج أونلاين-

باتت الحرب في غزة تشكل تهديداً جدياً لجهود السلام في المنطقة وإقامة دولة فلسطينية، لا سيما بعد أن أدت إلى استشهاد وإصابة نحو 85 ألف فلسطيني ودمار وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أشار في مقابلة تلفزيونية مع "فوكس نيوز" في سبتمبر الماضي، إلى أن المملكة تقترب من تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، لكن بعد اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي، جرى تعليق المباحثات.

كما أثرت الحرب على العلاقات بين دولة الاحتلال ودول عربية ترتبط بعلاقات معها، أبرزها البحرين التي سحبت سفيرها من تل أبيب وطردت السفير الإسرائيلي من أراضيها، كما قامت الإمارات بجهود دبلوماسية خلال عضويتها في مجلس الأمن لإدانة الحرب والممارسات الإسرائيلية..

السلام في خطر

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أوضح في جلسة حوارية بعنوان "تأمين عالم غير آمن" خلال فعاليات "منتدى دافوس"، أن "ما تفعله إسرائيل الآن يعرّض السلام للخطر".

وأكد بن فرحان أيضاً، أنه "لا بد أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وتمهيد الطريق لعملية ذات مصداقية تمكّن السلطة الفلسطينية، وتمكننا من أن نخوض في عملية تقودنا إلى تحقيق السلام بالمنطقة، وهذا أمر سيحل كثيراً من التحديات في المنطقة، ولكن استمرار الوضع الحالي، واستمرار المعاناة في غزة، سيقودان على الأغلب إلى حلقات مستمرة من التصعيد".

وتعليقاً على تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بشأن ارتباط الأمن والسلام في "إسرائيل" بالأمن والسلام بالنسبة للفلسطينيين، قال: "هذا أمر دعمته المملكة منذ عام 1981، نحن ندعم ذلك بالكامل، ونتفق على أن السلام الإقليمي يشمل السلام لإسرائيل، ولكن ذلك لن يتحقق إلا إذا تحقق السلام للفلسطينيين عبر إقامة دولة فلسطينية، وهذا ما نعمل عليه مع الإدارة الأمريكية، ويزداد الأمر أهمية في سياق ما يحدث في غزة".

ورداً على سؤال عما إذا كانت المملكة يمكن أن تعترف بـ"إسرائيل" في إطار اتفاق سياسي أوسع بعد حل الصراع الفلسطيني، قال الأمير فيصل بن فرحان: "بالتأكيد"، موضحاً أن "الخطوة الأولى لتحقيق السلام هي وقف إطلاق النار، وهذا يعني وقفه من جميع الأطراف، ولكن يجب أن يكون هذا نقطة انطلاق لعملية سلام مستدامة، وهو ما لن يتحقق إلا من خلال تحقيق العدل للشعب الفلسطيني".

وكانت "إسرائيل" تسابق الزمن قبل الحرب للتطبيع مع السعودية، حيث قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن تطبيع العلاقات مع المملكة سيخلق شرق أوسط جديداً.

لكن وبحسب سفير السعودية لدى بريطانيا، الأمير خالد بن بندر آل سعود، فإن أي اتفاق للتطبيع "لا بد أن يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية".

كما كشف في تصريح لشبكة "بي بي سي" يوم 10 يناير الجاري، أن اتفاق التطبيع مع "إسرائيل" كان "وشيكاً"، عندما علقت السعودية المحادثات بوساطة أمريكية، إثر الحرب الإسرائيلية على غزة.

وأضاف أن السعودية لا تزال تؤمن بإقامة علاقات مع "إسرائيل"، على الرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح بغزة، لكنه قال إن ذلك لا ينبغي أن يكون "على حساب الشعب الفلسطيني".

وفي إطار الموقف السعودي أيضاً، قالت سفيرة المملكة في واشنطن الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، إن الرياض "غير قادرة على مواصلة المباحثات بشأن التوصل إلى اتفاق تاريخي يتضمن الاعتراف بإسرائيل، قبل أن يتم وقف إطلاق النار في غزة، وإنها لم تضع التطبيع في قلب سياستها".

وأضافت، خلال ندوة ضمن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: "أعتقد أن أهم شيء يجب إدراكه هو أن المملكة لم تضع التطبيع في قلب سياستها. لقد وضعت السلام والازدهار في قلب سياستها".

