سياسة وأمن » تصريحات

مع تصاعد التوتر.. دلالات التمرين العسكري بين عُمان وروسيا وإيران

في 2024/10/22

متابعات

في ظل التوتر القائم بالشرق الأوسط، وتصاعد التهديدات بين "إسرائيل" وإيران، أجرت الأخيرة مع روسيا وعُمان مناورات عسكرية استمرت ثلاثة أيام في المحيط الهندي، أطلق عليها "إيمكس 2024".

المناورات بين الدول الثلاث التي تشكل اثنتان منها المحور المضاد للمعسكر الغربي، قالت عنها وسائل إعلام إيرانية إنها هدفت إلى تعزيز "الأمن الجماعي" في المنطقة، و"توسيع التعاون المتعدد الأطراف"، وإظهار القدرات اللازمة لحماية السلام والأمن البحري.

ومع استمرار التوتر أيضاً بين واشنطن وطهران، تسعى إيران إلى تعزيز تعاونها العسكري مع روسيا والصين، وفي هذا الصدد أجرت الدول الثلاث في مارس الماضي، خامس تدريباتها البحرية المشتركة في خليج عمان، وهي تساؤلات عن سر تزايد مثل هذه التدريبات ودلالتها.

مناورات جديدة

خلال الفترة من 17 وحتى 19 أكتوبر (2024)، شهد المحيط الهندي المناورات البحرية العسكرية المشتركة بين إيران وروسيا وسلطنة عُمان "إيمكس 2024"، وسط تصاعد التوترات في المنطقة.

المناورات بين الدول الثلاث شهدت مشاركة دول أخرى بصفة مراقب، حيث شاركت كل من المملكة العربية السعودية وقطر والهند وباكستان وتايلاند، وبنغلادش، بحسب التلفزيون الإيراني، حيث نُفذ التمرين في المنطقة البحرية لمدينة "بندر عباس" بإيران.

بحسب مركز التوجيه المعنوي للجيش العماني، فإن هذا التمرين يأتي في إطار الخطط التدريبية السنوية التي تنتهجها قيادة البحرية السلطانية العُمانية، وخطط تبادل الخبرات مع بحريات الدول المختلفة، بهدف إدامة مستويات الجاهزية لأسطول البحرية السلطانية ومنتسبيها.

من جانبه قال التلفزيون الرسمي الإيراني، إن مناورات "إيمكس 2024"، كانت تهدف إلى زيادة الأمن الجماعي في المنطقة، وتوسيع التعاون المتعدد الأطراف.

وهذه التدريبات تأتي على وقع التصعيد غير المسبوق في المنطقة، بعد الهجوم الإيراني بأكثر من 180 صاروخاً باليستياً على "إسرائيل" مطلع أكتوبر الجاري، وتحذير إيران من أن أي عمل إسرائيلي جديد سيواجَه بردٍّ أكثر قوة، وسط مخاوف من حرب شاملة قد تصل إلى النووي.

رسائل إيرانية روسية

تأتي هذه التدريبات في ظل تصاعد التوتر بمنطقة الشرق الأوسط مع استمرار الحرب في قطاع غزة، وشن جماعة الحوثي اليمنية الممولة من إيران هجمات على السفن في البحر الأحمر، والتي تقول إنها تأتي "تضامناً مع غزة".

وفق ما تنقله قناة "الحرة" عن نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق لشرق آسيا، هينو كلينك، فإن إيران من خلال هذه التدريبات تريد أن تثبت أنها غير معزولة دولياً، وأن لها شركاء مستعدون للعمل معها في المجال العسكري حتى عندما تستعر الحرب في المنطقة التي تترقب ضربة إسرائيلية متوقعة رداً على هجوم إيران الصاروخي على "إسرائيل" قبل أسابيع.

ويضيف كلينك أن الرسالة الثانية هي "أن روسيا تريد أن تقول إنها ما زالت لاعباً مهماً وشريكاً لإيران، لا سيما أن طهران تورد الأسلحة والمعدات للقوات الروسية في أوكرانيا".

