سياسة وأمن » تصريحات

تؤسس لاستقرار المنطقة.. إشارات إيجابية بين دول الخليج وإيران

في 2024/05/27

كامل جميل - الخليج أونلاين-

وجود علاقات أكثر وثوقاً بين دول الخليج وإيران هو ما تقتضيه ضرورات تحقيق الاستقرار الذي تبتغيه دول المنطقة؛ لكن ورغم التقارب الكبير بين الجانبين خلال مدة قصيرة نسبياً، فإن ما يتطلبه الاستقرار هو ارتفاع نسبة ثقة البلدان الخليجية بالساحل المقابل.

إيران كانت حاضرة في الصراع الذي توسع بالمنطقة بعد شن الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة في7 أكتوبر الماضي، بشكل خرج من إطاره غير المباشر حين نفذت طهران هجوماً بالصواريخ والمسيرات على "إسرائيل".

بالمقابل تقف دول الخليج إلى جانب الفلسطينيين، وتسعى عبر وساطاتها إلى إنهاء الحرب في غزة، وتواصل في جانب آخر تعزيز علاقاتها مع إيران.

أمن المنطقة الذي يهم بالدرجة الأساس دولها، فضلاً عن رغبة عالمية باستقرارها لارتباط الاقتصاد العالمي بمواردها من الوقود ومياهها الإقليمية، يشير إلى أن القادم هي علاقات أكثر قرباً مما مضى بين إيران والخليج.

تقارب يزداد اتساعاً

التقارب الأكبر بالعلاقات بين الخليج وإيران تظهره العديد من الدلائل يبرز منها مؤخراً:

التصريح الأخير لملك البحرين، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، بأنه لا يوجد سبب لتأجيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وإيران، وأن المنامة تتطلع إلى تحسين علاقاتها مع طهران.

قبول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان دعوة رسمية لزيارة إيران وجهها له القائم بأعمال رئيس الجمهورية الإيرانية محمد مخبر.

إرسال دول الخليج وفوداً رفيعة المستوى لحضور جنازة إبراهيم رئيسي، فيما ترأس أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وفد بلاده.

تأكيد المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، وجود إشارات إيجابية بين دول الخليج وإيران، تعكس رغبة مشتركة لتعزيز العلاقات وخفض التصعيد بالمنطقة.

التنافس على المكانة والنفوذ

بحسب دراسة لمجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، ترتبط عدد من الأزمات في المنطقة بقضية التنافس على المكانة والنفوذ، وتؤكد أن حلّها سيكون صعباً؛ وتمثل الأزمات المستمرة في اليمن وسوريا أمثلة بارزة على ذلك.

وعند العودة إلى التوتر بين إيران ودول الخليج يتضح أنها تتركز في ثلاث نقاط:

النزاع في الشرق الأوسط.

اختلاف تصورات الطرفين عن التهديدات التي تواجهها المنطقة.

تباين نظرة دول الخليج إلى إيران بين كونها مصدر تهديد أو منافساً.

وعليه فإن تقارب وتعاون دول الخليج وإيران هو ما تحتاج إليه المنطقة لتضمن استقرارها، وهو ما يؤكده مركز "ستيمسون" للأبحاث، في تقرير له نشر مؤخراً.

ويقول المركز إن أعضاء مجلس التعاون يدركون أن أياً من المشاريع الضخمة، التي يتصورونها من غير الممكن أن تتحقق في ظل المواجهة العسكرية مع إيران.

وأكد أن المواجهة المباشرة الأخيرة بين إيران و"إسرائيل" ضاعفت أهمية إشراك طهران بصورة بناءة، لافتاً إلى أن من المرجح أن تؤدي عزلتها إلى عرقلة أي تقدم نحو التنمية والسلام.

وأضاف أنه لو لم تتصالح إيران والسعودية في عام 2023، لكانت المنطقة في وضع أسوأ كثيراً اليوم، وعلاوة على ذلك، "لقيت هذه الارتباطات الدبلوماسية والاقتصادية تشجيعاً من اللاعبين الأوروبيين والآسيويين، وخصوصاً الصين".

خطوات دبلوماسية

تحليل نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية مؤخراً، قالت فيه إن إيران خلقت شبكة توازن منسوجة جيداً مع دول الخليج قبل اندلاع الحرب في غزة وتداعياتها الإقليمية.

وأكدت أن ذلك جعل الولايات المتحدة تائهة في حرب لا تستطيع فقط تصعيدها لتكون ضد إيران، ولكن ضد جماعات تدعمها الأخيرة، وهو ما يعني أن طهران باتت تضع الآن استراتيجيتها الناجحة في المنطقة.

ويشير التحليل إلى أن حرب غزة تسببت في أضرار جسيمة لاقتصاديات دول المنطقة، التي أدركت بالفعل أن الردع الأمريكي لم يظهر نتائج حقيقية.

وبعض تلك الدول، ومن ضمنها مصر والسعودية والإمارات، بادرت إلى خطوات "خاصة" لم يتم تنسيقها مع الولايات المتحدة، ليس فقط في التواصل مع هذه الجماعات، بل أيضاً فيما يتعلق بإيران.

عدم التدخل في الشؤون الداخلية

المحلل السياسي د. شاكر كتاب، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، يصف تحسن العلاقات بين دول الخليج وإيران بأنه "أمر إيجابي للغاية"، لافتاً إلى أنه يخدم استتباب الأمن في المنطقة، ما يجعلها تغادر التوتر ومخاطره وتداعياته.

لكن "كتاب" يرى أن تطور العلاقات بين دول الخليج وإيران "ينبغي أن يقوم على أسس ومبادئ تحددها القوانين الدولية ومصالح البلدان وشعوبها".

ويلفت إلى أن من هذه المبادئ "عدم التدخل نهائياً في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها على أراضيها وقراراتها وسياساتها الداخلية والخارجية على حد سواء".

ومن المبادئ شديدة الضرورة التي يجب الالتزام بها؛ لتصل علاقات الجانبين إلى درجة مثالية تسهم في استتباب الأمن بالمنطقة، وفق كتاب، "مراعاة الخصوصية الفكرية والعقائدية للبلدان ودساتيرها، وإنهاء ظاهرة بث الفكر الديني، والطائفي منه على وجه الخصوص".

يضاف لتلك المبادئ أن تستطيع هذه البلدان "تشخيص العدو المشترك والحقيقي لها ولشعوبها، الذي يغتصب فلسطين ويهجر شعبها ويدير المجازر اليومية بوحشية فائقة؛ ألا وهو الكيان الصهيوني الذي تضم استراتيجياته عناوين تدميرية وتخريبية للمنطقة كلها"، بحسب كتاب.