سياسة وأمن » تصريحات

السعودية تزيد من تعاونها مع هيئة الرقابة النووية العالمية

في 2024/08/09

سايمون هندرسون- معهد واشنطن للدراسات-

قد تؤدي هذه الخطوة الصغيرة بل المهمة إلى تسهيل عمليات نقل التكنولوجيا الأمريكية إلى المملكة، والتي يُقال إنها عنصر أساسي في أي صفقة تطبيع محتملة بين إسرائيل والسعودية - لكن مخاوف الانتشار النووي لا تزال قائمة.

هذا الأسبوع، نشر رافائيل غروسي، المدير العام «للوكالة الدولية للطاقة الذرية» التي مقرها في فيينا، تغريدة مؤلفة من جملتين تشير إلى إحراز تقدم ملحوظ في استعداد المملكة العربية السعودية لقبول الإشراف على برنامجها النووي الناشئ. فقد جاء في هذه التغريدة في 7 آب/أغسطس ما يلي: "بينما تكون الأنشطة النووية جاهزة للنمو في السعودية، فإن تسهيل عمل موظفي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» عند قيامهم بواجباتهم هو أمر أساسي. واليوم، أودعت [السعودية] «وثيقة قبول اتفاق امتيازات وحصانات» [«الوكالة الدولية للطاقة الذرية»]، مما يوفر الحماية لموظفينا".

ولطالما رغبت الرياض في إنشاء قطاع كبير للطاقة النووية في المجال المدني والحصول على تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته. لكن قبل الإعلان الذي نُشر هذا الأسبوع، لم تكن المملكة قد توصلت إلا إلى اتفاقٍ بشأن "بروتوكول الكميات الصغيرة" مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، الأمر الذي لم يسمح للمجتمع الدولي بممارسة الكثير من الرقابة على أنشطتها النووية. وقد وصف غروسي سابقاً "بروتوكولات الكميات الصغيرة" بأنها تشكل نقطة ضعف في نظام منع الانتشار العالمي، الذي تشرف عليه «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» ضمن دورها المزدوج المتمثل في منع انتشار الأسلحة النووية وتشجيع الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية. وبعد أن أصبحت الرياض الآن على وشك تشغيل مفاعل بحثي صغير، برزت ضرورة توفير المزيد من الضمانات الرسمية.

وستتمثل الخطوة التالية على الأرجح في توقيع "اتفاق الضمانات الشاملة"، الذي يُلزم المملكة بقبول عمليات تفتيش منشآتها. ففي المؤتمر العام السنوي الذي عقدته «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في أيلول/سبتمبر 2023، صرّح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن الرياض ستتجه نحو إبرام "اتفاق الضمانات الشاملة"، لكنه لم يذكر إذا ما كانت ستوافق على "البروتوكول الإضافي" الذي يسمح بتنفيذ عمليات تفتيش أكثر تدخلاً من دون سابق إنذار.

إن التحدي الذي يلوح في الأفق هو كيفية التوفيق بين هذه التصريحات والخطوات وبين التعليقات السابقة التي أدلى بها الزعيم الفعلي للمملكة (والأخ غير الشقيق لوزير الطاقة)، ​​ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي حذّر مراراً وتكراراً من أن السعودية ستطور أسلحة نووية إذا قامت إيران منافستها في الخليج العربي بذلك. ويفسر هذا الموقف رغبته في إبرام ميثاق أمني مع الولايات المتحدة؛ كما أنه يضع حجر عثرة كبير أمام موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على أي ترتيب مشابه. ومع ذلك، فإن الجائزة الدبلوماسية المحتملة على المحك بالنسبة لواشنطن - أي التطبيع السعودي مع إسرائيل - تعني أن الآمال في إبرام ميثاق أمريكي سعودي لا تزال قائمة، حتى في الأشهر المتبقية من إدارة بايدن.

وتشعر «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» بالقلق بشكلٍ خاصٍ إزاء جانبين من الأنشطة النووية في السعودية، وهما: استغلال المملكة (بمساعدة الصين) لرواسب اليورانيوم التي تُعتبَر غير صالحة تجارياً (مما يثير تساؤلات حول سبب استغلالها أساساً)، ووجود مبنيين بالقرب من الرياض وُصِفا بأنهما منشأتان نوويتان محتملتان غير معلنٍ عنهما في عام 2020. وبالإضافة إلى ذلك، كانت المملكة تتمتع بعلاقات وثيقة مع العالِم النووي الباكستاني الراحل عبد القدير خان، الذي باع تكنولوجيا التخصيب الأوروبية المسروقة، وفي بعض الحالات، تصاميم الأسلحة إلى الصين وإيران وليبيا وكوريا الشمالية، مما سهّل إلى حدٍ كبيرٍ تطبيق برنامج الأسلحة النووية في كلٍ من هذه الأنظمة. وفي عام 1999، زار وزير الدفاع السعودي آنذاك الأمير سلطان بن عبد العزيز محطة التخصيب الرئيسية في باكستان خارج إسلام أباد - وذلك كجزءٍ من تاريخٍ طويلٍ مطبوعٍ بالروابط النووية الثنائية التي تمتد من سبعينيات القرن الماضي (عندما أفادت بعض التقارير أن المملكة ساعدت في تمويل تطوير الأسلحة النووية في إسلام أباد) إلى وقتٍ سابقٍ من هذا العام، حين كان وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان ضيف الشرف في استعراض عسكري باكستاني تَضمّن صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.

إن إظهار السعودية هذا الأسبوع استعدادها لقبول عمليات التفتيش هو خطوة دبلوماسية صغيرة ودلالة على التقدم الذي يتم إحرازه. ومن غير الواضح كيف يرتبط ذلك باستعداد واشنطن لنقل التكنولوجيا النووية المدنية إلى المملكة من أجل إبرام صفقة تطبيع مع إسرائيل. فقد يعترض الكونغرس على ذلك إذا تضمّنت الصفقة المذكورة تخفيف متطلبات "المادة 123" من "قانون الطاقة الذرية" بشأن تكنولوجيا التخصيب وإعادة المعالجة. لكن النظام العالمي لمنع الانتشار النووي منحَ بعض الاستثناءات في الماضي. ويمكن القول إن التحدي الأكثر إلحاحاً فيما يتصل بالانتشار النووي هو إيران، التي لم تعد تلتزم بـ"البروتوكول الإضافي" الخاص بـ «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وضايقت المفتشين بنشاط، وتوشك على امتلاك ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب لصنع جهاز نووي وفقاً لبعض التقارير، وعملت على تصميم الأسلحة. ويبدو أن تغيير مسار الشرق الأوسط نحو الطموحات النووية السلمية هو هدف شبه وهمي في ظل هذا السياق، لكن الجهود لا تزال تُبذل في هذا الصدد.