سياسة وأمن » تصريحات

ما حدود توتر العلاقات بين الإمارات و"إسرائيل"؟

في 2024/05/14

إبراهيم شاكر - الخليج أونلاين-

تصريح مقتضب لرئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كان كفيلاً بإخراج الخلاف بين الإمارات و"إسرائيل" إلى العلن، ويصبح معه الموقف الإماراتي أكثر تشدداً تجاه سلوك حكومة اليمين المتطرف ورئيسها.

ففي تصريحات أدلى بها نتنياهو، الخميس (9 مايو)، أشار إلى دور إماراتي محتمل في إيجاد حكومة مدنية لإدارة غزة بعد انتهاء الحرب، وهو ما أثار غضب الإمارات ودفعها للرد والتوضيح.

وسبق هذا دلائل عدة على وجود تباين إماراتي مع حكومة نتنياهو، منها استضافة أبوظبي لزعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، وتقديمها مشروع قرار جرى اعتماده في الجمعية العامة للأمم المتحدة حول منح فلسطين العضوية الكاملة، فإلى أين يتجه هذا الخلاف؟

بيان شديد اللهجة

ويبدو أن الإمارات وجدت في إقحام نتنياهو اسمها في الحديث عن ترتيب وضع غزة بعد الحرب، تجاوزاً غير مقبول، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد.

بن زايد استنكر تصريحات رئيس وزراء "إسرائيل"، التي دعا فيها الإمارات للمشاركة في إدارة مدنية لقطاع غزة، القابع تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وشدد الوزير الإماراتي، في بيان عبر منصة "إكس"، على أن نتنياهو "لا يتمتع بأي صفة شرعية تخوله باتخاذ هذه الخطوة"، مؤكداً رفض أبوظبي الانجرار خلف أي مخطط يرمي لتوفير الغطاء للوجود الإسرائيلي في غزة.

كما أكد بن زايد أن بلاده على استعداد لتقديم كل أشكال الدعم لأي حكومة فلسطينية تلبي آمال وطموحات الشعب الفلسطيني، وتتمتع بالنزاهة والكفاءة والاستقلالية.

مؤشرات توتر العلاقة

تصريحات نتنياهو واحدة من عدة مؤشرات على وجود خلاف "إماراتي إسرائيلي"، تصاعد مؤخراً، ووصل إلى حد تبني أبوظبي مواقف مناقضة لسياسات "إسرائيل".

فيوم الجمعة 10 مايو، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، على مشروع قرار تقدمت به الإمارات، يدعم حق فلسطين في العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية، وهو ما أثار انزعاجاً لدى "إسرائيل".

ومطلع الشهر نفسه، استقبل وزير الخارجية الإماراتي في أبوظبي، زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، وبحث معه المستجدات في المنطقة، في ذروة الخلاف بين حكومة نتنياهو والمعارضة.

بن زايد بحث مع زعيم المعارضة الإسرائيلي، ضرورة الدفع نحو إيجاد أفق سياسي جاد لإعادة المفاوضات لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين، وهو ما ترفضه حكومة نتنياهو جملةً وتفصيلاً.

ويعود الخلاف الإماراتي الإسرائيلي إلى عدة أشهر، ففي يناير الماضي نقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، "أصيب بالذهول حينما طلب منه نتنياهو المساعدة في دفع أجور العُمال الفلسطينيين، رافضاً ذلك الطلب وساخراً منه".

رسائل قوية وواضحة

ويبدو أن البيان الإماراتي الأخير يمثل تحولاً مهماً في طبيعة العلاقة بين حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، والحكومة الإماراتية، ووفقاً للأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، فإن هذا الموقف يمثل "رسالة واضحة وقوية لشخص نتنياهو".

وأضاف عبد الله في تصريح لقناة "الحرة"، أنه من غير المألوف أن توجه الإمارات الحديث بالاسم لنتنياهو، وهو ما يعني أن هناك جديداً في موقفها، مؤكداً أن هذه التصريحات "تنسجم مع موقف الإمارات الثابت والقديم من القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية الإمارات والعرب الأولى".

ولفت إلى أن موقف الإمارات "أصبح واضحاً بأن نتنياهو وحكومته ليسوا الشركاء المناسبين للسلام وقيام دولة فلسطينية، وأن هناك مسعى عالمي لإنهاء حكومته".

من جانبه قال الخبير الاستراتيجي الإسرائيلي، آفي ميلاميد لـ"الحرة"، إن ما حدث "مجرد خطوات سياسية دبلوماسية لا تؤثر على المصالح الاستراتيجية بين إسرائيل والإمارات، ولا تمثل تحوراً جذرياً في السياسة الإماراتية".

