سياسة وأمن » تصريحات

الرياض لبلينكن: نريد مساراً موثوقاً يضمن إقامة الدولة الفلسطينية

في 2024/05/02

أمير تيفون وآخرون- هآرتس - ترجمة القدس العربي- 

وصل وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل أمس، والتقى رئيس الحكومة نتنياهو، ورئيس الدولة إسحق هرتسوغ، وعضو الكابنيت الوزير بني غانتس. سيحاول في هذه الزيارة الدفع قدماً بالمحادثات حول صفقة إطلاق سراح المخطوفين وفحص إمكانية التقدم نحو اتفاق سياسي بين إسرائيل والسعودية. يصل بلينكن إلى إسرائيل بعد إجراء زيارات في الفترة الأخيرة في السعودية والأردن، التي ركزت أيضاً على الحرب في غزة في محاولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، واحتمالية أن تعمل إسرائيل في رفح، حيث يتركز أكثر من مليون مواطني فلسطيني.

سيجري بلينكن زيارة لميناء أسدود مع رئيس الأمن القومي تساحي هنغبي، ليفحص عن كثب عملية نقل المساعدات الإنسانية من الميناء إلى قطاع غزة. في الفترة الأخيرة، استخدمت الإدارة الأمريكية ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لنقل المساعدات مباشرة من الميناء إلى القطاع، ما سيعمل على تسريع إدخالها.
مصدر دبلوماسي مطلع على المحادثات بخصوص زيارة وزير الخارجية، قال للصحيفة إن الهدف الأكثر إلحاحية لبلينكن هو تحقيق صفقة لتحرير المخطوفين الإسرائيليين ووقف الحرب. وحسب قوله، رغم أن بلينكن في تصريحاته الأخيرة ألقى مسؤولية تأخير الصفقة على حماس، فإنه يعني من أن نتنياهو لا يضع العقبات. الإدارة الأمريكية قلقة من تصريحات وزراء اليمين المتطرف سموتريتش وبن غفير، اللذين هددا بإسقاط الحكومة إذا صادق نتنياهو على صفقة يعتبرانها “غير مجدية”.

حول إمكانية التطبيع، أصدر وزير الخارجية السعودي وبلينكن رسائل متفائلة أثناء زيارة الأخير للمملكة. وقالا إن معظم المواضيع المتعلقة باتفاق محتمل بين السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، الذي سيشمل التطبيع بين الرياض والقدس، أصبحت الآن متفقاً عليها. ولكن الموضوع الفلسطيني ما زال عقبة أمام الاتفاق، بالأساس الفجوة بين طلبات السعودية الأساسية في إعلان إسرائيل أنها تؤيد إقامة الدولة الفلسطينية وخطوات عملية على الأرض لصالح هذا الموضوع، وبين قدرة نتنياهو على التصرف في ظل ائتلاف مع بن غفير وسموتريتش اللذين يتطلعان إلى إسقاط السلطة الفلسطينية وضم الضفة الغربية.

يتوقع بلينكن أن يعرض على نتنياهو الفرصة القائمة لاختراقة مع السعودية، ويناقش معه الثمن السياسي المطلوب منه من أجل ذلك. وحسب أقوال المصدر الذي تحدث مع الصحيفة، فـ “لن يكون هناك شيء إلا ويعرفه رئيس الحكومة، لكنه سيسمع من وزير الخارجية تحديثات حول محادثاته الأخيرة في السعودية، التي قد تؤثر عليه”.

تقدر إسرائيل أن حماس قد تنشر اليوم رداً على اقتراح الوساطة المصري بشأن صفقة تحرير المخطوفين. وقررت أمس عدم المصادقة على إرسال بعثة إسرائيلية إلى القاهرة، حسب مصدر سياسي. لأن إسرائيل تقرر انتظار رد حماس قبل اتخاذ أي قرار حول سفر البعثة.

القناة الرسمية في مصر “القاهرة” نشرت أمس بأن بعثة حماس للمحادثات غادرت القاهرة وستعود مع رد خطي في موعد غير معروف. رئيس البعثة، خليل الحية، قال في يوم السبت بأن حماس تسلمت عرض إسرائيل حول صفقة التبادل، وأنها سترد عليه بعد فحص تفاصيله. وقالت مصادر في حماس للصحيفة بأن حماس تطالب بضمانات، منها ألا تستأنف إسرائيل القتال ضدها في القطاع، أيضاً في مدى شهرين من تطبيق الصفقة ووقف إطلاق النار، كشرط لاستكمالها. “نريد حياة لصالح الفلسطينيين في غزة”، قال أحد المصادر، “هذا يعني وقف الحرب وانسحاب إسرائيل وإعمار القطاع وخطة سياسية واضحة”.

مصدر أجنبي مطلع على الاتصالات التي تديرها الولايات المتحدة للتطبيع بين إسرائيل والسعودية، قال للصحيفة إن الحكومة السعودية اتخذت قراراً مبدئياً بتعزيز العلاقات مع إسرائيل، لكنها مترددة فيما إذا كانت تريد تطبيق هذه الخطوة في الأسابيع القريبة أم بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني القادم. مقابل التطبيع، تتوقع الرياض المطالبة بضمانات تضمن تقدماً واضحاً في قضية إقامة الدولة الفلسطينية.

