متابعات-
على رغم تلقي صنعاء عروضاً غير مباشرة من قبل الرياض، تتضمّن فتح منافذ برّية تربط بين محافظة جيزان جنوب المملكة ومحافظتَي صعدة وحجة اليمنيتين، صعّد «بنك عدن المركزي»، أمس، إجراءاته ضد البنوك التجارية والإسلامية العاملة في صنعاء، وهو ما قد يدفع بالأوضاع نحو انفجار عسكري. وأكدت مصادر مقربة من حكومة عدن، لـ«الأخبار»، قيام إدارة البنك المركزي هناك، بإصدار قرار جديد قضى بإلغاء تراخيص ستة بنوك تستحوذ على نحو 80% من النشاط المصرفي في صنعاء. وأشار المصدر إلى أن بنك عدن، باعتباره معترَفاً به دولياً، أبلغ «جمعية الحوالات المالية العالمية» المعروفة بـ«سويفت»، أن البنوك الستة «متمرّدة» على قراراته. ووفق المصدر، فإن البنوك الستة هي: «التضامن» و«الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي» و«اليمن الدولي» و«اليمن والكويت» و«الأمل» و«البحرين»، علماً أنه سيسمح لفروعها الموجودة في المناطق الخارجة عن سيطرة حكومة الإنقاذ بالاستمرار في العمل.وجاء القرار الأخير قبيل انتهاء مهلة منحها بنك عدن لتلك البنوك، أواخر الشهر الماضي، للانتقال من صنعاء، وهو تضمّن طلباً من «سويفت» بفصل المستهدَفين بإجراءاته، الأمر الذي رفضته الشركة التي تتّخذ من بلجيكا مقراً، لعدم رغبتها في الانخراط في الصراع الداخلي في اليمن. كما أنه تزامن مع استمرار الحراك السعودي لإنهاء التصعيد، عبر التوصل إلى اتفاق مع صنعاء بشأن البنك المركزي، الذي يمثل بنداً رئيسيّاً على طاولة المفاوضات التي يقودها المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، منذ ثلاث سنوات. وقالت مصادر ديبلوماسية مطلعة، لـ«الأخبار»، إن «مكتب المبعوث الأممي يبذل جهوداً منذ أيام لاحتواء التصعيد الاقتصادي وتداعياته على الهدنة الإنسانية، في ظل تهديدات زعيم حركة أنصار الله، باتخاذ إجراءات مقابلة للتصعيد الاقتصادي».
وانعكست إجراءات «مركزي عدن» بشكل سلبي على سعر صرف العملة المطبوعة في المحافظات الجنوبية. وعلى عكس التوقّعات بأن محاربة صنعاء اقتصادياً ستخفّف من الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه مدينة عدن، سجَّل سعر صرف العملة المحلية المُتعامَل بها من قبل الحكومة الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، انهياراً هو الأكبر منذ سنوات، إذ اقترب الريال السعودي من حاجز الـ 500 ريال في عدن، مقابل 140 ريالاً في صنعاء، فيما بلغ سعر صرف الدولار الأميركي، 1900 ريال من العملة المطبوعة في عدن، مقابل 530 ريالاً في صنعاء.
ثمّة عرض سعودي غير مباشر بفتح منافذ برّية تربط بين جيزان ومحافظتَي صعدة وحجّة
من جهتها، ردت صنعاء على التصعيد الاقتصادي على لسان المتحدث باسم قواتها العسكرية، العميد يحيى سريع، الذي أكد الجاهزية التامة لتنفيذ تهديدات قائد حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، الموجّهة مطلع الأسبوع الجاري، للنظام السعودي الذي اتخذ عدة خطوات تصعيدية تجاه اليمن، من ضمنها في القطاع الاقتصادي عبر البنك المركزي في عدن. وفي هذا الإطار، رفعت حكومة الإنقاذ سقف مطالبها بشأن مطار صنعاء الدولي، وجدّد وزير النقل فيها، عبد الوهاب الدرة، تمسّك حكومته بفتح المطار إلى كل الوجهات، مشيراً إلى أنه «لا يوجد مبرّر لحصار المطار في ظل عدم وجود قرار أممي»، واصفاً ما قام به «التحالف» أخيراً بـ«الجريمة». وينص اتفاق التهدئة بين صنعاء والرياض، والذي تم برعاية أممية، على تسيير رحلات من مطار صنعاء إلى مطارات عدة في مصر والهند إلى جانب الأردن، إلا أنه منذ بدء سريان خفض التصعيد قبل نحو عامين، لم يفتح «التحالف» سوى وجهة واحدة يتم تعليقها مراراً وهي الأردن.
وكانت أزمة المطار قد عادت أخيراً إلى الواجهة، مع قرار حكومة عدن التصعيد بورقة شركة طيران «اليمنية»، بدءاً بوقف رحلاتها إلى العاصمة الأردنية لشهر حزيران، وصولاً إلى منع عودة الحجّاج اليمنيين إلى صنعاء. ومع أن السعودية تراجعت، خلال الساعات الأخيرة، عن قرار التصعيد بإصدار توجيهات بإعادة تشغيل رحلة صنعاء – عمان، إلا أن «أنصار الله» رفضت تلك الخطوة باعتبارها محاولة لمنع استحقاق فتح المطار بشكل كلي. وفيما زعمت وسائل إعلام مقربة من حكومة عدن تلقّي بنك عدن موافقة من بنوك سعودية تجارية على طلب سابق لها بوقف الحوالات المالية للمغتربين من الأراضي السعودية إلى مناطق سيطرة «أنصار الله»، أكد مصدر مصرفي رفيع في صنعاء، لـ«الأخبار»، استمرار الحوالات الدولية والمحلية، وعدم وجود بوادر إلى وقف الحوالات البنكية إلى البنوك الستة، موضحاً أن بعض الحوالات توقّف وصولها نتيجة لإجراءات فنية، ناتجة من اتخاذ السلطات النقدية في عدن وصنعاء قرارات ضد شبكات تحويلات مالية، وأن جميع الحوالات عبر الشبكات المالية الأخرى كانت متاحة خلال الساعات الماضية، فضلاً عن تأكيده عدم تلقّي البنوك إشعاراً رسمياً بإلغاء تراخيصها.