نشرت صحيفة “واشنطن بوست” افتتاحية حول الأوضاع السياسية في الكويت قالت فيها إن حليفاً عربياً مهماً يخسر الديمقراطية، في وقت صمت فيه الرئيس جو بايدن.
وأوضحت الصحيفة: “من بين الدول العربية، هناك دولة صغيرة غنية بالنفط برزت، ولوقت طويل، بأنها الأقل قمعاً. فمع أنها ليست ديمقراطية حقيقية، يتمتع فيها أمير يحكم بالوراثة بسلطات واسعة، ولكن الكويت لديها مجلس وطني منتخب ديمقراطياً من 50 عضواً، تظلّ سلطاتهم محدودة، ولكنها حقيقية. وتسمح ثقافة الكويت بالمزيد من النقاش المفتوح، والحرية المدنية، وأكثر من جيرانها كالسعودية”.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تدخّلت، في عام 1991، لتحريرها من الاحتلال العراقي، و”بقي البلد، الذي يسكنه 4 ملايين نسمة، وحتى هذا اليوم، حليفاً أمريكياً مهماً، ويستقبل 13,500 جندي أمريكي في عدد من القواعد العسكرية”.
إلا أن الأحداث الأخيرة أثارت شكوكاً على استدامة النظام السياسي الكويتي. في إشارة لقرار الأمير مشعل أحمد الجابر، في 10 أيار/مايو، لحل البرلمان، وجاء هذا القرار بعد أسابيع من انتخابات مبكرة، رداً على قرار سابق للأمير لحل البرلمان، والتي فازت بها المعارضة. وعلى خلاف القرارات السابقة، فإن حل البرلمان، في 10 أيار/مايو، ترافق بتعليق عدد من بنود الدستور، والتي تدعو لانتخابات في غضون شهرين.
وهناك إمكانية ألا يكون لدى الكويت برلمان في السنوات الأربع المقبلة، ويحكم فيها الأمير بمرسوم. وتقول الصحيفة إن جيران الكويت المستبدين لم يقولوا شيئاً عن هذه التطورات، أو وافقوا ضمناً عليها. وهو أمر متوقع “فبالنسبة لهم، فإن ديمقراطية أقل هو أفضل، وما لا يمكن فهمه هو موقف إدارة بايدن، فحتى هذا الوقت لم تعلق علناً على الوضع، علاوة على شجبه”.
ونقلت الصحيفة تعليق المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “نحن واعون بالتطورات المتعلقة بتعليق البرلمان. وتحدث الأمير عن هذا الموضوع في خطاب متلفز”. وتعلق الصحيفة بأن الموضوع ليس أمراً روتينياً، فلم يحصل، منذ حصول الكويت على استقلالها عام 1961، إلا تعليقين للمجلس الوطني؛ الأول في 1976، والثاني في 1986. وفي الفترة ما بين 1992 وحتى الشهر الماضي، استمرت الحياة البرلمانية، الصاخبة والفوضوية والحيوية، بدون توقف. وللتأكيد، فمشكلة الركود الاقتصادي في الكويت نابعة من عدم قدرتها على تنويع اقتصادها القائم على النفط.
وبعد وفاة سلفه، في كانون الأول/ديسمبر، عبّر الأمير الجديد عن نفاد صبره من جمود البرلمان ودوره في تفاقم المشكلة. وقام بحله، في شباط/فبراير، بناء على ما قال إنها “لغة مهينة وغير مقيدة” من المجلس.
وفي انتخابات نيسان/أبريل، وهي الرابعة خلال أربع سنوات، أنتجت مجلساً ليس مذعناً، وغالبية أفراده من المعارضين لإعادة تعيين فرد من العائلة الحاكمة في منصب وزير الدفاع. وكان يجب على البرلمان الموافقة على ولي للعهد. ولم تتحد المعارضة، الإسلامية والليبرالية والشعبوية ومن الطائفة الشيعية إلا على القليل، لكنها متوافقة على استقلالية المجلس الوطني وهيئة تشريعية أكثر قوة.
وفي خطابه المتلفز، أصرّ الأمير على أنه لن يسمح باستغلال الديمقراطية لتدمير الدولة. وشجب البرلمانيين ومعاركهم الكلامية غير المقبولة. وقال إن الحكومة ستدرس، خلال سنوات، تعليق العملية الديمقراطية، وتقوم بمراجعتها، وسيتم اتخاذ القرارات التي يراها الأمير مناسبة.
وترى الصحيفة أن هذه التعليقات مثيرة للقلق، وتشبه تلك التي يطلقها من يريدون التحول للاستبداد عندما يقومون بإلغاء نتائج الانتخابات في العالم العربي وأماكن أخرى.
وتم سجن مساعد القريفة أربعة أعوام لدعوته إلى انتخاب وزراء الحكومة، ولتحديه سلطات الأمير. وحكم هذا الشهر على عبد الله الفهد بالسجن ستة أعوام لإهانته القضاء.
وتقول الصحيفة: “نحن لا ندعم بالضرورة الأيديولوجيات التي يتبناها رموز المعارضة هؤلاء، إلا أن لهم الحق في مجتمع حر بالتعبير سلمياً عنها”. وترى أن الحكم في الكويت أبعد عن أن يكون مثالياً، فقد عقد البرلمان من مهمة السلطة التنفيذية لكي تنجز الكثير.
ويشعر الكويتيون العاديون بالإحباط من الساسة الذين فشلوا في التوافق على طبيعة الإصلاح السياسي.
وبحسب دراسة مسحية للباروميتر العربي، فإن نسبة 41% من الكويتيين وافقوا على عبارة :”الأنظمة الديمقراطية غير حاسمة ومليئة بالمشاكل”، بزيادة عن نسبة 28% في عام 2018. إلا أن غالبية الكويتيين، 85% وافقت على أن “الأنظمة الديمقراطية فيها مشاكل، ولكنها تظل أحسن من الأنظمة الأخرى”، ويجب على الحكومة الكويتية أن تعترف بهذه المشاعر، وكذا أصدقاء وحلفاء الكويت، وبدءاً من الحكومة التي ضحت كثيراً لتحرير الكويت قبل 3 عقود.