سياسة وأمن » تصريحات

ماذا يعني أن تستضيف قطر جثمان أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية؟

في 2024/08/07

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

أمام أنظار العالم شيعت قطر جثمان إسماعيل هنية، حيث كانت الدوحة آخر مستقر له في حياته ومماته.

ووسط إجراءات مشددة وحضور رسمي وشعبي ودولي، سخرت قطر كل إمكانياتها لتشييع جثمان هنية، وسط إشادة كبيرة بهذه الخطوة التي أبرزت الاهتمام الذي توليه قطر للقضية الفلسطينية وقادتها.

وشارك في جنازته والصلاة عليه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والأمير الوالد حمد آل ثاني، ونائب الرئيس التركي جودة يلماز، ومسؤولون آخرون، وهو أمر لافت ومهم بالنسبة لدولة قطر أن يشارك قائدها في حدث كهذا.

حشود غفيرة

في الـ2 من أغسطس الجاري، كانت الشوارع المحيطة بمسجد الإمام محمد عبد الوهاب في الدوحة تعج بآلاف المصلين الذين لم يجدوا طريقاً للدخول للمسجد، فضلاً عن المئات داخله، للمشاركة في تشييع جثمان هنية.

وربما لم يدرك هنية أن استشهاده سيجمع الأمة على رمزيته كشخصية مقاومة، ليدفن في قطر شهيداً وبطلاً مناضلاً في نظر العالم، وجسراً تعبر من خلاله القضية الفلسطينية لمرحلة جديدة.

وكان اللافت في مشهد توافد الجماهير إلى مكان دفنه، التنوع العرقي والثقافي والاجتماعي الواضح على المصلين، حيث شارك قطريون وعرب وباكستانيون وأتراك وأوروبيون، ومن أمريكا ودول إسلامية عديدة، في مشهد يظهر مدى تأثير الشهيد.

كما لفت أنظار المشاهدين خلع أمير دولة قطر للعقال الذي يرتديه، حيث يظهر عادة وهو يضع العقال فوق الغترة عند ارتداء الزي القطري التقليدي.

واعتبر مغردون أن إنزال أمير قطر للعقال هو إشارة على الحزن، وأنه صاحب عزاء أو مستقبله وليس معزياً، وهو ما يؤكد على ما أولته قيادة دولة قطر لهذا الحدث الحزين ولصاحبه.

إشادة وثناء

وحظي هذا الاهتمام القطري بإشادات لافتة، كان من بينها ما كتبه أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي قال: إن "احتضان دولة قطر الشقيقة وقيادتها مراسم تشييع جنازة إسماعيل هنية في هذه الظروف الصعبة موقف نبيل ومقدر".

وأكد قرقاش عبر موقع "إكس" أن "موقف الإمارات ثابت ورافض للعنف والاغتيال السياسي بكافة أشكاله ومصادره"، معتبراً أنه "لا سبيل للاستقرار إلا بالعدل والحكمة والحوار".

وعلق رئيس مكتبة قطر الوطنية الدكتور حمد الكواري قائلاً: "قطر تحتضن الشهيد إسماعيل هنية مناضلاً ويوارى ثراه في أرضها شهيداً، لتتعانق أرضنا بأرض فلسطين. لقد اتسعت قطر للجرح الفلسطيني، ناصرت القضية العادلة ولم تدخر جهداً في سبيل الوقوف إلى جانب الفلسطينيين".

وأضاف: "في هذا اليوم التاريخي لا تتأخّر الدوحة في التعبير عن موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، وسيبقى هذا الموقف لبلدنا وقيادتنا صفحة من صفحات التاريخ المضيئة".

كما أشاد الكاتب والصحفي جابر الحرمي، بتعليق تلفزيون قطر خلال تغطية مراسم التشييع وصلاة الجنازة بقوله: "قطر قيادة وحكومة وشعباً وإعلاماً خرجت في جنازة فقيد الأمة الذي ووري جثمانه الثرى، تقدير تستحقه هذه القامة المجاهدة، الذي عاش لفلسطين واستشهد من أجلها، وهي القضية التي تجمع أبناء هذه الأمة من أقصاها إلى أقصاها".

