سياسة وأمن » تصريحات

هل تكون السعودية وسيطاً بين واشنطن والحوثيين لوقف هجمات السفن؟

في 2024/08/07

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

تبدي السعودية حرصاً كبيراً على خفض التصعيد في اليمن ومحيطها الإقليمي، خصوصاً مع تصاعد التوترات في البحر الأحمر وغزة، وهو أمر ربما وجدته الولايات المتحدة الأمريكية سبيلاً للجوء إليها في محاولة لوقف هجمات الحوثيين.

ويبدو أن زيارة الوفد الأمريكي كبير المستوى إلى السعودية، أواخر يوليو المنصرم، يشير إلى أن أهمية الزيارة تكمن في أن المملكة أصبحت أكثر قلقاً في الأسابيع الأخيرة بشأن التوترات المتزايدة وإمكانية الانجرار إلى صراع متجدد في اليمن، وهو أمر بدا أكثر وضوحاً بعد القصف الإسرائيلي على الحديدة.

وبعد سنوات من الحرب مع الحوثيين، تسعى الرياض إلى ضمان أمنها قبل كل شيء، في حين تخشى أن يتسبب التصعيد بين أمريكا ودول غربية وبين جماعة الحوثي بجعل محادثات السلام التي تقودها في اليمن محفوفة بالمخاطر، وقد تأتي الخطة بنتائج عكسية، على الرغم من أن السعودية اختارت البقاء خارج الصراع في المنطقة.

وفد في الرياض

بعد أيام من التصعيد الإسرائيلي، وقصفه ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين (19 يوليو 2024)، قال موقع "أكسيوس" الأمريكي إن وفداً برئاسة كبير مستشاري الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، وصل (30 يوليو) إلى السعودية لإجراء محادثات عن الوضع في اليمن، والتصعيد الأخير بين "إسرائيل" وجماعة "الحوثي".

وفق "أكسيوس"، يضم الوفد مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، ونائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط دان شابيرو.

ونقل الموقع عن مصدر مطلع على المحادثات أن "التعاون الثنائي مستمر بين الولايات المتحدة والسعودية لتنفيذ العملية السياسية، وتعزيز الاستقرار في اليمن والبحر الأحمر".

ويشير الموقع إلى أن أهمية الزيارة تكمن في أن "المملكة العربية السعودية أصبحت أكثر قلقاً في الأسابيع الأخيرة بشأن التوترات المتزايدة، وإمكانية الانجرار إلى صراع متجدد في اليمن".

تصعيد مخيف

كانت التخوفات السعودية واضحة من التصعيد في محيطها، وإفشال تحركاتها المستمرة منذ أكثر من عامين لوقف الحرب في اليمن والتوصل إلى خريطة سلام، والدخول كوسيط بين الحكومة اليمنية الشرعية والمتمردين الحوثيين.

وبدا ذلك لافتاً من خلال تصريحاتها عقب الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة، حيث قالت حينها: إنها "تتابع بقلق بالغ تطورات التصعيد العسكري في اليمن بعد الهجمات الإسرائيلية التي شهدتها محافظة الحديدة، والتي تضاعف من حدة التوتر الحالي في المنطقة، وتضر بالجهود المستمرة لإنهاء الحرب على غزة".

ودعت الخارجية السعودية "كافة الأطراف للتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، والنأي بالمنطقة وشعوبها عن مخاطر الحروب، وأن يضطلع المجتمع الدولي والأطراف المؤثرة والفاعلة بأدوارهم ومسؤولياتهم لإنهاء الصراعات في المنطقة".

وربطت وقتها جهودها التي تبذلها بإنهاء الحرب على غزة، ودعم السلام في اليمن "لتجنيب شعبها الشقيق مزيداً من المعاناة، وتحقيق الأمن والسلم في المنطقة"، وهو أمر ترتكز عليه في تحركاتها السياسية والدبلوماسية مؤخراً.

وربما يأتي التصعيد في البحر الأحمر كمُبرر لوجهة نظر السعودية بأن التهديد الحوثي الدائم بإثارة الفوضى والاضطرابات الاقتصادية لا يمكن احتواؤه من خلال الغارات الجوية، وأن ترسيخ سلطة الحوثيين قد يمنح الغرب فاصلاً ومساحة لدعم محادثات السلام.

