رويترز-
هدّأت الحرب الدائرة في قطاع غزة من وتيرة الأنشطة التجارية بين إسرائيل والإمارات وأصبحت العلاقات التي كانت موضع ترحيب في السابق تجري بعيدا عن الأنظار في ظل غضب يجتاح العالم العربي بسبب الصراع.
وأصبحت الإمارات أبرز دولة عربية تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل خلال الثلاثين عاما الماضية ضمن ما يعرف باسم اتفاقات إبراهيم التي توسطت فيها الولايات المتحدة في 2020. وحافظت الإمارات على العلاقات مع إسرائيل خلال الحرب الدائرة منذ سبعة أشهر في قطاع غزة.
وبعد اتفاق تطبيع العلاقات، بدأ رواد أعمال إسرائيليون في التوافد على الإمارات في رحلات مباشرة من تل أبيب وأقاموا علاقات أعمال جديدة ووسعوا علاقات قائمة كانت طي الكتمان من قبل. وتضمنت الصفقات والاتفاقات التي تم الإعلان عنها قبل الحرب استثمارات في مجالات أمن الإنترنت والتكنولوجيا المالية والطاقة والتقنيات الزراعية.
وقال عشرة إسرائيليين، هم مسؤولون ومديرون تنفيذيون ورواد أعمال، لرويترز إن علاقات الأعمال مع الإمارات لا تزال كما هي لكنهم أحجموا عن التحدث عن أي صفقات تمت في الآونة الأخيرة في مؤشر على الكيفية التي كبح بها الصراع حماسة الإعلان عن تلك الاستثمارات.
وقال رافائيل ناغل وهو رجل أعمال ألماني يهودي يعيش في الإمارات ويرأس مجموعة أعمال خاصة تروج للعلاقات بين البلدين “ما زال الأمر يتم.. يتم بدرجة أقل.. أقل علنا”.
وقال ستة من المصرفيين والمحامين في الإمارات أيضا إن علاقات الأعمال بين شركات إسرائيلية وإماراتية تأثرت بالحرب لكن هناك القليل من الصفقات الجديدة.
وأضافوا أن الحكومة الإماراتية توخت الحذر فيما يتعلق بالترويج للعلاقات مع إسرائيل. وفي إسرائيل شهدت كثير من الشركات استدعاء موظفين للخدمة العسكرية مما أثر على العمليات.
ولم يجب مسؤول إماراتي مباشرة على أسئلة رويترز عن حالة العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل وكيف تأثرت بالحرب لكنه قال إن الحوار الدبلوماسي والسياسي بين بلاده وإسرائيل سهل الجهود الإنسانية لمساعدة سكان قطاع غزة.
والإمارات هي الدولة العربية الوحيدة التي ما زالت تستضيف سفيرا لإسرائيل. واستدعت إسرائيل دبلوماسييها من الدول العربية الأخرى التي تربطها بها علاقات بعد الحرب.
وبعد إقامة علاقات دبلوماسية رسمية في 2020، أسست إسرائيل والإمارات سريعا شراكة اقتصادية وثيقة على خلاف اتفاقات السلام المبرمة منذ عقود مع مصر والأردن التي لم تسفر عن علاقات تجارية مهمة. وتم توقيع اتفاق للتجارة في 2022.
ووفقا لبيانات من دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية نمت التجارة بين الجانبين العام الماضي 17 بالمئة لتصل إلى 2.95 مليار دولار. وأضافت دائرة الإحصاء أنه رغم تباطؤ الوتيرة بعد الحرب ظلت التجارة أعلى بنسبة سبعة بالمئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2024.
لكن أعداد السياح الإسرائيليين، الذين أصبحوا يترددون كثيرا على الإمارات، قلت ولم تعد فنادق ومطاعم وحانات دبي تعج بهم كما السابق على الرغم من أن الإسرائيليين واليهود يقولون إنهم لا يزالون يشعرون بالأمان في الإمارات.
وعلى خلاف دول عربية أخرى، لم تخرج في الإمارات مظاهرات دعما للفلسطينيين أو احتجاجا على إسرائيل.
وقال بروس جورفين وهو يهودي أمريكي ومن رواد الأعمال وانتقل للعيش في الإمارات في نهاية التسعينيات “أخذت الأمور طابعا أكثر كتمانا وللسابع من أكتوبر علاقة قوية بذلك”.
