سياسة وأمن » تصريحات

بعد 20 عاماً.. كيف استفادت دول الخليج من مبادرة إسطنبول للتعاون؟

في 2024/09/27

كامل جميل - الخليج أونلاين- 

انضمام دول الكويت وقطر والإمارات والبحرين إلى "مبادرة إسطنبول للتعاون"، التي أطلقت عام 2004، مثّل خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الأمنية والعسكرية بين دول الخليج وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، كان له تأثير إيجابي على تعزيز أمن البلدان الخليجية ورفع قدراتها الدفاعية.

بعد مرور 20 عاماً على انطلاق المبادرة يتأكد أن انضمام الدول الخليجية الأربع ساهم بشكل كبير في الحفاظ على استقرار المنطقة؛ في ظل التحديات الأمنية المتزايدة. 

بهذه المناسبة أقيمت، الأربعاء 25 سبتمبر 2024، احتفالية في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وعلى هامش اجتماعات الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة، برعاية ولي عهد دولة الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح.

الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم محمد البديوي، أكد خلال مشاركته في الاحتفالية أهمية مبادرة إسطنبول للتعاون كمنصة لتعزيز التعاون والشراكة بين الدول المشاركة ودول "الناتو".

وبحسب بيان الأمانة العامة لمجلس التعاون، أعرب البديوي عن شكره وتقديره لولي عهد الكويت على جهود بلاده، ودورها الكبير في تعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، واحتضانها لمركز "الناتو" الإقليمي لدول مبادرة إسطنبول للتعاون، الذي دشن في العام 2017.

تعاون مع الناتو

أُطلقت مبادرة إسطنبول للتعاون في قمة إسطنبول لحلف الناتو عام 2004 كجزء من استراتيجية الحلف لتعزيز الأمن في "منطقة الشرق الأوسط الموسع"، والمساهمة في الأمن على المدى الطويل، سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي.

المبادرة، على الرغم من أنها تتعلق بإقامة تعاون عملي في المجالات التي يتمتع فيها "الناتو" بقيمة مضافة وخاصة الأمن، فإن السعودية وعُمان لم تتجاوبا مع الفكرة.

وتغطي المبادرة ستة مجالات مختلفة، تشمل:

نصائح تناسب إصلاح الدفاع وإعداد ميزانيته والتخطيط له وللعلاقات المدنية العسكرية.

تعاون بين العسكريين من أجل المساهمة في التوافقية عبر الاشتراك في تمارين عسكرية عدة وأنشطة تدريب وتأهيل مرتبطة بها، من شأنها تحسين قدرة قوات البلد على القيام بعمليات مع قوات الحلف، ومع قوات "الشراكة من أجل السلام" في عمليات يقودها الناتو.

التعاون في مكافحة الإرهاب بما يشمل تبادل المعلومات.

التعاون في عمل الحلف ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل وحواملها.

التعاون في ضمان أمن الحدود فيما يتعلق بالإرهاب والأسلحة الخفيفة والأسلحة من العيار الصغير، ومحاربة التهريب غير الشرعي.

خطط مدنية للطوارئ، ومن ضمنها المشاركة في دورات تدريب وتأهيل وتمارين حول عمليات الإنقاذ في حالات الكوارث.   

تحديات كبيرة 

منطقة الخليج العربي تعد واحدة من أكثر المناطق الاستراتيجية حيوية على المستوى العالمي، بفضل موقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية، خاصة النفط والغاز.

بسبب هذه الأهمية أصبحت المنطقة محط اهتمام القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها حلف شمال الأطلسي (الناتو).

منذ أشهر تواجه دول الخليج تحديات أمنية متزايدة نتيجة للحرب التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة، وتطوراتها، لا سيما مع "حزب الله"، وقد باتت توقعات وقوع حرب شاملة تقترب أكثر من التحقق على أرض الواقع.

هذه التطورات تعكس تعقيد المشهد الإقليمي، وتضع دول الخليج في موقف يتطلب منها تحقيق توازن دقيق في سياساتها الخارجية والأمنية.

وتواصل دول الخليج مواجهة التحديات الأمنية، وهو ما جعلها تجد نفسها في مواجهة تهديدات متعددة الأبعاد، تتراوح بين زيادة النفوذ الإيراني وتصاعد التوترات الإقليمية، إلى تأثيرات على أمن الطاقة والاستقرار الاقتصادي.