معضلة معبر رفح

ويبدو أن الإمارات تسير على خطى الجانب المصري، فيما يتعلق بالتعامل مع معبر رفح، وفيما يتعلق بتوسعة الهجوم الإسرائيلي في المدينة، وبالتالي تعقيد الخيارات السياسية الحالية بل والمستقبلية، وفقاً للكاتب والباحث حازم عياد.

وترفض هذه الدول، وفقاً لعياد الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، لعب أي أدوار يمكن أن تشكل لها حرجاً كبيراً، "كونها ستضطرها للتعامل المباشر مع الاحتلال الإسرائيلي بدلاً من السلطة الفلسطينية، أو مع مؤسسات دولية يتمثل التعامل معها ضرراً أقل على صورة ومكانة الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات".

ولفت إلى أن هناك قدراً من التوتر في العلاقات بين الإمارات وحكومة نتنياهو، مشيراً إلى أنه "لا يوجد أي انسجام فيما بين الأطراف العربية، وبين خيارات نتنياهو التي تريد أن تنقل المعركة إلى هذه الدول".

وأوضح أن "نتنياهو يريد تحميل هذه الدول "أعباء فشله ومحاولته الحفاظ على حكومته، ويقدم لها خيارات صعبة، لا تستطيع حتى (إسرائيل) التيقن من إمكانية تنفيذها".

وتسائل عياد: "كيف للدول العربية أن تشارك في خطة غير مكتملة الأركان أصلاً وتتناقض مع المبادرة العربية المعلنة في قمة بيروت (2002) والمقدمة من المملكة العربية السعودية ودول خليجية".

الانفتاح على المعارضة

ويرى عياد أنه بالمقابل، هناك معارضة إسرائيلية على رأسها يائير لابيد، لا تخفي استعدادها للتعامل مع السلطة الفلسطينية في رام الله، والتعامل مع الخيارات السياسية التي تتقدم بها واشنطن فيما يتعلق باليوم التالي للحرب، وكذا حل الدولتين، وضرورة أن يكون هناك مسار سياسي موازي للحرب، وهو ما ترفضه حكومة نتنياهو.

وأضاف: "لذلك تبدي الإمارات انفتاحاً أوسع على المعارضة الإسرائيلية"، لافتاً إلى أن توجهات أبوظبي، تنسجم مع الضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية، "كون الدول العربية وخاصة دول التطبيع، أقدر على إيصال الرسائل، دون أن يتسبب ذلك بإرباك داخل الإدارة الأمريكية وداخل الكونغرس الأمريكي، ويفاقم الضغوط على إدارة بايدن".

ونوّه إلى أن الإمارات "تقوم حالياً بأدوار لا شك أنها تساعد في فرض بعض الضغوط وإرباك المشهد السياسي لغير صالح نتنياهو"، مشيراً إلى أن هذا "قد يكون ضمن جهد أوسع يراد منه الإطاحة بنتنياهو ومحاصرته، وتقويض الائتلاف الحاكم".

لا تأثير على مسار التطبيع

في حديث الباحث حازم عياد "الخليج أونلاين"، لا يعتقد أنه سيكون هناك تأثير جوهري لتأزم العلاقات بين "إسرائيل" والإمارات وغيرها من دول المنطقة، على استراتيجية التطبيع، ولا سيما أن الانفتاح على المعارضة الإسرائيلية لا يزال قائماً.

ونوّه إلى أن الدول العربية "تعوّل على الموقف الأمريكي، وسعي الدول العربية للعب أدوار تنسجم مع الرؤية الأمريكية، أو لا تبتعد كثيراً عن الولايات المتحدة، فهي تنسج أدوارها ومواقفها بناء على ما تراه من هامش للحركة ومساحة متاحة تتوافر على هامش السياسة الأمريكية على الأرجح، خصوصاً أن هناك خلافات أمريكية مع الجانب الإسرائيلي".

وأشار إلى أن الدول العربية "تبدو مؤهلة أكثر للضغط على نتنياهو وحكومته وعلى إدارته للحرب، وكبح جماح توسعة الهجوم الذي قد يفضي إلى موجات نزوح تحرج مصر، وتضع فعلاً في هذه الحالة اتفاقية السلام على المحك".

وأوضح عياد أن "الدول العربية وتحديداً مصر والإمارات والأردن وحتى السعودية، تلعب دور الكابح والمعطل للاستراتيجية الإسرائيلية التي يتبناها نتنياهو، لكنها لا تذهب بعيداً نحو الصدام وتقويض كامل للسياسة الأمريكية والسياسة المتعلقة بالتطبيع ومستقبله في المنطقة".

ولفت إلى أن الدول العربية "تتحرك في هامش يسمح لها بهذا المستوى من المناورة السياسية، وهو ما تقوم به الإمارات في المرحلة الحالية بشكل يبدو أن فيه قدر من الحرفية".