“أثر سلبي”
قال عدد من الإسرائيليين كانت لهم بالفعل أعمال تجارية في الإمارات قبل الحرب إن علاقاتهم الشخصية والتجارية مع الإماراتيين وعرب آخرين في دولة الإمارات لم تتأثر. لكنهم يقولون أيضا إن هناك مطلبا، من الجانبين، بعدم كشف العلاقات التجارية علانية.
وقال إيلي ورتمان، المؤسس المشارك لشركة بيكو فينشر بارتنرز الإسرائيلية “أتصور أن كلمة أثر سلبي كلمة مناسبة. لكن، من ناحية أخرى… يجري العمل كالمعتاد”.
ويرى ورتمان أن العلاقات الوثيقة التي أُقيمت في الفترة التي تلت التطبيع مباشرة ساعدت في الحفاظ على الروابط التجارية مع الإمارات، وهو شعور عبر عنه مسؤولون إسرائيليون ومديرون تنفيذيون آخرون.
فقد قال مدير تنفيذي إسرائيلي في الإمارات-إسرائيل زون، وهي منصة غير حكومية مقرها إسرائيل تستهدف تطوير الروابط التجارية بين الدولتين، إن المسؤولين الإماراتيين أكدوا لهم أن الاستثمارات في إسرائيل لن تتوقف بسبب الحرب، لكنهم طلبوا من الإسرائيليين الامتناع عن كشف أي صفقات.
وطلب المدير التنفيذي عدم كشف هويته لأنه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام. ولم يعلق المسؤول الإماراتي.
ووقع مايكل ميريلاشفيلي، الرئيس التنفيذي لشركة ووتر جين، وهي شركة إسرائيلية تطور آلات يمكنها إنتاج مياه الشرب من الهواء، اتفاقية شراكة بحثية ثلاثية حول المياه في يونيو/ حزيران 2021 مع شركة بينونة للطاقة ومقرها أبوظبي وجامعة تل أبيب لتطوير أبحاث تكنولوجيا المياه.
وأوضح ميريلاشفيلي أن الشراكة مع نظرائه الإماراتيين لا تزال دافئة ولم يلحظ اختلافا في العلاقات منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وقال “نواصل العمل معا. لدينا روابط قوية جدا مع الأشخاص الذين نعمل معهم هناك”.
وقال روبرت موجيلنيكي، الأستاذ في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، إن الحرب في غزة كانت “عاملا مثبطا بشكل كبير” للإمارات بشأن اتخاذ مبادرات اقتصادية كبيرة جديدة.
وأشار إلى تنامي الغضب والقلق بشأن الحرب بين مواطني الإمارات، وهم أقلية تقدر بنحو مليون نسمة في الدولة الخليجية التي يبلغ عدد سكانها زهاء 10 ملايين نسمة.
وقالت شركة نيو ميد إنرجي الإسرائيلية في مارس/ آذار إن شركتي بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وبي.بي علقتا خططا للاستحواذ على حصة بملياري دولار في ميد إنرجي، مشيرة إلى حالة عدم اليقين في المنطقة.
وقالت أربعة مصادر مطلعة إن الحرب في غزة أثرت على قرار تعليق المفاوضات.
وقال ديدييه توبيا، الرئيس التنفيذي لشركة أليف فارمز الناشئة للحوم المستنبتة، التي تلقت استثمارات من صندوق حكومي في أبوظبي خلال جولة تمويل عام 2021، لرويترز إن هناك الآن مزيدا من الحساسيات بشأن الشركات الإسرائيلية التي تتعامل مع شركات إماراتية.
وتوقع أن يحدث تسارع في النشاط التجاري بمجرد انتهاء الحرب.
إحباط من نتنياهو
يؤكد مسؤولون إماراتيون أن إقامة علاقات مع إسرائيل قرار استراتيجي لا يعتزمون التراجع عنه. ومع ذلك، أبدى بعضهم في أحاديث خاصة إحباطهم من إسرائيل بسبب استمرارها في الحرب.
وتسببت الحرب في تصدع علاقة الإمارات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بحسب أربعة مصادر مطلعة.
وقالت المصادر إن الإمارات الآن نادرا ما تتحدث مباشرة مع نتنياهو وإن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أصبح الطرف الرئيسي في العلاقات الإسرائيلية الإماراتية.
وأضافت المصادر أن الإمارات تواصلت بشكل متزايد مع رئيسي الوزراء السابقين يائير لبيد ونفتالي بينيت منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول مع تزايد الإحباط من نتنياهو.
واجتمع زعيم المعارضة الإسرائيلية لبيد مع وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في أبوظبي في الثاني من مايو/ أيار.