وتابع: "روسيا تحاول أيضاً، أن تُظهر للعالم أنه رغم الحرب التي تخوضها في أوكرانيا، فإنها ما زالت قوة عالمية، وإنه رغم عدم قدرتها على التحرك بحرية في البحر الأسود، لكنها قادرة على نشر أصول بحرية خارج المنطقة في المحيط الهندي وخليج فارس"، بحسب تعبيره.

ورغم أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية والغربية أضعفت إيران وروسيا وكوريا الشمالية، فإن هذه الدول لم تقف مكتوفة الأيدي، بل لجأت، بالتعاون مع الصين، إلى تعزيز تحالفاتها كوسيلة لمواجهة ما تسميه بـ"النفوذ الأمريكي العالمي".

ومن خلال شراكات غير مسبوقة تشمل تقاسم التكنلوجيا العسكرية والتمويل، يحاول هذا التحالف الجديد إعادة رسم خرائط النفوذ العالمي، ويضع واشنطن أمام تحدٍّ جدي "لم يكن متوقعاً" قبل عامين ونصف العام من غزو روسيا لأوكرانيا، فمنذ أن غزت روسيا أوكرانيا، تعمقت العلاقات بين طهران وموسكو رغم التحذيرات الأمريكية المتكررة.

اختبار جاهزية

يرى المحلل العسكري إسماعيل أيوب، أن مثل هذه التدريبات "تبعث برسالة إلى الدول الغربية بجاهزية الدول لأي أعمال قتالية".

وعلى الرغم من أن أيوب يرى أن هذه التمارين "دورية وهدفها الجاهزية القتالية من أجل حماية التجارة العالمية وأمن البحر، خاصة في ما يتعلق بإيران وروسيا"، فإنه يقول إنها ربما تحمل رسائل "بالنسبة لإيران حول أن بحريتها جاهزة في أي أعمال قتالية قادمة، والأمر ذاته مع روسيا التي تقوم بتمارين عسكرية مع الصين ومع دول أخرى".

ويشير في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن هذه التدريبات تؤكد "رفع الجاهزية القتالية، وأن تكون القوات البحرية جاهزة للتدخل في أي لحظة من أجل ما يسمى بحماية الأمن البحري وحماية التجارة والأمن القومي للدول".

وأضاف: "التمارين في العلم العسكري تهدف إلى اختبار جاهزية القوات القتالية والانتقال إلى حالة الحرب، وبعد الانتهاء منه يتم تقييم الوضع وتقدير موقف وإعطاء نتيجة لهذا التمرين إن كان ناجحاً أو فاشلاً، وما إن كان يحتاج إعادة هذا التمرين".

 تدريبات سابقة

لم تكن التدريبات الأخيرة هي الأولى التي تجمع روسيا وإيران تحديداً، ففي 14 مارس، أقامت الوحدات الإيرانية والصينية والروسية مناورات "الحزام الأمني ​​البحري المشترك 2024"، في شمال المحيط الهندي، بمشاركة الوحدات العائمة والطيران التابعة لبحرية هذه الدول.

بحسب تقرير لوكالة تابعة للحرس الثوري الإيراني، حينها، فإن "الغرض من إجراء هذه المناورات هو ترسيخ الأمن ومرتكزاته في المنطقة، وتوسيع التعاون المتعدد الأطراف بين الدول الثلاث، مع مندوبين من عُمان وأذربيجان وكازاخستان وباكستان وجنوب أفريقيا".

وتابعت: "كذلك فإن الهدف من المناورات هو إظهار حسن النية، وقدرة هذه الدول في اتجاه الدعم المشترك للسلام العالمي والأمن البحري، وخلق مجتمع بحري ذي مستقبل مشترك".

وشملت الأهداف الأخرى لهذه المناورات حينها، تعزيز أمن التجارة البحرية الدولية، ومكافحة القرصنة والإرهاب البحري، والإجراءات الإنسانية، وتبادل المعلومات في مجال الإنقاذ البحري، وتبادل الخبرات العملياتية والتكتيكية.