وكان يقصد الحرمي بمقطع فيديو خلال تشييع هنية بثه التلفزيون القطري خلال حديث مذيع القناة وهو يقول: "سيكون لقطر قطعة من فلسطين، تسكنها بجوار أهلها وقيادتها وساستها، إنه لشرف وفضل من الله أن تكون قطر بهذه المرتبة التي اختارها الله لها نصرة ودعماً وعوناً للأشقاء في غزة وفلسطين".

كما نشر أحمد الرميحي، مدير وكالة الأنباء القطرية "قنا"، صورتين لأمير دولة قطر وللأمير الوالد، وعلق عليها بالقول: "قطر الحاضنة لهموم وآلام الأمة تودع  #اسماعيل_هنيه رحمه الله نحتسبه عند الله شهيداً".

إشادات عربية مختلفة

ولم تقتصر الإشادة باحتضان الدوحة جثمان الشهيد هنية على القطريين والخليجيين فحسب، بل تفاعل ناشطون وعلماء على منصات التواصل العربية مشيدين بجهود قطر ومشاركتها الرسمية والشعبية في مراسم تشييع ودفن هنية.

وكتب الشيخ محمد الصغير عضو مجلس الشورى المصري سابقاً، قائلاً: "خرجت قطر كلها والداً وولداً، أميراً وشعباً لوداع ضيفها، وصلوا جميعاً على فقيد الأمة إسماعيل هنية في أكبر مساجدها، ودفنوا جثمانه في مقبرة جدهم المؤسس".

كما عبر المدون أحمد الكندري بالقول: "تشرفت دولة قطر الشقيقة باستقبال شهيد الأمة إسماعيل هنية حياً وميتاً، واحتضنت المقاومة ورحبت بهم، فنالت شرف العزة والنصرة، جزى الله قادتها وشعبها خيراً على هذه المروءة وهذا الشرف العظيم.. وهنا المبادئ".

مؤتمر لحماس

يكتب الصحفي والكاتب التركي في صحيفة "يني شفق" التركية أرسين جليك: إن "صلاة الجنازة في الدوحة كانت بمنزلة مؤتمر أعلنت فيه حماس أنها ستواصل نضالها مجدداً وبهيكلية أقوى"، في إشارة إلى ما توليه قطر من حفاوة للحركة وقادة المقاومة.

ويروي الكاتب التركي ما شاهده قائلاً: "كان مسجد محمد بن عبد الوهاب في الدوحة، الذي يُعتبر من أكبر المساجد في العالم، مكتظاً بالجموع، وكان هناك عدد أكبر بكثير في الفناء الخارجي. كانت درجة الحرارة خارج المسجد تصل إلى 45 درجة مئوية، ولكن تشعر وكأنها 50 درجة مئوية".

وأكمل: "كل من عرفناهم ممن يحمل في قلبه قضية فلسطين، ويتضامن معها، ويؤازر نضال هنية، كان حاضراً في مسجد عبد الوهاب".

ويضيف: "دُفن إسماعيل هنية في مقبرة بمدينة لوسيل على بعد 15 كيلومتراً شمال الدوحة، وهذه المقبرة تحمل دلالة خاصة، حيث لم يدفن فيها إلا 40 شخصاً من العائلة المؤسسة لدولة قطر، كان دفنه هناك رمزاً لدعم قطر السياسي والمعنوي للقضية الفلسطينية ولهنية".

بدوره يؤكد الأكاديمي والباحث السياسي أحمد الزعتري، أن "الحديث عن الشهيد هنية، لم يعد الحديث عنه بل رمز للأمة الإسلامية والعربية".

ويضيف لـ"الخليج أونلاين": "حينما نرى التفاعل الكبير مع ما حدث له، فهو يؤكد أنه لم يعد رمزاً للمقاومة فقط بل للكرامة والعزة، ومن قام باحتضان جثمانه يعي ذلك".

وأكمل: "بالتالي حينما قطر تستضيف جثمانه هي تستضيف على ثراها رمزاً عربياَ فلسطينياً مسلماً، رمزاً للعزة والكرامة، وسيكون فخراً لقطر".

كما تابع: "كما اليوم كثير من الدول تتفاخر باستضافتها قبور شخصيات بارزة مثل العلماء والقادة، فإن قطر ستفتخر غداً أنها احتوت في أحشاء ترابها وأرضها قائداً عظيماً كإسماعيل هنية".