محمد أمين - الخليج أونلاين-
كما جرت العادة، تعيش دولة الكويت أجواء احتفالية واسعة في مثل هذه الأيام من كل عام، حيث يحيي الكويتيون ذكرى العيد الوطني في 25 فبراير، والتي تتزامن مع ذكرى عيد التحرير من الغزو العراقي التي يُحتفل بها في 26 فبراير.
وتحت شعار "عز وفخر"، انطلقت احتفالات الذكرى الـ 63 للعيد الوطني هذا العام، وهي مناسبة وطنية للاحتفال باستقلال الكويت عن المملكة المتحدة وخروجها من سيطرة الحماية البريطانية عليها، حيث تشكل هذه المناسبة علامة فارقة في تاريخ البلاد، وذكرى راسخة في وجدان الشعب الكويتي.
وتتزامن هذه الاحتفالات، مع الذكرى الـ 33 لتحرير الكويت من الغزو العراقي التي يحييها الكويتيون منذ عام 1991، لاستذكار الجهود التي بذلتها القيادة آنذاك لتحرير البلاد، وحشد التأييد الدولي لدعم حقها في المنابر الإقليمية والدولية.
ولكن المختلف عن الاحتفالات السابقة هو ما تعيشه الكويت حالياً من حالة عدم استقرار على المستوى الداخلي.
مسيرة النهضة الكويتية
حققت الكويت الكثير من الإنجازات في طريق النهضة الشاملة، لتعزز من مكانتها على المستوى الدولي والإقليمي، من خلال اتباعها سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة.
وكان للكويت، التي انضمت عام 1961 إلى جامعة الدول العربية، ومن ثم إلى منظمة الأمم المتحدة عام 1963، دور محوري في ملفات سياسية واقتصادية على مستوى العالم، كما خطفت الأنظار نحوها في استجابتها الإنسانية.
فمنذ عام 1962 شرعت الدولة في تدعيم نظامها السياسي من خلال إنشاء مجلس تأسيسي، أعد دستوراً لنظام الحكم، صدّق عليه الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح في نوفمبر من ذلك العام، لتدخل البلاد مرحلة الشرعية الدستورية، ونظمت أول انتخابات تشريعية في 23 يناير 1963.
وخلال الأعوام الـ63 الماضية، تمكنت الكويت من إقامة علاقات متينة على المستوى الدولي، وحققت إنجازات مهمة على جميع الأصعدة؛ الوطنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية.
وحجزت الكويت مكاناً في مقدمة الدول التي تقدم يد العون للمتضررين والمنكوبين من الأزمات والكوارث حول العالم، ليتم اختيارها من قبل الأمم المتحدة، في سبتمبر 2014، مركزاً للعمل الإنساني، وتوج حينها الأمير الراحل، الشيخ صباح الأحمد، بلقب "قائد العمل الإنساني".
لكن هذه المسيرة تواجه مؤخراً بعض التحديات التي فرضت على أمير البلاد الجديد، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، التعامل معها.
أجواء احتفالية مبهرة
تسيطر الأجواء الاحتفالية على جميع المناطق الكويتية، بمشاركة جماهيرية ضخمة، وحضور وزارات الدولة ومؤسساتها الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث نظمت عروض فنية، تضمنت نشاطات رفع العلم الوطني في كل شبر من شوارع الدولة.
وتم تزيين الجسور والطرق الرئيسية والميادين بـ 3,880 علماً، وفق ما أعلنت بلدية الكويت على لسان المتحدث الرسمي باسمها، محمد السندان، الذي أشار أيضاً إلى إزالة 250 سارية متهالكة على مدى الأيام العشرة الماضية، وتركيب 183 إعلاناً وطنياً على الطرق في كافة المحافظات.
كما شاركت وزارة الدفاع بالاحتفالات، من خلال عرض معداتها العسكرية عند أبراج الكويت وسط جموع من المواطنين والمقيمين.
وتزين محرك البحث العالمي "جوجل" بعلم الكويت على واجهة صفحته الرئيسية، بمناسبة الاحتفالات التي تشهدها البلاد.
من جانبها، أطلقت وزارة الإعلام الكويتية سهرات درامية إذاعية، وأعدت دورة برامجية في كافة محطات إذاعة الدولة على مدار هذين اليومين تتضمن تقارير خاصة، وعدداً من الأغاني الوطنية لكبار الفنانين والملحنين والشعراء من دول مجلس التعاون الخليجي والوطني العربي.
ولتأمين الاحتفالات أكد وزير الداخلية بالوكالة، الشيخ فهد اليوسف الصباح، أهمية اليقظة والتعامل بحزم مع أي خروج عن القانون، وانتشر عناصر الأمن في كافة المناطق الكويتية.
ولم تقتصر الاحتفالات على الداخل الكويتي فقط، بل امتدت إلى سفارات الدولة المنتشرة في كافة أنحاء العالم، ليتم تنظيم فعاليات داخلها.
احتفالات في ظل تحديات جمة
احتفالات هذا العام هي الأولى في عهد أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، وما يجعلها مختلفة عن سابقاتها هو حجم التحديات على المستوى المحلي، الذي يشهد عدم استقرار سياسي واقتصادي، وسط توترات إقليمية تسيطر على الساحة الدولية.
فعلى المستوى المحلي ووسط أجواء سياسية مشحونة، تعتزم الكويت إجراء انتخابات برلمانية من المتوقع أن تعقد في أبريل المقبل، وذلك عقب قرار أمير الكويت بحل مجلس الأمة في 15 فبراير الجاري بناء على ما بدر منه من "تجاوز للثوابت الدستورية"، وهي المرة الـ 12 التي يُحل فيها المجلس بتاريخ البلاد.
كما تأخرت الكويت من الناحية الاقتصادية في اللحاق بجاراتها، حيث لا تزال تعتمد على النفط مصدراً رئيسياً للعائدات، في الوقت الذي تقدمت فيه السعودية والإمارات من خلال تنويع اقتصاداتهما، ما يضعها أمام تحديات كبيرة لإحداث تحول في مجال الطاقة، وجذب الاستثمارات بشكل أكبر.
أما على المستوى الدولي فتتزامن الاحتفالات الكويتية مع توترات تجتاح الشرق الأوسط، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، والذي خلف كارثة إنسانية وصحية، وأكثر من مئة ألف شهيد وجريح.
وتصدر الملف الإنساني جهود الدول للاستجابة للكارثة التي خلفها العدوان الإسرائيلي، ولم تدخر الكويت أي جهد فيما يخص إغاثة أهالي غزة، من خلال توزيعها لآلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية، إضافة إلى إرسالها سيارات إسعاف.
ومؤخراً قدمت الكويت مرافعة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، حول العواقب القانونية الناشئة عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، حيث أكدت أن ما يجري في غزة امتداد لـ 75 عاماً من الاحتلال، وطالبت بإقامة دولة فلسطينية.