تعاون ثنائي

يرى المحلل العسكري إسماعيل أيوب، أن أي تعاون عسكري بين دول الخليج و"الناتو" هو تعاون ثنائي، مشيراً إلى أن كل طرف "مضطر إلى التعاون مع الآخر، وهناك تخادم بينهما خصوصاً في الجانب المادي والجيوسياسية".

ويشير إلى أن دول الخليج "كانت تشعر بتهديد من إيران، ما اضطرها إلى الانضمام إلى معاهدات عسكرية مثل الناتو، حتى تشعر بالأمن".

ويؤكد لـ"الخليج أونلاين" أنه منذ 20 سنة وحتى اليوم "تطورت الجيوش الخليجية بشكل كبير جداً"، موضحاً: "الآن نستطيع أن نقول إن السعودية والإمارات وقطر وحتى الكويت لديها سلاح جوي قوي جداً على سبيل المثال بفضل ذلك".

وأضاف: "انضمام دول الخليج للمبادرة خلال 20 عاماً استفاد منه الجانبان، فقد رفعت دول الخليج من قوة الجانب العسكري لديها وزادت قوة جيوشها وأصبح لديها دفاع جوي وطيران متطور، فيما استفاد مادياً الطرف الآخر من بيع الأسلحة لدول الخليج".

واستطرد قائلاً: "وبناء عليه فانضمام دول الخليج لمبادرة إسطنبول يراها قادة دول الخليج ضرورية لدول الخليج، والطرف الآخر يراها فضاء جيوسياسياً وقديماً جديداً في المنطقة، وهذا يعطي ثقة لدول الخليج بنفسها".

وعلى الرغم من عدم انضمام دول الخليج لتكتل "الناتو"، فإن أيوب يرى أن الانضمام لمبادرات أو معاهدات تابعة للحلف "يشعر دول الخليج بالأمن، خاصة أن التهديد الأهم الذي يشعر به الخليجيون يأتي من إيران التي بنت ترسانة كبيرة من الأسلحة، من بينها النووي".

ويشير إلى أن دول الخليج "ماضية في سباق التسلح، وربما تطور علاقاتها مع حلف الناتو من أجل ذلك"، لافتاً إلى أن ذلك "أمر طبيعي لحاجة الدول للأمن، خاصة في هذه الظروف في الحقبة الزمنية الحالية".

وأكمل: "كل الدول تريد أن تكون آمنة على حدودها وشعبها، وهذه المبادرة تصب في خانة الأمن القومي لمنطقة الخليج على الضفة العربية".

مبادرات وخطوات

في فبراير 2016 وقعت الكويت وحلف شمال الأطلسي اتفاقية تعاون تشمل التدريب والمجالات الأمنية والعسكرية والأكاديمية، كما تسمح بمرور قوات الحلف عبرها في إطار تعزيز الشراكة والتعاون بين الجانبين.

ومطلع 2017 افتتح "الناتو" مركزه الإقليمي في الكويت، ضمن مبادرة إسطنبول، بحضور الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، الذي قال إن المركز أنشئ "للمساهمة في استقرار المنطقة على المدى الطويل".

وأضاف ستولتنبرغ، في كلمته خلال افتتاح المركز، أنه "في سبيل تحقيق الهدف من إنشاء المركز فإن إنجازين مهمين تحققا، أولهما على صعيد الصداقة بين الحلف ودولة الكويت، والآخر تعزيز الشراكة بين الحلف ومنطقة الخليج العربية بأكملها".

وأشار إلى أن المركز يعد الأول من نوعه في تاريخ "ناتو"، الذي يقام في منطقة الخليج، موضحاً أنه "سيمثل مركزاً حيوياً للتعاون بين الحلف وشركائنا في دول الخليج على الأصعدة كافة، لا سيما في الحرب على الإرهاب". 

وفي يونيو 2021 جرى تدشين مكاتب بعثة دولة قطر وممثليتها العسكرية داخل مقر قيادة حلف الناتو في بروكسل.

واستضافت البحرين، في مايو 2023، الاجتماع الخامس للمجموعة الاستشارية للسياسات لمبادرة إسطنبول للتعاون مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).