غير واضحة

يرى الباحث المختص بالشأن الأمريكي سيف المثنى، أن الوساطة السعودية بين واشنطن والحوثي ليست واضحة المعالم في الوقت الحالي، خصوصاً مع توترات مختلفة في المنطقة.

ويؤكد لـ"الخليج أونلاين" أن أهم ما في طبيعة الزيارة "أنها برفقة وفد دبلوماسي كبير، حيث تعد الأولى منذ هجمات البحر الأحمر بما يخص وفداً رفيع المستوى".

ولفت إلى أنها تركز "على أهمية التعاون بين واشنطن والرياض لتعزيز العلاقات الأمنية وتشكيل حلف إقليمي ودولي بما يخص البحر الأحمر، وأيضاً مناقشة التعاون المشترك الأمني، وتعزيز فرص السلام في اليمن والمنطقة.

وفيما يخص الرؤية الأمريكية لبنود خريطة الطريق اليمنية، يرى أن "الشروط لا تزال واضحة من ناحية خفض التصعيد في البحر الأحمر"، أما المرتبات (التي يشترط الحوثي دفع السعودية لها في مناطقه) فيقول: إنه "من المتوقع حسب بعض المصادر أن هناك نوعاً من القبول حيال هذا الأمر، الذي يبدو توجهاً سعودياً بعد إقناع واشنطن بضمانات قدمتها الرياض".

ويشارك الباحث السياسي اليمني نجيب السماوي في رأيه بشأن صعوبة الحديث عن أي وساطة سعودية بين الحوثيين وأمريكا، مشيراً إلى أن الزيارة تشير إلى خطورة التصعيد في المنطقة والمخاوف السعودية بشأن تأثير ذلك عليها.

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" بقوله: "أمريكا تريد استغلال التقارب السعودي مع الحوثيين لتهدئة التوترات في البحر الأحمر، لكن في الوقت ذاته لا تريد من السعودية أن تقدم تنازلات للحوثيين مقابل وقف التصعيد الحوثي تجاه المملكة".

وتابع: "زيارة الوفد تعد لافتة، خصوصاً مع إعلان المبعوث الأممي خريطة أممية برعاية سعودية عُمانية، وهو أمر يبنى عليه كثير من الاحتمالات، كلها تصب في محاولات أمريكية لعدم منح الحوثيين أي مكاسب في الوقت الحالي".

بين السعودية وأمريكا

يبقى موقف الولايات المتحدة أقل وضوحاً، ولا سيما أن قدرات الحوثيين التي برزت مؤخراً هي تطور مثير للقلق، بل وتسهم في توسّع نفوذ إيران وقدراتها الرادعة عبر وكلائها من الأطراف الفاعلة غير الحكومية.

وعلى الرغم من أن واشنطن عرضت دعمها لكل من عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن، والمحادثات الثنائية بين السعودية والحوثيين (قبل أن تُبدي تحفظها لاحقاً بشأن الأخيرين)، يُستبعد حالياً أن تدعم الولايات المتحدة أي اتفاق سلام يكافئ الحوثيين أو يعزز موقفهم، لا سيما أن التعويض المالي كان ركيزة أساسية للصفقة المقترحة.

ولا يعلم ما إن كانت أمريكا تخطط لكي تجعل السعودية وسيطة مع الحوثي، أم أنها محاولة لإحباط أي اتفاق في ظل استمرار الهجمات بالبحر الأحمر، خصوصاً مع استبعاد أن يتراجع الحوثيون عن استهداف حركة الملاحة مع تواصل العدوان على غزة.

وتبدو فرص خفض التصعيد ضئيلة، خصوصاً أن المسؤولين الإسرائيليين أشاروا إلى أن القتال سيستمر طوال عام 2024، إلا أن الولايات المتحدة –وفق ما جاء على لسان مبعوثها الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ لوسائل الإعلام، على هامش لقائه مؤخراً بمسؤولين سعوديين وعُمانيين- تُفضل الحل الدبلوماسي، وتُدرك عدم وجود حلّ عسكري.

ووفق موقع "صنعاء للدراسات الاستراتيجية"، فإن الهجمات في البحر الأحمر والرد الغربي يثير "حالة من عدم الاستقرار وعدم اليقين، لا يمكن التنبؤ بمآل الحرب أو بالتداعيات العسكرية والسياسية للتصعيد الجاري".