وأضافت: "المملكة كانت واضحة تماماً: ما دامت هناك أعمال عنف على الأرض والقتل مستمر، لا يمكننا الحديث عن اليوم التالي".

جهود أمريكية

ويتعارض تعليق المحادثات مع مساعي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمضي قدماً في محادثات التطبيع حتى في أعقاب الأحداث الجارية بفلسطين.

وفي الوقت الحالي يعمل بريت ماكغورك، منسق الأمن القومي الأمريكي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على خطة تربط بين إعمار قطاع غزة بعد الحرب، واستئناف مسيرة التطبيع بين السعودية وإسرائيل، التي انقطعت في 7 أكتوبر، وفق موقع "هبنغتوند بوست" الأمريكي.

وحسب ماكغورك، ستكون الخطة حافزاً لإعادة إعمار القطاع، التي ستشارك فيها السعودية ودول خليجية أخرى. ومع ذلك، تخوفت مصادر في الإدارة من أن تؤدي هذه إلى عدم استقرار في المنطقة.

ويرى المسؤول الأمريكي أنه سيكون ممكناً تحقيق استقرار في المناطق التي دمرتها الحرب، إذا ما شرعت الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، إضافة إلى قوى فلسطينية، في جهد دبلوماسي للتوقيع على اتفاق التطبيع.

وحسب الخطة سيأتي بايدن إلى المنطقة في الأشهر القادمة، في "جولة نصر" بعد وقف الحرب بغزة، ليحصل على موافقة على اتفاق التطبيع بين "إسرائيل" والسعودية مقابل إعادة الإعمار بمشاركة الإمارات وقطر.

لكن في المقابل، تشترط الإمارات إنهاء الحرب والعودة إلى حل الدولتين ومسار السلام للمشاركة في إعادة إعمار غزة.

وسبق أن قالت لانا نسيبة، سفيرة الإمارات لدى الأمم المتحدة، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في ديسمبر الماضي، إن الحرب في غزة "نقطة تحول" بالنسبة لبلادها.

وأضافت نسيبة أنه بدون حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لن تكون الإمارات "مستثمرة بالكامل في إعادة بناء غزة"، مؤكدةً أن "هذا ليس المسار الذي وقّعنا بناءً عليه اتفاقيات إبراهيم".

لكن أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أكد في الوقت نفسه أن اعتراف بلاده بإسرائيل "قرار استراتيجي، والقرارات الاستراتيجية طويلة الأجل"، مؤكداً أن "أي قرار استراتيجي سيواجه عقبات متعددة، ونحن أمام عقبة كبيرة يجب التعامل معها"، في إشارة إلى حرب غزة.

وحول مستقبل التطبيع والسلام في المنطقة، قال المحلل السياسي تيسير محيسن: إن "دولة الاحتلال الإسرائيلي أغلقت بوابة التطبيع معها لفترة طويلة بعد جرائمها البشعة ضد الإنسانية في غزة".

ويضيف محيسن في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "لن يعود الإقبال العربي على التطبيع مع دولة الاحتلال إلى سابق عهده؛ فالحرب الإسرائيلية جعلت تل أبيب منبوذة بشكل غير مسبوق عربياً ودولياً كذلك".

ويتابع: "يمكننا القول إن المنطقة بشكل عام، مقبلة على موجات من التوتر وليس التطبيع والسلام خلال السنوات المقبلة، فحرب غزة حركت المياه الراكدة وأظهرت العداء الإسرائيلي الكبير للعرب".

ويشير إلى أن ذلك لا يعني أن جميع الدول العربية ستتوقف عن التطبيع مع الاحتلال، لافتاً إلى أن بعض الدول العربية لديها مصالح استراتيجية مع تل أبيب، وستحاول الحفاظ على حد أدنى من العلاقات معها حتى لا تنهار مصالحها.

ويستدرك: "لكن ما ينتظره الفلسطينيون هو أن تعلن جميع الدول العربية والإسلامية مقاطعة دولة الاحتلال بالكامل وتوجيه الدعم كاملاً للقضية والشعب الفلسطيني، وإلا فإن العودة لمربع التطبيع سيقضي على قضية فلسطين".

ويوضح أن دولة الاحتلال كانت قبل الحرب تسابق الزمن لتوسيع بقعة التطبيع العربي معها خاصةً السعودية، ولكنها بعد هذه الجرائم الإسرائيلية ستعود إلى المربع الأول، بل يمكننا القول إنها فقدت دولاً كانت لديها علاقات معها.