“قررت السعودية العمل على اتفاق مع إسرائيل”، قال المصدر نفسه. “هذه عملية استراتيجية مبدئية، كجزء من التقارب مع الولايات المتحدة، وهي معنية بتطبيقها”. وحسب قوله، ما زالت الرياض مترددة بخصوص التوقيت، ومن المتوقع أن تبتّ في المسألة هذه في الأيام القريبة القادمة. النقاشات في الحكومة السعودية في الأسابيع الأخيرة تدور حول ما إذا سيتم إعطاء هذه الهدية للرئيس بايدن الذي يعتبر بطة عرجاء، ومن غير المؤكد أن يفوز في الانتخابات، أم انتظار الرئيس القادم على فرض حدوث انقلاب. هم مترددون فيما إذا كان الاتفاق مع إسرائيل، على فرض أن مطالبهم سيوافق عليها، لن يعتبر كمساعدة لحملة بايدن السياسية، التي قد تمس بالعلاقات مع الرئيس القادم. في الأصل، أي رئيس سيتم انتخابه قد يوفر للنظام السعودي تسهيلات أكثر بعد انتهاء الحملة الانتخابية.

الصعوبة الرئيسية التي يلاحظها دبلوماسيون غربيون مقربون من السعودية، هي القضية الفلسطينية. طلبات السعودية من إسرائيل في الحقيقة متدنية مقارنة مع التي عرضتها المملكة في مبادرة السلام العربية في 2002، لكنها عالية كما يراها شركاء نتنياهو في الائتلاف من اليمين المتطرف. وزير المالية سموتريتش ووزير الأمن الوطني بن غفير يعارضان بشدة أي اعتراف إسرائيلي بالدولة الفلسطينية، حتى ولو على المستوى التصريحي، وقد هددا بإسقاط الحكومة إذا خطا نتنياهو في هذا الاتجاه. وأوضحت السعودية مرات كثيرة في السنوات الأخيرة بأن هذه الخطوات شرط رئيسي للتقدم مع إسرائيل. من جهة أخرى، تقدر الولايات المتحدة أن الحرب وتأثيرها على الرأي العام العربي عززت التزام السعودية بتحقيق إنجازات مهمة من أجل الفلسطينيين في إطار المفاوضات مع إسرائيل.

تردد السعودية يرتبط أيضاً بجانب آخر من السياسة الأمريكية: علاقات القوة بين الرئيس والكونغرس. جزء من طلبات السعودية من الولايات المتحدة يحتاج إلى مصادقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. في الرياض من يخافون من أنه إذا تم انتخاب الرئيس ترامب فلن يوافق الديمقراطيون على التعاون والمصادقة على طلبات السعودية التي تشمل حلف دفاع مع الولايات المتحدة ومساعدة لإقامة مشروع نووي. في المقابل، ما دام بايدن في البيت الأبيض فإن معظم أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين قد يؤيدون هذه الخطوة، خصوصاً إذا أوضح لهم الرئيس بأن هذا الأمر سيساعد في حملته الانتخابية. في الجانب الجمهوري، وفق تقديرات داخلية في إسرائيل والسعودية، سيكون هناك ما يكفي من أعضاء مجلس الشيوخ الذين سيؤيدون الاتفاق رغم أن هذا الأمر سيساعد بايدن، بسبب الضغط الذي يستخدمه اللوبي المؤيد لإسرائيل في أمريكا، مع التأكيد على المسيحيين الإفنجليين.

وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قال أول أمس في قمة منظمة دول التعاون الخليجي في الرياض، إن الاتصالات من أجل التطبيع بين السعودية وإسرائيل قريبة جداً من الانتهاء. ونظيره السعودي فيصل بن فرحان أضاف بأن اتفاقاً أمنياً بين بلاده والولايات المتحدة قريب جداً. “معظم العمل تم”، قال وأضاف: “لنا خطة هيكلية حول ما نعتقد وجوب حدوثه بشأن القضية الفلسطينية. السلطة الفلسطينية بحاجة إلى الدعم والمساعدة، والسعودية ستجد صعوبة في التعهد بتوفير ذلك دون وضوح فيما يتعلق بمسار إقامة الدولة الفلسطينية”. وحسب قوله، فإن كل جهة ستدخل إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب يجب أن تكون موثوقة كي لا تعتبر قوة محتلة، لذلك ثمة حاجة الآن إلى مناقشة ذلك وتقديم أفق سياسي واضح، وليس فقط ترتيبات أمنية مستقبلية. وأضاف بأن الحرب في غزة خلقت أزمة إنسانية، وتسببت بانهيار كامل للمنظومة السياسية في القطاع. وحسب قوله، فإن الرياض تعتقد أن حل الأزمة يجب أن يكون عرض مسار موثوق، لا يمكن التراجع عنه، لإقامة الدولة الفلسطينية.